العدد 735 - الخميس 09 سبتمبر 2004م الموافق 24 رجب 1425هـ

استجابات على الطريق الصحيح

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في خطوةٍ مبشرةٍ بإمكان حدوث تحوّل إيجابي في المواقف «المحافظة» التي تتخذ أحياناً بصورة مسلم بها، حدثت استجابة محدودة ومحمودة من قبل محافظتين من المحافظات الخمس بشأن توزيع المساعدات التي تم توزيعها على الأسر المتضررة من جراء انقطاع الكهرباء يوم الاثنين الأسود. وكان التصرّف التلقائي الذي تعوّد عليه الناس في مثل هذه الأوقات أن يعطى للتغطية الإعلامية دور كبير لإبراز أعمال المساعدة الطبيعية في مثل هذه الظروف.

طبعاً من شأن من يتبرّع بمبلغ من المال أو بمواد عينية أن يطالب ببعض التغطية ليكون تحت الأضواء، فنحن في عصرٍ اختلطت فيه أعمال البِرّ والاحسان بفنون الإعلام والدعاية والعلاقات العامة، ولكن ما اعترضنا عليه الاسبوع الماضي في هذه الزاوية أن يجبر الفقراء والمحتاجون على التجمع أمام الصناديق أو الجمعيات الخيرية، وكثيرٌ منهم من كبار السن، ليتم تصويرهم وعرضهم في التلفاز والصحافة، وهم يتسلمون كوبونات بمبلغ 35 ديناراً، و«اللي يبي يبي، واللي ما يبي كيفه»!

كتبنا رأينا المتحفظ والانتقادي على هذه الطريقة غير المناسبة، وكان المعنيون في المؤسسات الاجتماعية المذكورة متردّدين بين المقاطعة والمشاركة في هذه العروض التي لا تكفل كرامة المحتاج والفقير، في عرضٍ أقرب للتشهير. وتلقيت بعدها اتصالات من بعض الصناديق تعبّر عن اتفاقها على المبدأ، وخصوصاً بعدما سبّبه لها التوزيع من إحراجات مع الأسر الكثيرة التي تعولها. وبادر أحد الصناديق الخيرية للتعبير لمحافظ العاصمة أو نائبه، عن تحفظه على الطريقة، فطلب بدوره كتابة رسالةٍ رسميةٍ تتضمن هذا الأمر، وتمت الاستجابة لذلك بتسليم الصندوق كوبونات المساعدة للأسر المحتاجة ليتولى توزيعها على هذه الأسر بعيداً عن الضجة المفتعلة وغير اللائقة والتي تمسّ نفسية وكرامة الفقراء في الصميم.

الاستجابة الايجابية ذاتها تلقاها الصندوق من المحافظة الشمالية بعد الحديث مع المحافظ. ما جرى يكشف لنا أن هناك من يستمع القول فيتّبع أحسنه، ولا يتعامل مع الصحافة على أنها عدوٌ متربصٌ بأخطاء المسئولين. كما يكشف ما جرى أيضاً أن هناك ممارسات خاطئة اعتدنا عليها لكثرة ما شاهدناها، وساهم الإعلام أيضاً - صحافة وتلفازاً وإذاعة - في تكريسها طوال العقود السابقة، فأصبح من الصعب انتقادها أو الاقتراب منها، فإذا تجرّأ أحدٌ على إعادة النظر فيها اتهم بشتى الاتهامات، أهونها «سوء الأدب» مع الكبار! ومع ذلك فإن هذه الممارسات الخاطئة الراسخة هناك إمكان لتصحيحها، متى ما صدقت النية، وكان رائدنا حفظ مصلحة المواطن وصيانة انسانيته وحفظ كرامته.

كلمة أخيرة، لو وجدت هيئة تمثل كل الجمعيات الاسلامية والصناديق الخيرية، لكان بالامكان تبني مثل هذا الموقف الانساني النبيل بشكل جماعي، يعبّر عن رغبة أهالي البحرين كافة، ويوفّر المعاناة على تلك الأسر في محافظات البحرين، التي تم جمعها زرافاتٍ لتلقي الكوبونات، لننقل للعالم على الهواء مباشرة، من دون أن نشعر، حال الفقر في البلد.

نتمنى ألا يتكرر ذلك، ونأخذ الدرس مما حدث، فهدفنا رفعة هذا الوطن، ورفعة رأس المواطن في هذا البلد على الداوم. ولنا ثقة بأمثال هؤلاء المحافظين للاستجابة للرأي الصواب

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 735 - الخميس 09 سبتمبر 2004م الموافق 24 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً