العدد 2373 - الخميس 05 مارس 2009م الموافق 08 ربيع الاول 1430هـ

لبنان والبحرين قدّام باب السفارة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في افتتاح مهرجان «ربيع الثقافة» هذا العام، اختارت مجموعةٌ من الشباب اللبناني أن تبث همومها للجمهور البحريني، وباللهجة اللبنانية الدارجة، في مسرحيتها ذات الاسم الطويل: «قدام باب السفارة الليل كان طويل».

المسرحية تحكي عن البلد الذي يتفق فيه الفرقاء على كل شيء، ويختلفون أيضا على كل شيء. وهو الوضع الذي يجعل هذا البلد الجميل طاردا لأبنائه، فتضيق صدورهم عن العيش المشترك، فيتفرقون أيدي سبأ على قارات الأرض كافة... من آسيا وإفريقيا وأستراليا، إلى أوروبا والأميركتين.

لبنان مجمّع مذاهب وطوائف وأديان، يفخر دائما بأبوته لطوائفه الـ 17، ولأنه عجز عن توفير الأمن والمساواة لجميع أبنائه، فإن هؤلاء الأبناء أخذوا يلوذون بحضن الطائفة الأدفأ، وهذا هو سر عذابات ونزاعات لبنان.

مشاهد المسرحية مشحونةٌ بالحوارات بين أطياف هذا المجتمع المفتّت المنقسم على ذاته، فلم يعد لديه من أملٍ بالعيش المشترك إلا بالهجرة إلى الخارج. الهروب هو أسهل الطرق من مواجهة المشكلة، وهكذا يسرد 12 ممثلا في أحد مشاهد المسرحية دواعي الهرب، فمنهم من يريد أن يبني حياته، أو يواصل الدراسة، أو يبني مستقبلا، أو يكوّن بيتا كباقي خلق الله، أو يتزوج بفتاةٍ فنزويلية جميلة. ومنهم أيضا من يريد الخروج لأنه سيظلّ يحب لبنان أكثر عندما يعيش بعيدا عنه... فأي وطنٍ عاقٍّ هذا الذي يهرب أبناؤه من أحضانه!

على أن المسرحية تظلم اللبناني عندما تختصر أسباب الهجرة في الحروب، فاللبناني في أعماقه بدويٌ يحب الترحال، ليس من الثلاثينيات أو الخمسينيات، ولا حتى من ثمانينيات القرن التاسع عشر، بل منذ أيام الفينيقيين. فلا غرابة أن نجد ثلاثة أرباع الشعب اللبناني تعيش في المهاجر البعيدة... يحمل أحدهم عصاه ويركب البحر، فقد تلقيه السفينة على ساحل قريةٍ بالغرب الإفريقي، أو في أحد بلدان العالم الجديد، من كندا إلى فنزويلا أو الأرجنتين أو البرازيل.

الكلُّ يحلم، والكلُّ يرى الحل الوحيد في الهروب، فهذا بلدٌ لا يمكن أن يتصالح مع نفسه، وتضيع أصوات الأم وتحريضها على البقاء. وهكذا يطول وقوفهم أمام باب السفارة الأجنبية للحصول على تأشيرة دخول، للخلاص من جهنم الوطن... وصدق من قال: فوالله ما ضاقت بلادٌ بأهلها... ولكن أخلاق الرجال تضيق.

المسرحية تطرح موضوعا ثقيلا على النفس، وما خفّفه تلك المقاطع الغنائية المليئة بالأشجان والتعليقات الساخرة، والتي تفاعل معها الجمهور البحريني الذي اكتظت به الصالة، فأكثر من التصفيق بين مشهد وآخر. ولعل في خاطر كل بحريني أن يرى الممثل اللبناني كحامل التمر إلى هجر. إلى من تشكون همومكم؟ أنتم 17 طائفة... ونحن مجرد طائفتين. أنتم تتوزّعون على ثلاثة أديان، ونحن يجمعنا دينٌ واحد. أنتم أبناء عدة مذاهب ونحن أبناء مذهبين فقط. أنتم تؤمنون بعدة أنبياء... ونحن نؤمن بنبيٍّ واحد، وقبلةٍ واحدة، وقرآنٍ واحد... ومع ذلك يخرج من بيننا «نوابٌ» يفترض فيهم الرشد، فيتكلمون كـ «الزعران» فيشكّكون بعقائد مواطنيهم وولائهم وإسلامهم... حتى انتهت الحماقة والوقاحة بأحدهم إلى قذف الناس في أعراضهم وأنسابهم دون حياء!

يا سيدة نضال الأشقر... لقد كنتُ أولى منكِ بالدمعِ مقلة... ولكنّ دمعي في الحوادث غالي

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2373 - الخميس 05 مارس 2009م الموافق 08 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً