مازال وزير الإعلام (بوعبدالله) ملتزماً الصمت تجاه الأسئلة التي وجهتها إليه في صميم عمل وزارته، وهذا الصمت يثير الأسئلة والفضول لدى العامة والخاصة. فهل سكوته وصمته عن الأسئلة التي أثرتها في الصحافة قبل نحو أسبوع يعني الرضا والقبول، استناداً إلى المبدأ القائل «السكوت علامة الرضا»؟ أم أنه سكوت مريب - والريبة هنا تثار حول رد فعله - وهل لديه إجابات، وإذا وُجدت فهل سيرُّد الآن أم بعد برهة، أم أنه لم يقرر بعد وأنه حسم الأمر وقضى بحرمة الرد، على الأقل في الوقت الحاضر؟ والاحتمال الأخير أن يكون صمت الوزير هو ذلك الصمت الذي يخيّم على الكون قبل أن تهب العاصفة، فلذلك يسمى «الصمت الذي يسبق العاصفة». وهذا الصمت خطير جداً، لأن الوزير أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يرد بتبرير المخالفات والتجاوزات وبعدم علمه بها، وإما أنه سينفض الغبار عن ملف الفساد بكامله في وزارته العتيدة، وهذا ما أشك فيه، إلا إذا قرر أن يكون ذلك بطريقة شمشون الجبار «عليّ وعلى أعدائي».
الأمر يا أبا عبدالله بحاجة إلى شيء من الجرأة وشيء من الاقتناع، فحاول أولاً أن تتذكر أننا في عهد الإصلاح السياسي، ضمن مشروع جلالة الملك (حفظه الله)، المدعوم والمؤيد من قبل صاحب السمو رئيس الوزراء وصاحب السمو ولي العهد الأمين. وإذا أخذتك الذاكرة قليلاً إلى التاريخ الذي صوّت الشعب فيه بإجماع شبه تام على الميثاق، فإنك ستقرأ في الميثاق ما يشير إلى عهد جديد، عهد الديمقراطية وعهد الشفافية، وعهد إلغاء القيود على حرية التعبير والنشر. أما منع بعض الصحف نشر أسئلتي فهذا يضر بكم قبل الإضرار بنا. لذلك، فإنني أدعوكم إلى فتح أدراجك في مكتبكم العامر وإعادة قراءة التقارير التي بين يديكم ومراجعة كل المخالفات والتجاوزات وحالات الفساد، سواء كان ذلك في هيئة الإذاعة والتلفزيون أم في إدارة السياحة أم في إدارة الثقافة أم في غيرها من الإدارات والأقسام، فقد يقع برج التلفزيون (الله لا يقوله) مرة أخرى وتنفضح الأمور وينكشف المستور.
هناك الكثير من الناس يودون للوزير الخير، وأنا أحدهم، لكن تعاطف الناس يبدأ عندما يتم إماطة اللثام عن المخالفات والتجاوزات وحالات الفساد، وعندما لا يتم الخلط بين المصالح الخاصة والمصالح العامة، وعندما يؤخذ بتوصيات شركة التدقيق بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وعندما يمنع أحد المستشارين من أن يستعين بأحد العاملين في شركة التدقيق المعنية من إعداد حسابات آخر العام مقابل مبلغ من المال، فهذا لا يجوز مهنياً ولا أخلاقياً. وكذلك لا يجوز إخفاء التقارير عن التجاوزات، ولا يجوز كذلك أن ترى التدهور الحاصل في وضع مؤسسة من أهم مؤسسات الدولة وواجهتها (الإعلام) في زمن الإصلاحات السياسية، التي على وزارة الإعلام أن تكون حاضنتها الأساسية. وهذه إساءة في حق مملكة البحرين، وهي تجلس مع أكب رقوة عظمى على الكرة الأرضية لتوقيع اتفاق التجارة الحرة معها، بينما وزارة الإعلام تعاني مما تعانيه من فشل ذريع في مواكبة التطورات السياسية والاقتصادية في المملكة وعلى الأصعدة كافة.
إن ما نأمله هو التوقف عن التباهي في الجلسات الخاصة والعامة بالعطايا الخاصة التي يتم الحصول عليها، وبأنها خير دليل على البقاء الخالد في الوزارة. وكذلك عليكم أن تفتحوا القنوات مع الناس وتفسحوا لهم مجال التعبير، حتى لو وجهوا النقد إليكم أو إلى الوزراء الآخرين. إن هذا الجهاز الجبار الذي بين يديكم يجب أن يُفعّل ليواكب الإصلاح السياسي والاقتصادي/ الاجتماعي، وان الإمكانات المتوافرة لدى وزارتكم بما فيها الموازنات السنوية التي تصرف على برامجكم ومشروعاتكم ليست بالقليلة، ويجب أن تستغل بشكل يعيد إلى البحرين دورها ومكانتها
إقرأ أيضا لـ "يوسف زين العابدين زينل"العدد 734 - الأربعاء 08 سبتمبر 2004م الموافق 23 رجب 1425هـ