يلاحظ القارئ والمشاهد الواعي - سواء كان متخصصا أو متتبعا عاديا - للوضع السياسي لدولنا العربية بالذات أن أنظمتها وصلت من الرضوخ للضغوط الأميركية - في أغلب الأحيان - درجة بحيث لا تستطيع حتى أن ترفض القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة سواء بشكل فردي أو عن طريق مجلس الأمن الدولي. السودان ومشكلاته المتعددة والمختلفة أصبح اليوم أحد الأمثلة الواضحة على هذه الحقيقة المرة. فقد اتخذ مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي قرارا يلزم الخرطوم بحل أزمة دارفور ابتداء بنزع أسلحة المقاتلين العرب، «الجنجويد»، الذين يقاتلون إلى جانب الدولة ضد المتمردين هناك، وأن يفي بالوعود التي قطعها للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ووزير الخارجية الأميركي كولن باول. وأعلن المسئولون السودانيون مرارا أنهم يسعون لحل المشكلات المعقدة والمتشعبة، ولكن «المجتمع الدولي» لم يمهله لأن ذلك لا يحقق الهدف المنشود وهو التدخل الخارجي - الأميركي والأوروبي - في شئون السودان الداخلية للسيطرة على ثرواته بدءا بالنفط في دارفور، وكسر شوكة قوى أخرى في العالم العربي والإسلامي تقف عائقا أمام إحكام السيطرة الكلية عليه.
والمفجع في الموضوع أن السودان حاول بعد اتخاذ القرار أن يرفضه لمعرفته ومعرفة المتتبعين للشأن السياسي أن هذا القرار هو خطوة أخرى في طريق احتمال التدخل الفعلي في السودان، ولكنه تراجع عن رفضه وقبل القرار مرغما!
لأنه لا يستطيع أن يواجه المجتمع الدولي منفردا
إقرأ أيضا لـ "خليل الأسود"العدد 696 - الأحد 01 أغسطس 2004م الموافق 14 جمادى الآخرة 1425هـ