لا يعرف على وجه الدقة إن كان الوزير مجيد العلوي حصل على تفويض، من القيادة السياسية، للتفاوض مع الجمعيات الأربع أم لا.
باستثناء العلوي نفسه الذي يؤكد وجود التفويض، فإن مصادر رصينة تشكك في ذلك، وبعضها يمضي إلى ما هو أبعد، وينفي وجود غطاء قانوني/ سياسي للحوار، وأن العلوي كُلف فقط الاستماع إلى المقاطعين، وتقديم تقرير إلى جلالة الملك، لكنه «اجتهد»، بيد أن ذلك لا يحل الإشكال، ذلك أن الاجتهاد قد يكون مقبولاً من طرف السلطة، وإذا لم يكن، فقد حصل العلوي على «أجر واحد».
يستند المستبعدون لوجود التفويض إلى مفهوم كلاسيكي ومتداول، مفاده أن الحوار السياسي لا يمكن أن يتم إلا مع سياسيين كما حدث في السبعينات، عندما فاوضت السلطة ممثلة في الوزيرين يوسف الشيراوي وعلي فخرو النقابيين على خلفية الإضرابات العمالية، وليس ممثلين أمنيين كما حدث في فترة المبادرة في التسعينات، أو إداريين كما يحدث الآن.
لكن، يمكن للمراقب أن يسأل، إذا كان العلوي لا يملك تفويضاً، فكيف له أن يجلس أكثر من مرة مع المقاطعين، ويكتب محاضر... أين الحكومة إذاً؟
حتى مع الميل إلى عدم وجود التفويض، فإن من الصعوبة القطع بذلك، مع الإشارة إلى أن وجود التفويض لا يعني أن العلوي مخول بالمطلق. وإذا قيس الأمر على نواح أخرى، فإنها ليست المرة الأولى التي تترك فيها الحكومة «الحبل على الغارب» أمام وزرائها، «ليتخذوا ما يرونه مناسباً» داخل وزاراتهم التي تبدو أشبه بمملكة خاصة، ومن الصعوبة الحديث عن استراتيجية حكومية تجاه عموم الملفات. إذا اعتبرنا الملف الدستوري استثنائياً، ويصعب أن يترك لهوى الوزراء، فليس من المبالغة القول إن خيارات السلطة غير محسومة تجاه الحوار، فهي تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، دون أن تنسى أن تؤكد على أن «ضوابط الدستور لن تُكسر»، وقد تكون فقط هذه المقولة بينة عند السلطة
العدد 695 - السبت 31 يوليو 2004م الموافق 13 جمادى الآخرة 1425هـ