لقد كنا نسمع ما يدور في فترتي الخمسينات والستينات من جيل آبائنا ممن كانوا ينخرطون وينتظمون في صفوف تنظيمات سياسية وطنية تحت شعار «الوحدة الوطنية» - أي - الوحدة الكاملة داخل البيت البحريني من دون أي تمييز لفئة دون أخرى أو مذهب دون آخر... فقد كان الجميع يعمل في انسجام تام نحو هدف واحد ومصلحة واحدة وفي مرحلة كانت تعد واحدة من أصعب المراحل التي فرضتها قوى الاستعمار البريطاني على بلادنا والتي يحلو للبعض أن يسميها فترة «المحمية» البريطانية لا استعمارا متناسين مظاهرات ومناهضة الشارع البحريني لكل أشكال الاستعمار خلال تلك الحقبة.
أما اليوم فإن ما نشهده هو عكس هذا التيار «الوحدوي» وما نعايشه في عهد الانفتاح هو عهد التكتلات لجماعات تعمل تحت شعارات لا تجمع الصف البحريني بل تفرقه وتشتته حتى بدا يحمل صبغة المظلومية أحياناً والتشدد والتمسك بالأفكار بصورة دكتاتورية على رغم أن ذلك لا يخدم المصلحة الوطنية بل ان التطرق إلى قضايا التمييز التي تركز عليها هذه التكتلات، التي غالبية توجهاتها تنصب في صالح الفئة وأيدلوجية مذهبها ومعاناتهم الاجتماعية والاقتصادية هو في واقع الأمر يشمل الجميع من أبناء هذا الوطن... هذا لو بحثنا وتفحصنا قليلاً مناطق البلاد المختلفة.
فمَنْ يحرص على الوحدة والتلاحم لشعبنا عليه أن يتجاوز تلك اللغة والأسلوب في أطروحاته عبر الاستفادة من دروس الحقب الماضية وذلك من خلال خلق وعمل تنظيم سياسي يضم في صفوفه جميع أطياف هذا المجتمع.
واذا كانت إحدى الجماعات التي تسعى حالياً إلى تشكيل جمعية سياسية جديدة أخف وطأة في توجهها من توجه الجمعية التي احتضنت أفراد هذه الفئة أو هذا المذهب... فعليهم أن يأخذوا في الاعتبار - وهو كلام موجه إليهم وإلى غيرهم من الأطياف الأخرى - ان تكون الوحدة الوطنية على قائمة أهدافهم لا الانزلاق في بحر الشللية والمذهبية وكل ما يفرق.
أيضاً أن يكون برنامج الجمعية واضحاً وصريحاً في بنوده أي تعلن بكل شفافية ولا تكون حكراً على فئة دون أخرى إذ عليهم أن يفتحوا الباب للجميع ان اقتنع هذا البحريني أو ذاك بالبرنامج وبالأهداف... لأن التعددية واختلاف الأفكار قد يثريان توجه الجمعية وخصوصاً ان برزت، نتائجها مستقبلاً وصبت في الصالح العام
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 729 - الجمعة 03 سبتمبر 2004م الموافق 18 رجب 1425هـ