العدد 696 - الأحد 01 أغسطس 2004م الموافق 14 جمادى الآخرة 1425هـ

هل يعود مير حسين موسوي من جديد؟

مع قُرب انتخابات الرئاسة التاسعة في إيران

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

جاء ترشيح مُجمَّع علماء الدين المناضلين (روحانيون مبارز) لرئيس الوزراء مير حسين موسوي (63 عاماً) مُفاجئاً للبعض ومتوقعاً للبعض الآخر؛ مفاجئاً لأن «روحانيون» (وهي الكتلة الإصلاحية الأقرب إلى نواة السلطة) أعلنت سلفاً عن ترشيح أمينها العام ومستشار المرشد الشيخ مهدي كروبي لمعترك انتخابات الرئاسة، لذلك فإن ترشيحها موسوي جاء مُغايراً للرغبة المُعلَنَة من قِبَلِها، إلاّ أن البائن هو أن تلك الخطوة ما هي إلاّ تكتيك حذر لاستحصال عدة أوراق مُهمّة لخوض المعركة، ويكون من البين أيضاً أن «روحانيون» تعي أن الرجل يحظى بشعبية نظيفة في ذاكرة الإيرانيين وفي أوساط المثقفين والقوى الدينية وبالتالي فإن فرصة فوزه في الانتخابات ستكون ميسورة الحال. كما أن فرص تخطيه الغربلة الدستورية (مجلس الصيانة) شبة أكيدة وتحصيل حاصل، بالإضافة إلى أنه يُلبّي جانباً كبيراً ومتوافقاً مع برامجهم الاقتصادية باعتبار أن موسوي هو مهندس اقتصاد الحرب وإيران لعقد كامل، وأعلن كروبي في تصريح لوكالة أنباء الطلبة أن حزبه سيجتمع إلى موسوي قريباً لكسب موافقته للترشح وخوض الانتخابات ممثلاً عن «روحانيون»، وأنه تقرر أن يُنتدب لذلك كل من آية الله محمد توسلي وآية الله محمود موسوي بجنوردي، وهما عضوان بمجلس خبراء القيادة بالإضافة إلى اللجنة المركزية لمجمّع علماء الدين المناضلين (روحانيون مبارز).

أما كيف جاء متوقعاً فلأن موسوي طُرِح اسمه قبلاً لانتخابات الجمعة 23 يوليو/ تموز 1997 قبل أن يتنحى لصالح مرشح التيار الإصلاحي المُجْمَع عليه سيدمحمد خاتمي، لكن اللافت بشكل مُريب هو التحفظ المكتوم الذي أبدته بعض أوساط جبهة المشاركة الإصلاحية المتطرفة خلال اجتماعاتها الخاصة في المؤتمر السنوي السابع للحزب الذي بدأ أعماله أخيراً إزاء دعم موسوي؛ فالأخير ذو توجهات متباينة جداً مع برامج وأجندة الجبهة، فهو أولاً مُعارض للتوجهات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وللعلاقة مع واشنطن، ومُعترض على السياسة الثقافية المأخوذة من الغرب، وما التأييد الذي أبدته الجبهة على لسان عضو الشورى المركزية لها علي شكوري عن دعم موسوي سوى خطوة في اتجاه عدم تفتيت الجبهة الإصلاحية وخصوصاً أنه لم تبق سوى ستة أشهر على بدء عملية تسجيل المترشحين.

في الجانب الآخر يبدو أن التيار المحافظ لديه عدة خيارات في ذلك أولها ترشيح أمين مجلس الأمن القومي الأعلى حسن روحاني، والخيار الثاني هو مستشار المرشد للشئون الدولية ووزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي، والخيار الثالث هو عضو مجلس الأمن القومي الأعلى ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق علي لاريجاني. وهناك أحاديث غير مُؤكَّدة تتحدث عن ترشيح رئيس بلدية طهران أحمدي نجاد، وكذا أحمد توكلي الحائز على ثاني أعلى نسبة من الأصوات في انتخابات المجلس النيابي السابع.

المهم من كل ذلك التوصيف هو أن موسوي قد يكون الأوفر حظاً للفوز في حال موافقته على ذلك، وإذا فاز فسينعكس ذلك على لعبة التوازنات الداخلية والخارجية، فداخلياً يُمكنه أن يلعب دور الرئيس الإصلاحي الذي يمسك الدفة من مكانها الصحيح من دون أن تكون لديه حراجة من غالبية ما تُعيّره بوجودها القوي لتفرض عليه معادلتها في السلطة التنفيذية، وعلى رغم أن الرجل هو الآن رئيس لجمعية فنون تشكيلية تهتم بالفن (وهي هوايته) فإنه لم يبتعد كثيراً عن هموم الدولة وأجهزتها، إذ كان - ولايزال - عضواً دائماً لعدة سنوات في مجمع تشخيص مصلحة النظام بأمر من الإمام الخامنئي، وهو ما أتاح له فرصة مراقبة الوضع العام في الساحة الإيرانية، حيث حقبة الصراع وحرب الاستقطاب بين الإصلاحيين والمحافظين، وهو يعي حقيقة التوازنات ومكامن القوى في النظام باعتبار أن المَججْمَع هو الجهة التي تمرّ عليها أدق تفاصيل الحوادث والوقائع، بالإضافة إلى أنه كان مستشاراً غير رسمي للرئيس خاتمي، كما ساهم في وضع اللائحة العامة لجبهة الثاني من خرداد بمعية محتشمي وهادي خامنئي قُبيل تشكلها.

على أية حال فإن المرحلة المقبلة ستكون حبلى بالحوادث وردود الأفعال في حال قَبِلَ موسوي العرض أم رفضه، لأن الساحة الإيرانية غير معنية في شدة ديناميكيتها وحيويتها الفوّارة برغبات الأشخاص أو همومهم الخاصة

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 696 - الأحد 01 أغسطس 2004م الموافق 14 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً