العدد 729 - الجمعة 03 سبتمبر 2004م الموافق 18 رجب 1425هـ

من ينظر... لابد أن يرى...

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

بالتأكيد، سيكون ما نشر من رؤية وزير الشئون القانونية ومستشار الدولة السابق حسين البحارنة في ندوة مجلس الشيخ عبدالأمير الجمري عن المسألة الدستورية مادة دسمة لحوار التجمع الرباعي المعارض مع وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي، وينبغي أن يستثمر بطريقة إيجابية من الطرفين (الحكومة والمعارضة، المقاطعة منها والمشاركة في الانتخابات).

فالبحارنة، صاحب تجربة ونضج معرفي كبيرين، وهو من الذين حفروا عميقاً في تربة البحرين السياسية والقانونية لصوغ مفاهيم لاستشراف ملامح المستقبل، وما نقل عنه لم يأت من «معارض مزايد»، أو من «لوبي دستوري متطرف»، كما يوصم البعض القانونيين البحرينيين الذين حملوا لواء «الحجية» المختلفة لدستور 2002؛ بل جاء من رجل دولة «توزر» وساهم بدور كبير في صوغ دستور 1973، بفارق اختياره أن يشتغل على رؤيته القانونية بعيداً عن دائرة الضوء.

ربما تتفق رؤية وزير الشئون القانونية ومستشار الدولة السابق مع ما تطرحه القوى الفاعلة في المجتمع المتمثلة في التجمع السداسي، وليس الرباعي فقط، وتتفق أيضاً مع نواب في المجلس «شعروا بخيبة أمل» خلال السنتين الماضيتين «للصعوبات والقيود التي يفرضها عليهم الفصل الثالث من الباب الرابع من الدستور فيما يتعلق بحرية ممارستهم كممثلين للشعب - مصدر السلطات جميعاً - لاختصاصاتهم التشريعية والرقابية»، بينما تختلف رؤية البحارنة هذه مع التفسير الحكومي «لاستشرافات المستقبل» بشأن المجلسين، وصلاحياتهما وآلية التعديلات الجزئية والكلية في الدستور موضع الخلاف.

كثرت الاجتهادات وكثر المجتهدون وخاب ظن البعض بالبعض، لكن لا أحد يشك في أن أقوال الدكتور البحارنة، جاءت في الوقت المناسب مع بدء دورة محادثات جديدة تجمع الحكومة والمعارضة، لتكون استرشاداً لمن يفكر في مصلحة ترسيخ الممارسة الديمقراطية وتعميم ثقافة الحوار في المجتمع، ولتلقي الضوء على فعل «سيا - قانوني» أو «سيا - حقوقي»، وجميعهم «متزوجون» لا ينفصل أحدهما عن الآخر، وإن على الأرجح في النهاية تميل كفة «الحجيّة» إلى القانوني على حساب السياسي وثقافته المتلونة.

بصراحة، لقد مل الكثيرون «الغنج السياسي»، وأحاديث السياسيين الطنانة وصراخهم وثرثرتهم السابقة والحالية بتحولاتها المريبة، فمنهم من كان يعارض بصوتٍ عالٍ بالأمس في الندوات الجماهيرية، ويعلن خشيته من مفاجآت «لجنة تفعيل الدستور» وعملها «السري»، ويصبح في غفلة من الزمن «منظراً» لمجلس الشورى وينعت المختلفين معه بأشياء عصية على الفهم والهضم في آن واحد، من دون تفريق بين «الوليمة والوضيمة» وهذه والأخيرة تقدم في مآتم العزاء.

يقول البحارنة في ندوته: «أما سنة 2002 فقد شهدت ولادة سهلة لدستور جديد، وما كنا نتمنى ونحن في العهد الإصلاحي الحالي أن يصدر هذا الدستور الجديد بهذه الطريقة السهلة، إذ كان يجب أن يحكم طريقة إجراء التعديل الجزئي على دستور سنة 1973 النص الخاص بهذا التعديل الذي تتضمنه المادة 104 من دستور 1973 وكذلك النص الخاص الذي يتضمنه الميثاق في هذا الشأن، وذلك من دون اجتهاد أو محاولة للتبرير في غير محلها، إذ لا اجتهاد في موضع النص».

هذه الشهادة قيلت في ندوات كثيرة وبأشكال مختلفة، وعبر عنها قانونيون بحرينيون وأجانب، إلاّ أن الأمور سارت بغير التي عليها الآن، فها هو باب الحوار المفتوح الآن على مصراعيه بين المعارضة والحكومة يعالج هذه المسألة للخروج من الإشكالية الدستورية؟... فلننتظر لنرَ، ومن ينظر لابد أن يرى لو بعد حين (...)!

كاتب بحريني

العدد 729 - الجمعة 03 سبتمبر 2004م الموافق 18 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً