تحدثت أوساط متعددة عن مساعي جمعية العمل الوطني في وقت قريب لمحاولة رأب الصدع فيما يسمى بالبيت الشيعي، أي سعي جماعة من أعضاء «الوفاق» لتأسيس جمعية خاصة تحمل ما عجزوا عن الجأر به وتحقيقه تحت المظلة الوفاقية.

ولو نظرنا إلى «البيت الشيعي» لوجدنا أنه - نظرياً - لا يتألف من «الوفاق» وحدها، فهناك أكثر من جمعية أخرى لها الصبغة الطائفية ذاتها، ولم يسأل أحد عن وحدة هذا «البيت» أثناء تشكلها، ولكن لماذا تقوم «العمل» بمحاولة جمع الطرفين في البيت «الوفاقي» وهي التي لم تستطع ذات يوم إقناع شقها الليبرالي بوقف الانفصال عنها في جمعية مستقلة يوم كان «التجمع» جامعهما؟

هناك رأي يقول لو لم تقاطع «الوفاق» انتخابات العام 2002، لقاطعت الجمعيات الثلاث الانتخابات تحت حجج ومسميات مختلفة، لأن نزولها الشارع الانتخابي كان سيقصم ظهرها في كل الدوائر تقريباً، وكانت التجربة البلدية لا تزال حاضرة، وبالتالي، دخول «الوفاق» في معسكر المقاطعين مكن الجمعيات الثلاث الأخرى من جعلها الدرع البشري الكبير الذي تحتمي به، وإنه بانفصال مجموعة محترمة عن المجموعة الأخرى المحترمة أيضا في «الوفاق»، سيرفع جزئياً هذا الغطاء، ويثلم الدرع من مركزه، خصوصاً وأنه يبدو أن الجمعية الوليدة (العدالة والتنمية) من مؤيدي الدخول في التجربة البرلمانية على رغم نواقصها أملاً في تحقيق التدافع الإيجابي للعملية.

ومن هنا يمكن تفهم الحماس الذي ينحو أحياناً إلى المبالغة في مواقف بعض الجمعيات المقاطعة الأخرى بالإصرار على عدد من المواقف ربما أكثر من «الوفاق» نفسها، وربما بالغ البعض في تصويره بأن بعضاً من الجمعيات الثلاث كان وراء دفع «الوفاق» إلى التشدد، وأنها كانت «تستثمر» الحشد الجماهيري الوفاقي في عدد من الندوات التي أسميت بـ «الجماهيرية»، بينما لن يقدر لها هذا الحضور، في حال الغياب «الوفاقي»