أعجب من موقف السلطة الفلسطينية مما يفعله الصهاينة، وأسأل نفسي: هل بقي شيء لم يفعله الصهاينة حتى تتحرك هذه السلطة دفاعاً عن الشعب الذي تدّعي قيادته؟!
وأعجب كذلك من موقف بعض العرب خاصة إخواننا في مصر، وأسأل نفسي أيضاً: «إسرائيل» رفضت - ومازالت - ترفض كل الحلول التي قدمها العرب والأميركان - على سوئها - ومع هذا كله فمازال موقف مصر لا يتفق مع مكانتها، بل مازال موقفها يميل إلى جانب الصهاينة على حساب إخواننا في فلسطين!
ويزداد عجبي أكثر وأنا أسمع اعترافات الصهاينة بقتل مئتين وخمسين جندياً مصرياً أسيراً بعد حرب 1967م بواسطة وحدة «شاكيد» الصهيونية، ومع هذا كله فالحكومة المصرية تهنئ الصهاينة على قيامهم باحتلال فلسطين وطرد أهلها منها العام 1948م.
«إسرائيل» قتلت جنوداً مصريين بعد العام 1967م، واستمرت تفعل ذلك مع بعض حرس الحدود، بل واتهمت بقتل علماء مصريين، ومع هذا كله فمازالت مصر العروبة تفتح ذراعيها لهم.
إن كل العقلاء في المجتمع العربي أكدوا أن الصهاينة لن يقدموا شيئاً للعرب مهما كان تافهاً، وأنهم يريدون أخذ كل شيء دون أن يقدموا أي شيء، وأنهم يستغلون العرب لكسب مزيد من الوقت لفرض واقع جديد في فلسطين بحجة المفاوضات وأهمية استمرارها بدون شروط!
ومع أن تصريحات الصهاينة شديدة الوضوح، ومع أن أعمالهم تؤكد ذلك إلا أن العرب - أو بعضهم - مازالوا يتحدثون عن المفاوضات، ومازالوا يمدون أيديهم إليهم، بل ومازالوا يحاربون المقاومة ويطالبونها بالتوقف فوراً!
«إسرائيل» وعلى لسان رئيس وزرائها ترفض وقف الاستيطان في القدس، وتؤكد أن القدس عاصمتها الموحدة، وبدأت منذ وقت طويل - ومازالت - باتخاذ كل الإجراءات التي تحقق لها ذلك.
«إسرائيل» رفضت كل المحاولات الأميركية لإيقاف الاستيطان في القدس ولو لبضعة أشهر، ومع هذا فثقة البعض فيها مازالت كبيرة!
«إسرائيل» قررت - وبدأت - بترحيل الفلسطينيين من بلادهم «الضفة الغربية» باعتبارهم دخلاء لا يحملون إقامات نظامية!
أرأيتم أعجب من هذا العمل؟! يطردون من بلادهم بحجة الإقامات الزائفة، ومع هذا فلم نرَ أي موقف عربي جاد تجاه الصهاينة!
«إسرائيل» احتفلت بيوم الاستقلال... ومصر العظيمة هنأتها بهذا اليوم! ولكن... ألم يتساءل الذين هنأوها: هل كانت «إسرائيل» محتلة؟! وعمن استقلت؟! وكيف؟!
أليس من العيب أن نهنئ الصهاينة على احتلال بلادنا؟! أنهنئهم على قتل الآلاف وتشريد أكثر منهم؟! هل هذه الجريمة تستحق التهنئة أم شيء آخر!
والسلطة الفلسطينية ماذا فعلت أمام ذلك كله؟! بل ماذا فعلت وهي ترى أن الجيش الصهيوني يدخل أراضيها فيقتل ويسجن ويدمر وهي صامتة؟! لا بل وهي تتعاون معه أحياناً!
السيد سلام فياض يتحدث عن مقاومة سلمية، وكأنه لا يعرف ماذا يجري في بلاده؟! كل همه أن لا يكون هناك مقاومة مسلحة تزعج الصهاينة... وكل همه زيادة محاصرة «شعبه» في غزة إرضاءً للصهاينة.
ويتطلع القوم نحو أميركا... وكأنهم لم يروا وعلى مدى سنوات طويلة أن أميركا لن تفعل شيئاً يزعج الصهاينة... كلام لا يقدم ولا يؤخر ولا شيء أكثر من ذلك.
الأميركان تثور ثائرتهم إذا توقعوا أن سورية قد ترسل صواريخ لحزب الله! هذا العمل يهدد أمن «إسرائيل»! يهددون بعمل كل شيء ضد إيران إذا لم تتوقف عن سلاحها النووي لأن هذا السلاح يهدد أمن «إسرائيل»!
ولكنهم مع «إسرائيل» في غاية اللطف والحنان، ومع هذا كله لا تستجيب لهم...
هل ألوم الصهاينة؟! هل ألوم الأميركان، أم ألوم الفلسطينيين خاصة وبعض العرب عامة؟!
يحتلون بلادنا فنشكرهم ونهنئهم!! يدخلون أرض السلطة يسرحون ويمرحون ولا نقول لهم شيئاً بل ونساعدهم أحياناً... علاقة البعض معهم على خير ما يرام... المقاومة يجب أن تتوقف - هكذا يقول بعضنا - أفبعد هذا كله نعجب مما يفعلون.
العيب فينا وليس في سوانا... هل بالإمكان أن نلتفت إلى أنفسنا أولاً؟!
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 2790 - الإثنين 26 أبريل 2010م الموافق 11 جمادى الأولى 1431هـ