الورقة الاستشارية التي أصدرتها مؤسسة نقد البحرين إلى المصارف والمؤسسات المالية العاملة في المملكة والتي حددت فيها من ضمن أمور أخرى تقليص عدد المناصب الإدارية العليا لبعض المسئولين هي عين الصواب، وكنا طالبنا من قبل وعبر هذه الزاوية بحل هذه المعضلة لأنه لا يعقل أن شخصاً ما حتى لو امتلك مؤهلات كثيرة أن يتحمل مسئولية في 10 أو 20 شركة ومؤسسة على رغم وجود أكفاء من أبناء البحرين يمكنهم القيام بهذه المسئولية. والسؤال هو: كيف يمكن لهذا «العبقري» أن يوزع أوقاته المحدودة جدا لتشمل كل هذه المؤسسات وهل يعمل بإخلاص لهذه المؤسسات والشركات أم أن همه فقط هو تسلم المكفآت في آخر العام، والتي بعضها تكون سمينة جدا على حساب الآخرين، الذين قاموا بالعمل نيابة عن بعض الأسماء اللامعة التي لاتزال تتربع على عرش بعض هذه المؤسسات؟! حتى أن البعض اشتكى من أن أشخاصا وبعضهم غير مؤهلين هم أعضاء أو مشاركون في نحو 22 شركة ومؤسسة! بل ويعملون على ضمان أن تجدد لهم العضوية عند انتهائها حتى لو لم يكونوا قادرين على تحمل مسئولياتها.
الورقة التي حددت ثلاث مؤسسات مالية ومصرفية على الأكثر هي في الحقيقة معيار دولي يهدف إلى إعطاء كل ذي حق حقه وتوزيع المسئوليات، ويجب تطبيقها بحزم ليس فقط على المؤسسات المالية والمصرفية، وإنما على جميع الشركات حتى في القطاع الخاص لأن ذلك من الخطوات العملية التي يجب اتخاذها لحماية الشركات والممتلكات الخاصة والعامة، وكان يجب أن نطبقها منذ سنوات، ولكن مهما يكن من أمر فإن من الأهمية تطبيقها بسرعة وخصوصاً أن المملكة مقبلة على فترة ازدهار اقتصادي وانفتاح السوق بعد توقيع اتفاق التجارة الحرة الشهر الجاري. كما أن الفصل بين رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي والعضو المنتدب يصب في مصلحة المؤسسات والشركات لكي لا يتحكم شخص واحد في مصير مؤسسة وخصوصاً إذا كانت ضخمة، علماً بأن البعض ضمائرهم ماتت ولا هم لهم إلا جمع الأموال على حساب الفقراء، ونرى ذلك واضحاً في بعض المؤسسات التي كانت ناجحة، ولكن الآن تكافح بقوة لتستعيد نشاطها (هذا إذا قدر لها ذلك)، بعد الخسائر التي لحقت بها، وأعتقد أن السبب الرئيسي يكمن في السلطة المركزية للشخص الواحد... والله من وراء القصد
العدد 733 - الثلثاء 07 سبتمبر 2004م الموافق 22 رجب 1425هـ