لن أسيس كرة القدم فجميعنا فرحون بالنصر الذي تحقق لحد الآن، وأكثريتنا سيكون منشدًّا لمشاهدة المباراة اليوم مع اليابان (حامل اللقب الحالي) وفوزنا عليه - بإذن الله - سيوصلنا الى نهائيات كأس آسيا المنعقدة في العاصمة الصينية «بكين».
لست معلقا رياضيا لأن معلوماتي عن كرة القدم تنتمي إلى أيام سبعينات القرن الماضي، أيام «النسور» و«المحرق»، أيام حسن زليخ وأحمد سالمين ونظير الدرازي وفؤاد بوشقر وسلمان شريدة وحمود سلطان... بعد ذلك تنطفئ شمعة المعلومات الرياضية وندخل نفقاً مظلماً اسمه «أمن الدولة» ونمر بالثمانينات والتسعينات، وتختفي نجوم السماء لأن الدنيا كانت مظلمة ومغبرة، وتنطمر الرياضة كما انطمرت أشياء كثيرة...
لكننا نفوق مرة اخرى واذا بالمنتخب الوطني لكرة القدم «وطني» فعلاً، يقوده من يؤمن بالكفاءة أساسا للاختيار، ومن يؤمن بتدريب الكفاءات ويختار افضل اللاعبين الذين سيمثلون بلادنا امام لاعبي دول عريقة وكبيرة، ونحقق الانتصار الذي لم نتوقعه أخيرا، والجميع يدعو الله بمزيد من الانتصار مع مباراة اليوم.
اسماء جديدة تلمع وتصبح ابطالاً للوطن... محمد سالمين (المحرقي وابن احمد سالمين) اعتبره المراقبون الرياضيون افضل لاعب في المباراة الاخيرة، وهذا الشبل من ذاك الاسد... وعلاء حبيل (الستري) ينافس الآن اللاعبين الآخرين على لقب «هداف» الدورة، وندعو الله ان يحصل عليه في قبالة منافسه على اللقب من المنتخب الايراني.
الرياضة كانت ومازالت انعكاساً للسياسة، على رغم ان الرياضيين يطالبون بعدم تسييسها. فالاولمبياد في التاريخ القديم كانت الحلبة التي يتنافس فيها اللاعبون من دون الحاجة الى القتل والدمار، وهي في الوقت ذاته تعبير عن اللياقة والشطارة التي يمكن للانسان التوصل اليها عبر الكفاءة والتطوير المعتمد على ما هو كامن لدى الانسان.
نحن في مقابل الصين او اليابان، كيف نكون؟ نكون كذلك وننتصر لاننا - كبشر - قررنا ان نتنافس على اساس قانون واحد يحكم اللعبة، وعلى اساس حكم القانون (الحكم ومساعديه ومن يدعمهم من مؤسسات معنية بوضع اصول اللعبة)، وعلى اساس الاعتماد على الكفاءة، اذ لا مجال للواسطة والتمييز، لان الانسان سينافس الانسان الآخر من دون ظلم في القانون او في المجال المتاح...
اللاعبون لهم مشاهدون يؤيدونهم... والمشاهد يؤيد من «قلبه»، وهنا يدخل «الولاء» للفريق من باب الولاء للوطن، او الولاء للكفاءة، او الولاء للاشخاص اللاعبين، وفي بعض الاحيان تجتمع الولاءات كلها باتجاه فريق واحد وخصوصا عندما يشعر الشخص بالكرامة في وطنه، فيضع يده في يد أخيه المواطن ضمن روح متآخية تفرح لبعضها بعضاً في حال الانتصار، وتواسي في الاحوال الاخرى. وكل ذلك ينمو مع الاجواء السياسية الصحية وينعكس على كل شيء، بما في ذلك الاداء الرياضي
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 697 - الإثنين 02 أغسطس 2004م الموافق 15 جمادى الآخرة 1425هـ