العدد 729 - الجمعة 03 سبتمبر 2004م الموافق 18 رجب 1425هـ

التعددية في بيان «الوفاق»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أهم نقطة في البيان الرسمي الذي صدر عن جمعية الوفاق قبل ثلاثة أيام هو الحديث عن حق الآخرين في ان يكونوا لانفسهم جمعية، وان الوفاق ليست خلف اعتصامات او عرائض لمنع اي مجموعة اخرى من طرح ما تود طرحه على الناس. ولهذا السبب فان «الوفاق» تستحق الاحترام ويستحق من وافق على اصدار هذا البيان الشجاع كل تقدير، لانه قوة لهم وليس ضعفا. الضعف كان في الاساليب التي شنها البعض ضد اصحاب فكرة تأسيس «جمعية العدالة والتنمية» الذين اعتبروا وجود رأي آخر نهاية لوجودهم وهرعوا من كل جانب يرسلون الرسائل النصية ويكتبون هنا وهناك ويصرحون ويقولون كلاما غير متوازن.

جمعية الوفاق كسبت كثيرا عندما أعلنت براءتها من الاساليب التي لاتؤمن بوجود رأي آخر، والتي حاولت احتكار الحقيقة واحتكار تمثيل الناس، سواء كانوا من هذا الاتجاه او ذاك، وكأن لديهم وصاية من الله تعالى على الآخرين. وأملنا ان يترك الناس وشأنهم، واذا اختارت الجماهير طرح الوفاق بعد السماح للآخرين بطرح أنفسهم فلهم الفخر. اما اذا كانت الوفالق هي الخيار الوحيد الاوحد لتيار الانتفاضة وان اي فئة تحاول طرح نفسها يتم تخوينها او «تسليط» الرموز الدينية عليها، وكأن الرموز ادوات في ايديهم لخنق اي محاولة للتنافس من اجل الخير فان ذلك مرفوض انسانيا ومدحور على المدى المتوسط والبعيد.

من الاجدر للجميع ان يوسعوا صدورهم لبعضهم بعضا وان يقبلوا التنافس الشريف، فالله سبحانه وتعالى لم يمنع المنافسة الشريفة، ومساعي الناس متعددة «ان سعيكم لشتى»، ولا أحد من البشر الاعتياديين يملك اليقين بان هذا الخيار هو الصحيح وما دونه ضلال وانحراف. فالنيات لا يعلمها الا الله، والطريق الصواب في الشأن السياسي ليس هو الطريق الصواب في الشأن العقائدي. فالسياسة أقل من العقيدة، ومع ذلك فان الاسلام سمح بحرية الاعتقاد قبل اربعة عشر قرنا ... قبل الثورة الفرنسة بمئات ومئات السنين. واذا كان الأمر كذلك، فانه لا يحق لاي شخص ان يدعي بانه المثل الشرعي والوحيد لاتجاه ما او لفئة ما. فالاختبار الحقيقي هو في الطرح، والمحكمة الدنيوية بيد الشعب الذي يختار او لا يختار، والمحكمة الخالدة - دنيا وآخرة - هي بيد الله تعالى فقط، ولا يحق لاي انسان ان يدعي انه بديل عن الله في تحديد الحق ومن له الحق ومن ليس له الحق في ان يطرح رأيه للناس ويسعى لانجاح هذا المشروع أو ذاك.

احترامي لأعضاء مجلس ادارة الوفاق الذين أصدروا البيان - رغم ما قام به آخرون - ازداد درجات مضاعفة، وأعتقد ان الاحترام ازداد لدى الآخرين أيضا. وسيزداد الاحترام اذا لم يحاول البعض استخدام الرموز الدينية لاستصدار آراء (تصل الى درجة قريبة من الفتوى) ضد «العدالة والتنمية» أو ضد اية جهة اخرى تتنافس لخدمة المجتمع. وإن فعلوا ذلك (استصدار اراء مضادة) فسيربحون مؤقتا وعلى المدى القصير فقط، ولكن الامور ستنعكس وتنقلب، لان الله بيده الامر، وهو الذي يرفع وينزل، ويعز ويذل، ولا أحد غيره.

وفي المحصلة، فان هذه الجمعية السياسية او تلك ستعرف حجمها ومكانتها بصورة طبيعية وديمقراطية، وعلينا جميعا، اذا كنا نطالب بالحقوق الدستورية والتعددية، ان نزرعها فيما بيننا اولاً قبل ان نطالب الاخرين بها، ذلك ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 729 - الجمعة 03 سبتمبر 2004م الموافق 18 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً