العدد 2373 - الخميس 05 مارس 2009م الموافق 08 ربيع الاول 1430هـ

الاتحاد الجمركي بين العربي والخليجي (1-2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

رحبت الرياض بالوفد المصري الذي وصل إلى هناك في مطلع مارس/ آذار 2009 لبدء المحادثات بشأن إمكان انضمام مصر إلى الاتحاد الجمركي الخليجي. وأفصح وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد، الذي يرأس الوفد المصري المشارك في محادثات الرياض أيضا، أن «مباحثاته مع المسئولين السعوديين ستركز على سبل الإسراع في تنفيذ قرارات القمة الاقتصادية العربية التي عقدت بالكويت أخيرا وخصوصا فيما يتعلق بإنشاء الاتحاد الجمركي العربي وتحرير تجارة الخدمات، موضحا أنه سيتم في هذا الإطار بحث انضمام مصر إلى الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي كخطوة عملية نحو الاتحاد الجمركي العربي».

وكي يعطي رشيد مباحثاته في السعودية المزيد من الثقل السياسي، أكد أنها «تأتي في إطار توجيهات الرئيس المصري حسني مبارك بضرورة التنسيق بين مصر والسعودية للإسراع في تنفيذ قرارات القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في دولة الكويت أخيرا من أجل زيادة قدرة الدول العربية على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ولمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، من خلال إجراءات فاعلة لتجنب مخاطر التأثيرات السلبية للأزمة على خطط التنمية في الدول العربية».

ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تحاول مصر نسج علاقات ثنائية بينها وبين دول مجلس التعاون الخليجي، ففي مطلع العام 2003، أعلنت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي أن «مصر ودول الخليج ستجري الجولة الأولى من المفاوضات عن فرص إبرام اتفاق لإقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين منتصف هذا الشهر (يناير/ كانون الثاني).

قد تبدو تصريحات رشيد في الرياض مقنعة ومنسجمة في آن مع ما تمخضت عنه قمة الكويت العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي اختتمت أعمالها في 19 فبراير/ شباط 2009 من قرارت في هذا الصدد، كامن من بينها المضي قدما في «اتخاذ الخطوات اللازمة لإقامة الاتحاد الجمركي العربي بدءا من العام 2010، على أن يتم الانتهاء من استكمال متطلبات التطبيق الكامل للاتحاد الجمركي بحلول العام 2015 مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من قبل الدول المؤهلة تمهيدا إلى السوق العربية المشتركة».

وذهبت القمة إلى أبعد من ذلك حين أكدت ضرورة «البدء في اتخاذ الخطوات اللازمة لإقامة الإتحاد اعتبارا من 2010، والانتهاء من استكمال كل متطلبات التطبيق الكامل العام 2015، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك تمهيدا للوصول إلى السوق العربية المشتركة... وفق التوقيتات المحددة في برنامج العمل لإقامة الاتحاد الجمركي العربي».

لكن الأمر الذي يثير الكثير من الاستغراب في تصريح الوزير المصري في الرياض، هو عدم انسجامه مع الدورالمصري في بناء الاتحاد الجمركي العربي، إذ إن المعروف عن مصر، أنها تمارس دورا عربيا رياديا، ومن خلال جامعة الدول العربية، ومنظماتها المتخصصة ذات العلاقة مثل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، يقود مساعي تشكيل «الاتحاد الجمركي العربي»، لكنها اليوم، ومن خلال هذه الخطوة، التي تأتي على نحو مفاجئ تتجه نحو علاقة ثنائية مصرية «جمركية خليجية»، تحاول جاهدة أن تغطيها برداء «الاتحاد الجمركي العربي»، من خلال ربطها، بشكل مفتعل مع قرارات قمة الكويت الاقتصادية الأخيرة.

لابد من التأكيد هنا، أن المنطقة العربية في أمسّ الحاجة إلى اتحاد جمركي، سواء كانت البدايات لذلك إقليمية: خليجية، مغاربية، متوسطية، أم كانت على دفعة واحدة، وعلى المستوى العربي الشامل، وذلك نظرا لما للاتحاد الجمركي من إيجابيات جمة على تطور التجارة البينية فيما بين دول المنطقة، ناهيك عن تسهيل حركة الأموال والمنتجات أيضا، ذلك لأن الاتحاد الجمركي وكما يقول مدير إدارة بوزارة التجارة والصناعة المصرية حسين عبدالمطلب الأسرج، يشكل «الإيجابية الأولى فى سلم التكامل الاقتصادى، حيث يعالج مشكلات مناطق التجارة الحرة باعتباره وسيلة للجمع بين مناهج تحرير التجارة ومناهج اتباع سياسات الحماية وزيادة قوة المساومة فى التجارة الدولية من خلال معدلات أفضل للتبادل التجارى، ولابد له وفقا لتعريف اتفاقية الجات من أن يأخذ فى الاعتبار إلغاء جميع القيود على التجارة الخارجية سواء كانت قيودا جمركية أو خلافه بين جميع الدول الأعضاء، وأن يقوم بتوحيد التعريفة الجمركية والتنظيمات الأخرى الخاصة بالتجارة الخارجية مع الدول غير الأعضاء».

وعلى المستوى العربي، وفيما يتعلق بمراحل خطة إنشاء الاتحاد الجمركي العربى، كان من المفترض بأن يكون العام 2009، هو عام نهاية المرحلة الأولى التي تمتد من 2006-2009 والتي يفترص أن يتم خلالها توحيد الرسوم الجمركية «بالنسبة إلى البنود التي لا تتجاوز فروقها عن المتوسط الأساس 10 في المئة منه». على أن تمهد هذه المرحلة للمرحلة الثانية 2010-2012، حيث يتم خلالها استكمال «توحيد الرسوم التي كانت فروقها بحدود 25 في المئة». أما المرحلة الثالثة والأخيرة 2013-2015، فهي مرحلة استكمال جميع أشكال التوحيد التي ينبثق بموجبها الاتحاد الجمركي.

وهناك الكثير من المبررات التي توجب انبثاق اتحاد جمركي عربي، ليس أقلها سد الحاجة العربية من الغذاء، إذ تصل واردات العالم العربي من الغذاء إلى ما يربو على 92 في المئة من احتياجاته الداخلية، الأمر الذي كان من شأنه تضخيم حجم الفجوة الغذائية الموجودة في العالم العربي والتي تقدرها الإحصاءات بنحو 15 مليار دولار

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2373 - الخميس 05 مارس 2009م الموافق 08 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً