كشفت صحيفة «فيلادلفيا إنكوايرر» الأميركية في تقرير لها من العاصمة العراقية، أنه على رغم اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين فإن حزب البعث يعود إلى العمل ويشن أعضاؤه هجمات على قوات الاحتلال الأميركي وقوات الحكومة العراقية المؤقتة المرتبطة بها.
وقالت الصحيفة إن العراقيين المخلصين لحزب البعث يرددون قسمهم في وضح النهار في اجتماعات سرية ويقومون بطلب تبرعات من أعضاء سابقين ويتحدثون في السياسة في أحد مقاهي بغداد يعرف باسم «مقهى الحزب». وفي الليل تقوم خلايا من هؤلاء الرجال بشن هجمات على قوات الاحتلال الأميركي وقوات حكومة علاوي، ويستضيفون حفلات بمناسبة عيد ميلاد صدام، وغير ذلك من العطل التي كانت مقررة في عهده، كما يحصلون على تقارير من المخبرين الذين لايزالون يرتدون بدلاتهم وربطات عنقهم من وظائفهم في الحكومة العراقية المؤقتة المدعومة من الولايات المتحدة.
وتضيف الصحيفة أن حزب البعث، الذي وصفته بـ «الحركة الاشتراكية القومية العربية» يصبح قوياً بوجود تكنولوجيا الكمبيوتر المتطورة، والتسلل على مستوى عال في الحكومة الجديدة والكثير من المجندين من آلاف العراقيين المسلمين السنة، وذلك طبقاً لمقابلات مع أعضاء حاليين وسابقين ومسئولين في الحكومة العراقية المؤقتة ومنظمات تحاول اجتثاث البعثيين السابقين. وهذا الحزب السياسي تحوّل إلى ملتقى لحركة مقاومة تشكل تحدياً خطيراً لحكومة علاوي المؤقتة.
واعترف علاوي الذي كان أحد كوادر البعث قبل تحوّله إلى معارض في الخارج، بأنه يجري محادثات مع أعضاء من نظام حكم صدام حسين المعتقل على أمل ضبط الوضع الأمني والفوضى السياسية، ولكنه يواجه قوة بجيوب عميقة وحلفاء في الدول المجاورة وتبرير للقتال طالما أن هناك 140 ألف جندي من قوات الاحتلال الأميركي في العراق. وقال المدير العام للجنة العليا لاجتثاث البعث مثال الألوسي والتي يشرف عليها أحمد الجلبي: «إن البعثيين يسرقون السلطة من الحكومة الجديدة وعملهم منظم وقوي».
ونقلت الصحيفة عن مسئولين في حكومة علاوي وعن جنود، معظمهم من الأعضاء على المستوى المتوسط، قولهم إن البعثيين يظلون في العراق إذ بدأوا في تدشين مواقع على شبكة الإنترنت وشكلوا خلايا مستقلة ويتصلون ببعضهم بعضاً خارج نطاق رقابة القوات الأميركية من خلال شبكة الاتصال بالكلام المباشر المعروف بالتنظيم الخيطي.
وتقول الصحيفة إنه ما من أحد يستطيع القول بتأكيد حجم التجسيد البعثي الأخير. وإن سرية المنظمة واضح حتى عندما يكون أحد مواقعها الرئيسية على الإنترنت إذ تظهر معلومات فجأة تبلغ المستخدمين كيف يمحون الموقع من ذاكرة الكمبيوتر. ويوزّع البعثيون في الشمال والغرب من العاصمة بغداد بحريةٍ قوائم بالأسعار للشباب العاطل عن العمل، وإن حرق سيارة هامفي أميركية أو تفجير قنبلة من صنع يدوي يمكن أن يكسبهم مئات الدولارات، وإن قتل جندي أميركي يجلب لهم ألف دولار على الأقل.
وامتنعت قوات الاحتلال ووزارة الخارجية الأميركية عن التعليق على البروز البعثي الجديد. وقال أستاذ بجامعة بغداد (52 عاماً) وهو بعثي سابق ان زملاءه الأميركيين اعتقدوا بصورة خاطئة أن إلقاء القبض على صدام حسين في ديسمبر/ كانون الأول الماضي كان النهاية لحركة البعث في العراق. وأضاف أنه بدلاً من ذلك، فقد كان ذلك هو الوقت الذي بدا فيه أعضاء الحزب في العراق المصالحة مع البعثيين الأقوياء في دمشق وعمّان. وكانت النتيجة عودة حفنة من الأعضاء العراقيين المنفيين البارزين إلى العراق، موضحاً أن هؤلاء أوجدوا منظمة بعثية جديدة تدعى «الإصلاح» التي عقدت مؤتمراً في لندن في الربيع الماضي، أكدت فيه على شيء واحد وهو أنه لا يوجد فرق بين حزب البعث والمقاومة، إنهما متساويان.
وتقول الصحيفة إنه بعد سنة من سقوط نظام صدام حسين تمت إعادة بناء حزب البعث كمنظمة مظلة لمجموعات المعارضة التي تدير مسلسل مقاومة الاحتلال من القوميين إلى المتشددين الإسلاميين، كما يقول الناطق باسم وزارة داخلية الحكومة المؤقتة صباح خادم، الذي أضاف أنه لا يوجد شك في أن البعثيين يظلون نشطين في العراق وهم يعدّون بـ «الآلاف»، إذ تكافح الحكومة المؤقتة لتعقب نشاطاتهم بسبب حل سلطة الاحتلال أجهزة المخابرات السابقة، وبسبب حقيقة أن البعثيين السابقين هم أكثر تدريباً وتنظيماً بكثير من عملاء حكومة علاوي. وقال خادم: «إن لدى البعثيين أسلحتهم ولديهم أموالهم ومازالوا في العراق».
وأشارت الصحيفة إلى أن المدن العراقية التي أصبحت تحت سيطرة تحالف إسلامي - بعثي هي الآن مناطق محظورة على الأجانب وخصوصاً الأميركيين، كما ذكرت الصحيفة أن الكثير من أعضاء الحزب السابقين أبلغوا مراسلها أنهم تلقوا زيارات في أواخر الليل من رفاق سابقين يطلبون منهم التبرع أو تذكيرهم بما تمتعوا به من امتيازات تحت حكم صدام حسين
العدد 737 - السبت 11 سبتمبر 2004م الموافق 26 رجب 1425هـ