أثارت خطبة الجمعة للشيخ عيسى قاسم قبل أسبوعين لغطاً بشأن موقفه من معهد «NDI» ومديره فوزي جوليد، وشكّك في طبيعة نشاطه السياسي، ووصفه بأنه ينفذ سياسة أميركية، واعتبر الحوارات والتمويلات التي يديرها مثار شك، داعياً إلى أن تنظم القوى السياسية حواراتها بنفسها.
على صعيد السلطة، تواردت الأنباء عن نية الحكومة إغلاق «NDI» لكونه غير مرخص، واعتبر ذلك خطباً لودّ قاسم بعد استخدامه نبرة قاسية ضد وزير العمل مجيد العلوي، وتهديده بإنهاء الحوار، لكن قاسم لم يجامل العلوي حتى مع وصف الأخير إياه بأنه أستاذه ويأتم به، فيما اعتقد البعض أن إغلاق معهد «NDI» خسارة، لما يقوم به المعهد من نشاط لتفعيل مؤسسات المجتمع المدني. ورأى طرف ثالث أن عدم ترخيص المعهد سيعطي المبرر للقوى السياسية بعدم التعامل معه لكونه غير مرخص. التباينات في الموقف من جوليد والمعهد، لا تخلو بعضها من حركة مصالح جراء الاستفادة المادية من معهد «NDI»، أما الجانب الأهم في الموقف من جوليد ومعهده، فهو موقفه من المسألة الدستورية وتقاطعاتها بين السلطة والمعارضة، على رغم أن نقاط الاختلاف بشأن جوليد ومعهده محل تأمل، ولكن ليس وقتها الآن. موقف جوليد من المسألة الدستورية موقف ترقيعي، وهو أشبه بالتخريجات السياسية التي لا يمكن لها أن تستقيم أمام حركة الصراع الدائر بين المعارضة والسلطة، وميزان القوى الجديد الذي فرضه دستور 2002، وأقصى مدى يمكن أن يصل إليه جوليد هو التعديل في نظام المجلسين، مع تغافل الصلاحيات الأكثر أهمية المقرة في دستور 2002، فهو لن يلتقي مع المعارضة، ولن يلبي طموحاتها، وإنما سينظم التوازنات السياسية لصالح السلطة مع الإبقاء على الانفتاح السياسي لضمان بقاء المصالح الأميركية، فهذا هو أقصى طموح المعهد، وأقصى ما تفكر فيه الإدارة الأميركية في حديثها عن الديمقراطية
العدد 696 - الأحد 01 أغسطس 2004م الموافق 14 جمادى الآخرة 1425هـ