تعتبر بعض مؤسسات التنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة الأساس والبداية الطبيعية لأنشطة الاقتصادات النامية، ويذهب البعض منها إلى القول إن تلك الصناعات لا يمكن إغفالها في عملية التنمية الاقتصادية الهادفة إلى قيام نشاط اقتصادي متجانس ومتكامل.
وتشير الاحصاءات إلى أن الأمر لا ينحصر في الاقتصادات النامية، ففي اقتصاد بلد متقدم مثل الولايات المتحدة يتراوح عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة ما بين 13,5 و 24 مليون منشأة بحسب بيانات مصلحة الضرائب على الدخل وتوفر حوالي 60 في المئة من فرص العمل وتساهم بنحو 55 في المئة من الابتكارات.
ولابد من الاعتراف هنا بصعوبة تحديد مفهوم الصناعات الصغيرة والمتوسطة. إذ يختلف التعريف والمفهوم من دولة لأخرى وفقا لاختلاف الإمكانات والظروف الاقتصادية فيها.
فهناك من يعتمد مقياس عدد العاملين، ففي تركيا تعتبر مشروعات صغيرة ومتوسطة تلك التي يعمل بها ما بين 10 و49 عاملا، في حين تعتبر المجموعة الأوروبية المنشآت المتناهية في الصغر تلك التي يعمل بها أقل من 10 عمال، والصغيرة أقل من 50 عاملا والمتوسطة أقل من 250 عاملا. لكن هناك من يضع رأس المال المستثمر هو المعيار. ففي الهند تعتبر المشروعات المتوسطة تلك التي لاتتجاوز كلفتها 750 ألف دولار والصغيرة 250 ألف دولار.
إلى جانب تلك المعايير هناك أيضا:
قيمة المبيعات السنوية كثافة، الاستثمار، نسبة الاستثمار لعدد العاملين، كمية وقيمة الاستثمار السنوي، أسلوب وشكل التظيم الإداري للمؤسسة، مستوى تقنية انتاج الإبداع بجميع أشكاله.
في البحرين هناك جهتان رسميتان تناولتا موضوع المشروعات الصغيرة والمتوسطة هما: بنك البحرين للتنمية، ووحدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكلاهما أخذ بمعيار راس المال. فالأول يضع في خانته الصغيرة تلك التي لا تزيد موجوداتها عن 300 ألف دينار بحريني وفي خانته المتوسطة تلك التي لا تزيد موجوداتها عن 10 مليون دينار بحريني. أما الثانية فتضع في الخانة الأولى لمن تتراوح موجوداتها بين نصف مليون إلى مليون دولار أميركي، والثانية من تتراوح موجوداتها بين مليون و 5,5 ملايين دولار أميركي.
محاولة التنميط من خلال وضع المعايير هي في حد ذاتها خطوة جيدة، لكن بعد هذه الخطوة تبرز أمامنا علامتا استفهام: الأولى ومن دون الدخول في التفاصيل ما هي الأسباب والمبررات وراء عدم اتساق المقاييس في اقتصاد صغير مثل الاقتصاد البحريني؟ الثانية وهي الأهم، ما هي مظاهر الرعاية التي عادة ما تحظى بها المشروعات في الدول الأخرى متقدمة كانت ام نامية.
حتى الأن ما نشاهده ان الرعاية بما فيها حصاد الجوائز التي توزعها الدولة هي من نصيب المؤسسات الكبيرة، أما المتوسطة والصغيرة فما على أصحابها سوى التحلي بالصبر والسلوان والتصفيق لمن يفوز بتلك الجوائز، هذا إذا غضضنا الطرف عن الدعم المطلوب للمساعدة في التسويق والإدارة وأمور أخرى هي من صلب مسئوليات القطاع العام
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 731 - الأحد 05 سبتمبر 2004م الموافق 20 رجب 1425هـ