العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ

بشارة: الازدواجية بين الحداثة ومعاداتها ستحطم الوطن العربي

مشدداً على دور التيارات في طرح البديل

أكد النائب الفلسطيني في الكنيست الإسرائيلي عزمي بشارة، في حوار مفتوح جمعه بالجمهور مساء الخميس الماضي، في جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي - أن «الازدواجية الحاصلة في الوطن العربي بين الحداثة والسير في ركب الولايات المتحدة وما يتبعها من إصلاح وتحديث حسب الأجندة الأميركية، وربط مفهوم الديمقراطية والإصلاح بالعمالة الأميركية، أومعاداة الحداثة عبر موقف غيبي شمولي معاد للتحديث والحداثة، ومتمسك بالثوابت الوطنية والقومية، ستفتت المنطقة وتحطمها تحطيما، إذا لم تستطع التيارات التي تحمل فكرا تقدميا وقوميا وديمقراطيا تاريخيا أن تطرح البديل لدخول التمسك بالموقف الوطني والقومي، وتنظيم المجتمعات وفق أساس حديث، وعدم التفريط بذرة من السيادة الوطنية»، مشيرا إلى «عدم ترك الموقف الديمقراطي والإصلاحي للفئات المرتبطة بالولايات المتحدة، فالأولى القيام بإصلاح بموجب أجندة وطنية وقومية، وليس بموجب أجندة أميركية وهي مهمة تاريخية باعتقادي تواجهنا في هذه المرحلة».

وأضاف «مهمتنا جميعا أن نتعامل مع الانقسام الجديد الخطير على الساحة العربية، كتحد أكبر أمامنا في المرحلة الراهنة، وكلنا نكتب بهذا الاتجاه وبعضه غير متبلور كتيار، ونحن على الأقل حاولنا بلورته كتيار بداخلنا، وهناك مهمة أساسية لبلورته كتيار ليس فقط على الساحة الفلسطينية وإنما الساحة العربية أيضا، ولا أريد أن أسميه التيار الثالث وإنما التيار الأول لأنه باعتقادي سيكون تيار الغالبية العربية الصامدة مستقبلا».

وعند سؤاله عن أجندة شارون بالنسبة للقضية الفلسطينية أجاب بشارة «يتجه شارون نحو تصفية القضية الفلسطينية» وتساءل «هل التصفية تعني النقل؟ لا أعتقد ذلك، فهناك إجماع دولي وحتى إسرائيلي على مفهوم الدولة الفلسطينية، وهذا هو أساس التصفية، وقد يبدو هذا الكلام متناقضا، ولكن كلما سمعت بوش يتحدث في كل خطاباته أنه أول رئيس أميركي قبل بمفهوم الدولة الفلسطينية، أو يريد دولة فلسطينية، أشعر بأننا أمام مشروع تصفية متفق عليه».

وأوضح «شارون طرح هذا الكلام قبل بوش بسنة كاملة في خطابه في (لاترون) العام 2001، ومنطلق مفهوم الدولة هو الفصل الديمغرافي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ يتم التخلص من القضية الفلسطينية دون حلها بمعنى التخلص من الفلسطينيين كخطر ديمغرافي على (إسرائيل)، وهو ما يدفعها للتحول إلى دولة تشبه جنوب افريقيا، ونموذج الأخيرة انتهى بحل قائم على المواطنة المتساوية وانتهت الطبيعة البيضاء لجنوب افريقيا. هناك خوف في (إسرائيل) من أنها إذا بقيت مسيطرة على الضفة الغربية وقطاع غزة على المدى البعيد فسينشأ وضع للانفصال غير ممكن وتتحول (إسرائيل) إلى دولة ثنائية القومية وليست دولة يهودية».

واستطرد «الصراع الحالي يجري على التخلص من الفسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة دون تحقيق حل عادل، وهو ما يرمي إلى فرض تسوية إسرائيلية من طرف واحد، عبر إقناع الفلسطينيين بأن يحصلوا على دولة، أو على الأقل تسمية دولة، مقابل أن يتنازلوا عن حق العودة وعن الانسحاب لحدود الرابع من حزيران وإزالة المستوطنات والقدس، ما سيعني أنها في هذه الحال ستتحول إلى بروتستانت كجنوب افريقيا».

وأردف «إذا لم يقبل الفلسطينييون بذلك، فإن شارون مقبل على الاقتناع بأن الفلسطينيين لن يقبلوا بهذا الحل، وعندها سيرى أن الاتفاق يجب أن يفرض من طرف واحد، وكل تفسير آخر مغاير لهذه الخطوة يعبر عن ضحالة في فهم المجتمع الإسرائيلي، وكأنما الانسحاب الإسرائيلي اندحار أو مؤامرة، والحقيقة أن الانسحاب الإسرائيلي من غزة من طرف واحد، يرافقه فرض للحدود في الضفة الغربية من طرف واحد، ويؤدي في النهاية إلى فرض كيان سياسي فلسطيني، بحدود تفرضها إسرائيل».

