استنادا إلى الكثير من المؤشرات يتوقع أن يزيد تمثيل العمالة الأجنبية في سوق العمل في البحرين. تتمثل الدلائل في قرار الحكومة الذي اتخذ حديثا بتسهيل عودة العمال المنتهية عقود عملهم إضافة إلى حصول العمالة الأجنبية على غالبية الوظائف الجديدة في القطاع الخاص فضلاً عن زيادة نمو الأجانب في عدد السكان. وفيما يأتي قراءة سريعة في الأدلة:
أولا، تسهيل عودة العمالة الأجنبية: قررت الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة منح العمال الأجانب العاملين في البلاد والمنتهية عقود عملهم حق العودة السريعة للعمل في البحرين. بحسب القانون السابق كان يتطلب من العمال الأجانب المنتهية عقودهم الانتظار لفترة تستمر لمدة عام في بعض الحالات قبل العودة إلى البلاد بعقود عمل جديدة. قامت الحكومة باستصدار القرار من دون استشارة القطاع الخاص ممثل بغرفة تجارة وصناعة البحرين فضلا عن البرلمان. يبقى أن الغرفة كشفت عن تحفظها على القرار وذلك بنشر مذكرة بهذا الخصوص. كما أبدى القطاع التجاري معارضته وذلك في ضوء تصريحات الكثير من التجار للصحافة المحلية تخوفا من أن يتسبب القرار في تسرب معلومات حساسة عن الأعمال للشركات المنافسة فضلا عن عدم استقرار العمالة الأجنبية وتسيبها. من جانبها لم تعلق وزارة العمل والشئون الاجتماعية على الموضوع برمته وكأن الأمر لا يهمها.
ثانياً، سيطرة العمالة الأجنبية على وظائف القطاع الخاص: تؤكد الأرقام أن الغالبية الساحقة من الوظائف الجديدة في القطاع الخاص تنصب في خانة العمالة الأجنبية. بحسب احصاءات وزارة العمل والشئون الاجتماعية فإن من أصل 25,232 وظيفة جديدة في العام 2003 حصل العمال الأجانب على 20,438 وظيفة أي 81 في المئة من المجموع. أيضا بحسب أرقام الوزارة شكل الأجانب تحديدا 68,3 في المئة من مجموع وظائف القطاع الخاص في العام الماضي مقارنة بـ 66,4 في المئة في العام 2002. المعروف أنه لا يمكن الاعتماد على وزارة العمل فيما يخص التوظيف في القطاع العام نظرا إلى عدم نشرها أرقام العاملين في المجال العسكري والأمني.
في المقابل يمكن الاستعانة بالدراسة التي أجرتها مؤسسة ماكينزي الأميركية عن إحصاءات العمالة للعام 2002 والتي أشارت إلى أن حجم الوظائف المتوافرة في الاقتصاد البحريني للقطاعين، الخاص بلغ 305,000 وظيفة موزعة على الشكل التالي: 198,000 للأجانب و107,000 للبحرينيين. كما أشارت بشكل غير مباشر إلى ظاهرة العمالة الأجنبية السائبة أو ما يعرف بـ «الفري فيزا»، إذ لاحظت أن 45 ألف أجنبي غير مسجلين بطريقة صحيحة.
ثالثا، النمو السكاني للأجانب: بلغ عدد السكان في البحرين في العام 2003 نحو 689 ألفاً شكل الأجانب نحو 261 ألف فرد أي 38 في المئة من السكان. تاريخيا شكل الأجانب نحو 17 في المئة من السكان في العام 1950 وارتفعت النسبة إلى 32 في المئة في العام 1981 ثم إلى 37 في المئة في العام 1993. فيما يخص النمو السكاني للعام 2003 بلغت نسبة النمو لدى الأجانب 2,9 في المئة مقارنة بـ 2,4 في المئة للمواطنين ومتوسط قدره 2,6 في المئة أي كان للأجانب دور مهم في النمو السكاني.
ختاما يبدو جليا أن الأهمية النسبية للعمالة الأجنبية في تصاعد مستمر الأمر الذي يتناقض مع السياسة الحكومية المعلنة والتي تتمثل في احلال العمالة المحلية محل الأجانب حتى يتسنى القضاء على معضلة البطالة في أوساط البحرينيين والتي تبلغ 15 في المئة
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