حدثني أحد الأصدقاء قبل نحو خمس سنوات أن البحرين على قائمة الدول التي يزداد فيها الفساد المالي على كل المستويات وأنه قرأ تقريراً عن ذلك في إحدى المجلات الغربية، وأن هناك استياء شديداً من المستثمرين من الفساد ومن غياب الشفافية.

كان ذلك قبل خمس سنوات أما الآن فربما تحسن الوضع قليلاً، وعموماً فإنه سواء صدق صديقي والمصدر الذي استقى منه الكلام فإن الواقع يوضح أن هناك حالات فساد مالي وإداري في الوزارات والمؤسسات الحكومية تتفاوت من وزارة إلى أخرى. والمفسدون طفيليون بطبيعة الحال ينمون سريعاً ويكيفون أوضاعهم بحسب الأجواء. لذلك فإنه من الصعب القضاء عليهم نهائياً (برشة فليت)، إلا أنه بالإمكان تقليل حالات الفساد في المستويات المختلفة وتحجيم المفسدين.

هذه المقدمة نسوقها للتمهيد للدخول في الموضوع، ولكي نعد الجو النفسي لسعادة الوزير: بوعبدالله الذي أتمنى أن يتسع صدره لأسئلتي الصريحة في صميم الموضوع وفي صميم عمل وزارة الإعلام التي يفترض أن تكون بعيدة عن حالات الفساد المالي والإداري في ظل إدارة الوزير، إلا أن المعلومات المتوافرة للأسف تؤكد وجود حالات فساد مالي وإداري يعلم بها على ما اعتقد الوزير. وأسوق هنا بعض الأمثلة:

1- كانت هيئة الإذاعة والتلفزيون تدفع لسنوات عدة رسوم استخدم نظام برنامج للحاسوب (soft ware) يعرف لديكم بـ (BSS) ولم يستخدام قط وكلفته حوالي 70,000 دولار سنوياً (أي أنه كلف خزينة الدولة حوالي مليون دولار أميركي) ولكن هذا البرنامج لم يستخدم أبداً لعدم الالمام بتشغيله وظل مركوناً لهذه المدة الطويلة في وقت كانت الوزارة تدفع الفاتورة سنوياً من دون جدوى. فلماذا كان الإصرار على شراء ذلك البرنامج ولمصلحة من؟ ومن الذي وقّع صفقة الشراء؟

2- كم هي يا سعادة الوزير نسبة الاشتراك في خدمة (MMDS)؟ وهل هذه النسبة تغطي كلف استئجار القنوات التي تبث من خلال هذه الخدمة؟ ولماذا الاستمرار في الخسارة؟ ومن المستفيد؟ هل تعرفهم يا سعادة الوزير؟

3- ما هو المرود المالي من الإعلانات التجارية على القنوات الفضائية (55 + الرياضية)؟

4- أين هي دراسة الجدوى لهذه القنوات؟ وما هي استراتيجيتها؟

5- والأهم من كل ذلك يا سعادة الوزير، من هو الجمهور المستهدف لهذه القنوات الفضائية؟ فأين عملية التقييم البرامجي الذي هو عنصر أساسي في عملية التطوير؟ وإذا افترضنا وجود هذا التقييم فما هو المعيار الذي يجعل بعض البرامج مستمرة على رغم خلوها من ابسط قواعد العمل التلفزيوني؟ هل ذلك فقط إرضاءً لأشخاص معينين؟ فلماذا؟

6- هل تعتقدون بأننا بحاجة إلى قناة ناطقة باللغة الإنجليزية وساعات بثها مستورد بأكثر من 80 في المئة وبأعلى الأثمان، فقط لكي تبث نشرة الأخبار بالإنجليزية في زمن لا يتجاوز النصف ساعة؟

7- أكيد أنكم اطلعتم يا سعادة الوزير على الدراسة التي قامت بها إحدى شركات التدقيق المعروفة جداً وهي التي تعد للوزارة التقارير وهي موجودة بين أيديكم. وهذه الدراسة تفيد بوجود تجاوزات ومخالفات بالوزارة من عدة إدارات. كما أنها بينت أن أحد مستشاريكم الأساسيين غير صالح لشغل المهمات الموكلة إليه، فهل حركت ساكناً لتصحيح هذا الوضع الخطير؟

8- مسئول بإحدى إدارات الإذاعة والتلفزيون توكل إليه مهمات كبيرة على رغم تسببه في خسائر مادية كبيرة منها على سبيل المثال البرنامج الذي تطلقون عليه تسمية (BSS) والمشروع (MMDS) على رغم خسارة المشروع. انه من المعروف أن مثل هذا المشروع يعد في بعض الدول من المشروعات الناجحة فلماذا تفشل عندكم؟

9- ما هي معايير توظيف الموظفين بالهيئة؟ وما هي معايير تقييم أداء الموظفين وترقياتهم؟

10- أليست الازدواجية مرفوضة بين العام والخاص يا سعادة الوزير وذلك عندما تكلف سعادتكم موظفاً في قسم من أقسام الهيئة لتمثيل مؤسساتكم الخاصة في الخارج (دبي) وتدفع له من موازنة الهيئة على أساس أن هذا الموظف في مهمة رسمية؟ بينما يحضر الاجتماع ممثلاً عن مؤسستكم الخاصة؟

11- سعادة الوزير لقد تعهدت يا أبا عبدالله لموظفي وزارتكم بأنكم ستعملون على تعديل الهيكل الوظيفي لوزارة الإعلام عموماً والهيئة خصوصاً، منذ اليوم الأول لدخولكم وتسلمكم الوزارة. وقد صدقت وصدر الهيكل بعد طول انتظار. ولكن هل تعتقد أن ما صدر يعتبر هيكلاً؟

إن هذا الصرح المهم الذي يحمل صوت وصورة مملكة البحرين وحضارته عالمياً ألا يستحق هيكلاً وظيفياً يليق بمستوى المهمات والمسئوليات الموكلة إليه يا سعادة الوزير.

هذه نماذج من الأسئلة التي تتردد على ألسنة العارفين ببواطن الأمور في وزارة الإعلام. فهل نجد لدى «بوعبدالله» إجابات شافية وتوضيحاً يلقي عن كاهله المسئولية أو يتحمل وزرها