وقال «الآن يأمل شارون مع مرور الوقت في دمج التصعيد العسكري العنيف ضد الشعب الفلسطيني بالإغراء الكامل لبعض النخب الفلسطينية، لإقامة كيان وطني فلسطيني، وهنالك احتمال تصعيد في الصراع على الساحة الفلسطينية تحت شعارات الإصلاح».

وانتقد بشارة بعض التيارات التي تمارس مهماتها القومية والوطنية دون وجود برنامج محدد فقال «كيف لي كتيار قومي أمارس موقفاً عروبياً مما يجري على هذه المنطقة، إذا لم يكن لدي برنامج وطني محلي، وكيف يمكن لي أن أطرح قضايا قومية على المستوى القومي العام إذا كانت قاعدة التيار القومي في بلدي ظالمة، فالتحدي الأساسي أمام القوى القومية والديمقراطية واليسارية هوأن يكون لديها برنامج ديمقراطي لبلدها، ومنه تستنتج العمل القومي المشترك بمعنى أن العمل القومي لمحاولة بلورة رؤية مشتركة بين التيارات لها قاعدة شعبية في بلادها، وليس كما هو حاصل عند بعض الزملاء القوميين العرب القدامى، الذين يجتمعون مرة واحدة في السنة ليبحثوا قضايا الأمة بأكملها وليس منهم من لديه برنامج معين».

وأشار إلى أن «أكبر ضرر ممكن أن يحدث للفكر الديمقراطي في أن يكون تعليم الديمقراطية، وتعميم التحديث والحداثة بين الجماهير هو فصلها عن القضية الوطنية، فترشيد عملية الإنتاج والإدارة وكلما يندرج تحت اسم الإصلاح هو أجندة غربية مرفوضة، وبعيدة عن القضية القومية والوطنية، وهي أخطر ما يمكن أن يحدث فغالبية من يسيء للديمقراطية هم مدعوها والذين يخرجون عبر وسائل الإعلام، ويتخذون مواقف معادية للوطنية والديمقراطية، ويسيئون لها لأنهم يسعون لتنفير الجماهير من الموقف الديمقراطي، ويعتقدون أن الموقف الديمقراطي شيء مستورد».

وبالنسبة للهيمنة الأميركية على الوطن العربي وإحتلالها للعراق وتشجيعها للاحتلال الأميركي قال بشارة «الولايات المتحدة لا تريد منا أن تكون إمبراطورية فقط بل أن تتصرف كأمبراطورية وهذا يتقاطع مع ازدياد قوة اللوبي الإسرائيلي بشكل يحدث إرباكاً في الوطن العربي بخصوص من هو المسيطر أكثر في السياسيات الأميركية، وأنا مازلت أعتقد أن المسيطر الأساسي في المعادلة الإسرائيلية الأميركية هي الولايات المتحدة، وفي النهاية القوة الأساسية هي الأمبراطورية الأميركية دائما، ولاشك أن جدول أعمال هذه المنطقة يتقاطع مع جدول الأعمال الإسرائيلي وتشوبه عناصر غيبية، ذات علاقة بالدين والمنشأ والثقافة المشتركة، والذي أسميه بالفقه السياسي الذي يجمع بين الإسرائيليين والاستيطان الأميركي، والذي يولد مصطلحات سياسية مشتركة لفهم العالم، وهو يحتاج لعمل حفريات في المعرفة لكي نرى أين القوالب الفكرية المشتركة، بين الاستيطان الصهيوني والاستيطان الأميركي، التي تولد لغة مشتركة وليست مصالح مشتركة فقط، فبعض عناصر اللغة المشتركة هي عناصر غيبية، وأعتقد أن القوى الوطنية والقومية والتقدمية في الوطن العربي تقع في التباس شديد لأن العداء لأميركا في المنطقة، لا يتم فقط من منطلقات مختلفة».

ومضى قائلا «نحن لا نبحث في المنطلقات في السياسة، ولكن الأهداف هي التي تهمنا، فإذا كان منطلق الصراع مع الولايات المتحدة هو صراع ثقافي حضاري، فأنا أقول ان القوى التقدمية والوطنية والقومية ليست جزءا من هذا الصراع، ولا يجب أن نفكر بأن الصراع بيننا وبين الولايات المتحدة هو صراع حضارات، وأتصور أن هذا موقف عنصري وموقف عنصري أميركي في الأساس، يفرض علينا نظرية تقول إن هذا هو صراع حضارات، بمعنى يكثف الحضارات لتصبح بديلا لصراع بين الأعراق عشية الحرب العالمية الثانية، ونظرية العرق أخرجت من التداول الدولي ودخلت محلها نظرية الحضارات التي تجمعنا في حضارات متصارعة ليس لها نهاية، وتفرض علينا عقلية يفترضها الأميركيين لتكسير الحضارة الإسلامية، فيصبح من المفروض علينا تفسير معين للحضارة الإسلامية»

العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً