العدد 732 - الإثنين 06 سبتمبر 2004م الموافق 21 رجب 1425هـ

«ثرثرة فوق دجلة» كتاب جديد للكاتب خالد البسام: حكايات قديمة عن فرق التبشير الأميركية في العراق

الوسط - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

أيقظ الكاتب خالد البسام عشرات الوثائق والأوراق القديمة النائمة عن حكايات ومغامرات فرق التبشير المسيحية الأميركية في العراق قبل أكثر من مئة عام، وقام أخيراً بترجمتها واعدادها في كتاب جديد صدر له بعنوان «ثرثرة فوق دجلة» حكايات التبشير المسيحي الأميركي في العراق (1900 - 1935م) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.

وتجد أكثر من عشرين حكاية، تناثرت فوق صفحات الكتاب والمزودة بالصور الفوتوغرافية النادرة عن العراق، تروي وقائع وتقارير وقصصا خاضها المبشرون الأميركيون في بداية القرن العشرين أثناء عملهم في مدن وقرى العراق عندما جاءوا محملين بالكراريس المسيحية ومشارط الطب وطباشير المدارس.

ومع وصولهم دارت بينهم وبين العراقيين مواجهات دينية وسياسية وحضارية كبيرة ومتنوعة، امتدت رحاها منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى قيام ثورة تموز بالعراق العام 1958م.

ويقول الكاتب خالد البسام في تقديمه لكتابه الجديد «ثرثرة فوق دجلة»:

«بدأت نشاطات وفعاليات المبشرين الأميركيين في البصرة بالعمل مع مطلع العام 1891م. ففي تلك الأيام نشط المبشرون - والذين كان يرافقهم، في معظم الاحيان، موزعو كتب مسيحيون عرب من أهل الشام - في توزيع وبيع الكتب والكراريس مثل الانجيل والكتاب المقدس وغيرهما، والدخول كذلك في نقاشات ساخنة مع أهالي البصرة عن المسيحية والإسلام.

غير أن تلك الأيام غير العادية بالنسبة إلى العراقيين وكذلك إلى المبشرين الأميركان لاقت معارضة وعداء شديدين من جانب السلطات التركية التي كانت تحكم العراق. فكانت تفرض على أعضاء الارسالية شروطاً قاسية للعمل وتصادر في كثير من الأحيان كتبهم وكراريسهم وتضطهد مبشريهم، وأحياناً تعتقلهم وتقفل مكتباتهم، كما كانت السلطات التركية تدخل في مواجهات سياسية متعددة مع الأميركيين عن طريق القنصليات.

وفي المقابل كان تمتع المبشرين بالجنسية الأميركية مبرر تدخل حكومتهم وقنصلياتها في غالبية الأحيان وضغطها المستمر على الاتراك، ما سهل الكثير من عمل مبشري الارسالية الأميركية في البصرة وجنوب العراق عموماً».

ويضيف الكاتب البسام: «وعلى رغم تلك الصعوبات فإن الارسالية الأميركية بدأ عملها بالتبشير ليس وسط البصرة وأهاليها فقط، بل قام أعضاؤها بالكثير من الرحلات القصيرة والطويلة لمدن وقرى جنوب العراق تحديداً، كانوا يوزعون فيها الكتب، ويفتحون المكتبات الصغيرة ويحاولون اقامة العلاقات مع الأهالي البسطاء.

وبجانب الرحلات والجولات قامت الارسالية ببناء بعض الابنية الضرورية مثل مدرسة البنات واقامة مسكن قريب من المدرسة لسكن أعضاء الارسالية، ثم إنشاء مكتبة داخل أسوار مجمع مدرسة البنين بالعشار وسط مدينة البصرة.

واهتمت الارسالية كذلك بالعمل الطبي كثيرا في البصرة. وقدم المبشرون خدمات طبية هدفها الاساس تبشيري لأهالي البصرة والقرى والمدن المجاورة، وكان في البداية على شكل مستوصف صغير يديره طبيب واحد وممرضة ثم توسعت خدمات الارسالية في جنوب العراق عندما حصلت على ترخيص بناء مستشفى هو مستشفى لانسنج التذكاري الذي اقيم العام 1909م.

وخارج التبشير والطب والرحلات استغلت الارسالية الأميركية أوضاع الجهل البائسة في جنوب العراق وانتشار الأمية في تنصير الأهالي عبر التعليم بعد فشلها في توزيع الكتب والطب.

ففي العام 1908م سمحت السلطات التركية للمبشر مورديك بافتتاح اول مدرسة للارسالية بالبصرة بعد جهود مضنية وتدخلات سياسية أيضا».

ويقول الكاتب خالد البسام إن فرق التبشير الأميركية في العراق فجرت صراعاً حضارياً متنوع الجوانب ومتعدد الأطراف والأفكار.

فقد شهد العراق ومنطقة الخليج والجزيرة العربية تحدياً حضارياً كبيراً لم تألفه من قبل، وصراعاً فكرياً ودينياً وثقافياً واجتماعياً خطيراً بين مبشرين أطباء خريجي أعرق الجامعات الأميركية، تقف من ورائهم مؤسسات دينية تدعمهم مادياً ومعنوياً، وبين شعوب بسيطة لم يكن معظمهم يعرفون حتى القراءة والكتابة، لكنهم كانوا يقدسون معتقداتهم الدينية ويعيشون في تواضع لا يعرف ضجيج الآلات الحديثة التي راحت تغزو أوروبا وأميركا آنذاك.

والمعروف ان الباحث خالد البسام كاتب وصحافي يكتب في صحف البحرين والخليج ومهتم بتاريخ المنطقة، واصدر الكثير من الكتب التاريخية مثل:

(تلك الأيام... حكايات وصور من بدايات البحرين) و(رجال في جزائر اللؤلؤ)، و(القوافل... رحلات الارسالية الأميركية الى مدن وقرى الخليج والجزيرة العربية 1901 - 1926م)، و(خليج الحكايات)، و(مرفأ الذكريات - رحلات الى الكويت القديمة)، و(صدمة الاحتكاك... حكايات الارسالية الأميركية في الخليج والجزيرة العربية 1892 - 1925م)، و(حكايات من البحرين)، و(نسوان زمان)، و(يا زمان الخليج).

وله ثلاثة إصدارات أدبية هي: (بريد القلب) و(بساتين) و(عزف على السطور)





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً