مقترح كتلة الأصالة بتشكيل لجنة عليا لتطبيق الشريعة الإسلامية، هو نسخة مطورة من مقترح «هيئة الأمر بالمعروف» الذي تقدم به النائب السلفي المستقل جاسم السعيدي، وتم رفضه من قبل اللجنة التشريعية ووافقت عليه وزارة الشئون الاسلامية، ويجب هنا طرح الأسئلة التالية على الحكومة ومقدمي الاقتراح:
أولا: أثار مقترح السعيدي الأول اللغط حوله، كونه مصدراً لتقييد حريات الناس، لكن الإثارات لم تصل إلى الإشكال الفعلي على مقترحي السعيدي والأصالة حاليا. والسؤال الكاشف عن التوجه السياسي المخيف للمقترحين: لمن ستكون القيمومة في تطبيق هذا المقترح؟ هل لتيار السلف وحده، أم سيشرك معه العلماء من أبناء الطائفتين الكريمتين؟ الواضح أن المقترح لا يشير إلى هذه الثنائية، وهذا أخطر ما فيه، لأنه سيحوّل الهيئة إلى أداة من أدوات التسلط السياسي المتنفذ داخل أجهزة الدولة باسم الدين، على غرار الامتيازات الأخرى المقدمة لهذا التيار.
ثانيا: لو فرض وأشرك علماء الدين من الطائفتين، فمن هم المختارون للهيئة المذكورة؟ الواقع العملي يقول: إن الامتيازات القديمة التي قدمت لأطراف لا تمت إلى الناس بصلة بمقدار ما تحمل من ولاء لأطراف في الحكم ستحرك حركة التعيين في هذه الهيئة بعيداً عن الكفاءة أو تقبل الناس لهم ولدورهم، كما هو حاصل في بعض مواقع القضاء الشرعي أو الأوقاف الجعفرية.
أخيرا: وجود هيئة يشترك فيها علماء الطائفتين ضرب من ضروب المستحيل، فالرموز الدينية في الطائفة الشيعية لا يقرون مشروعات أقل شأناً من هذا المشروع، ولا يشتركون فيها، ومنها قانون الأحوال الشخصية والدخول في سلك القضاء لحساسيتهم من تسلّط الدولة عليها، وفي هذا المشروع؛ فالاختلاف أوضح وأشمل للاختلاف في معايير فهم الدين، أما ترجيح الخيار الأول، فهو من باب التسلط الديني والسياسي على شعب البحرين بكل طوائفه، من دون أن يكون لتيار السلف سلطة فعلية عليه
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 735 - الخميس 09 سبتمبر 2004م الموافق 24 رجب 1425هـ