قال المحلل والكاتب الأردني المتخصص في الشئون الفلسطينية نواف الذروة ان زخم الاخبار والتقارير المتلاحقة عن التغلغل الاسرائيلي في العراق لم يدع مجالا للشك في ان مثل هذا التغلغل قطع شوطا كبيرا وخطيرا.
وينقل الذروة عن المسئولة العسكرية الاميركية السابقة في سجن ابو غريب جانيس كاربينسكي قولها: «ان اسرائيليين شاركوا في التحقيق مع المعتقلين العراقيين». وأكدت صحيفة «جمهوريت» التركية على لسان وزير خارجية تركيا عبدالله غول «وجود عشرات من عملاء المؤسسة الاسرائيلية للاستخبارات والمهمات الخاصة - (الموساد) - في شمال العراق»، في حين تحدث خبير امني اوروبي هو مولر عن «ان العراق تحول الى محطة مركزية من محطات الموساد في المنطقة». كل ذلك علاوة على تقارير كثيرة تحدثت عن حوالي مئة شركة اسرائيلية تغلغلت في العراق تحت تسميات مختلفة.
معطيات التغلغل الاسرائيلي الكبير الواسع الموثق في العراق تضعنا امام حقيقة خطيرة مرعبة تتعلق بأطلس الاحلام والاهداف الصهيونية في المنطقة، هذه الحقيقة التي يتعامى عنها كثير من العرب اما عجزا او جهلا او عدم اكتراث. فقد اعتبر اقطاب الصهيونية ان «ارض اسرائيل المعلنة»، هي تلك الممتدة من مصادر الليطاني وحتى سيناء، ومن الجولان حتى البحر، وقد خططوا لاستيعاب الملايين من يهود اوروبا الشرقية متقدمين في ذلك بمقولات ونظريات تمثل جوهر الفكر الصهيوني والرؤية الصهيونية. وفي هذا النطاق اكد، الاستاذ المحاضر في الجامعة العبرية «يسرائيل كولت»: «ان ارض اسرائيل الصهيونية بحسب النظرية الجغرافية والسياسية تلك الراسخة في الفكر او الواقع هي ارض اسرائيل الممتدة من مصادر الليطاني وحتى سيناء، ومن الجولان حتى البحر، وهي الوطن التاريخي لليهود الذي لا تؤثر فيه الحدود السياسية القابلة للتغير».
كما اكد استاذ الكيمياء في الجامعة العبرية سابقا البروفيسور «اسرائيل» شاحك هذا المضمون قائلا: «من الواضح ان السيطرة على الشرق الاوسط بأسره من قبل «اسرائيل»، هي الهدف الدائم للسياسات الاسرائيلية، وهذه السياسات يشترك فيها داخل المؤسسة الحمائم والصقور على حد سواء. ان الاختلاف يدور حول الوسائل: هل يتم تحقق الاهداف بالحرب، وهل تقوم بها اسرائيل لوحدها ام بالتحالف مع ولحساب القوى الأكبر، ام بواسطة السيطرة الاقتصادية».
واضح أن أطماع الحركة الصهيونية لا تقف عند حدود فلسطين العربية، بل تتجاوزها، كما تؤكد كتابات كثيرة في الادبيات الصهيونية، الى المحيط العربي، ويشدد الذروة في دراسة نشرها في صحيفة «الدستور» الاردنية على ان تلك الاهداف والاطماع لا تقف عند مسألة استكمال «الوطن الصهيوني الكبير»، كما اراده بن غوريون، بل تتعداها الى الهيمنة الشاملة على المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
لقد توجهت انظار زعماء الحركة الصهيونية والكيان الاسرائيلي ولاتزال نحو المحيط العربي، نحو مياه النيل، ونفط العرب والاسواق العربية. وتشكل تلك الاهداف والاطماع الاستراتيجية ثوابت اساسية لم تتغير، وهي تتجسد في المخططات والممارسات العدوانية التوسعية الاسرائيلية اليومية في فلسطين والعراق والمنطقة.
واستنادا الى مجمل المقولات والنظريات الايديولوجية والسياسية والامنية المذكورة، فقد نشأ وتطور الفكر السياسي الاسرائيلي الراهن بكل ما ينطوي عليه من سياسات ومواقف ولاءات واطواق تستهدف بالمحصلة تكريس واقع الاحتلال والاغتصاب والأطماع الاستراتيجية من جهة اولى، وتستهدف من جهة ثانية تصفية الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني في كامل ارض فلسطين كما تستهدف من جهة ثالثة تحقيق الأمن الاسرائيلي «المطلق» والهيمنة الاسرائيلية على المنطقة بأسرها، وما العراق بحسب جملة من الوثائق الاسرائيلية الاميركية سوى المحطة الاولى.
ما يقودنا في الخلاصة الى ان نضع خطوطا مشددة تحت اطلس الاهداف الصهيونية حقيقته التي تحدد مساحة «اسرائيل» - مثلا - بعشرين ضعفا، وتحدد مساحة المياه الاقليمية الاسرائيلية لتشمل - مثلا قبرص وتكريت وصقلية واجزاء من تونس ومعظم اسبانيا. ولتذكرنا كذلك دائما بمخططاتهم ووثائقهم التي «تتحدث عن مساحة هيمنتهم وامتدادهم ما بين النيل وبردى والفرات»
العدد 697 - الإثنين 02 أغسطس 2004م الموافق 15 جمادى الآخرة 1425هـ