في خضم المعركة المحتدمة بشأن ارتفاع أسعار النفط ومحاولة الغرب إلقاء المسئولية على دول الأوبك، طالعتنا أجهزة الإعلام العالمية والعربية بسيل من تصريحات لمسئولين في المملكة السعودية تبدي من خلالها عدم ارتياح المملكة لأي ارتفاع في أسعار النفط، مبدية استعدادها لزيادة انتاجها لإغراق السوق بكميات نفطية زائدة يكون لها دورها في خفض الأسعار وطمأنة الدول الغربية.
ففي شهر أبريل/نيسان الماضي تعهد السفير السعودي لدى واشنطن الأمير بندر بن سلطان بألا تسمح بلاده بحدوث نقص في النفط بالأسواق العالمية، مؤكدا ثبات السياسة السعودية.
وقال في كلمة له بالبيت الأبيض إن ارتفاع أسعار النفط يحدث تأثيرا سلبيا على الاقتصاد العالمي. وأضاف أن اتصالات جرت حديثاً بين ولي العهد الأمير عبدالله والرئيس الأميركي جورج بوش بشأن أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وطمأن السفير السعودي واشنطن بأن المعروض العالمي من النفط سيبقى وفيرا، وقال إن بلاده تتعاون عن كثب مع واشنطن لضمان ألا تضر كلفة الطاقة المرتفعة بالاقتصاد العالمي.
وقبل ذلك، وفي منتصف العام 2001 أعلن وزير النفط السعودي حينها علي النعيمي أن المملكة مستعدة بالتعاون مع المنتجين الرئيسيين في منظمة أوبك وخارجها للتعويض عن النقص الذي سينجم عن قرار العراق وقف صادراته النفطية اعتبارا من بعد غد (الاثنين). وأكد النعيمي في تصريحات أدلى بها في الرياض «استعداد المملكة والدول الأعضاء في أوبك والدول المنتجة الرئيسية الأخرى للنفط لسد النقص في إمدادات النفط العراقي حال إقدام العراق على تنفيذ توقيف إمداداته النفطية». وأخيراً أكد ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لصحيفة «السياسة» الكويتية ان الرياض ستضخ بأقصى طاقة لحقولها النفطية من أجل تهدئة أسعار النفط الملتهبة التي يود أن يراها بين 25 و30 دولارا للبرميل. وقال: «لم نكن نتمنى أن تقفز الاسعار الى ما فوق الثلاثين دولارا... اننا نرى أن الاسعار يجب ان تتراوح ما بين 25 و30 دولارا للبرميل حتى لا نلحق الضرر بالدول».
إلى هنا وتنتهي التصريحات السعودية لتبدأ بعدها أسئلة المواطن العربي... لأجل ماذا تقدم كل هذه التنازلات وما هو الذي تتحصل عليه الدول العربية - أو حتى السعودية - لقاءها؟ وتحاشيا لعدم خلط الأمور لن نزج بالموضوعات السياسية في معركة أسعار النفط وسنكتفي فقط بتناول الموضوع في إطاره الاقتصادي والمالي. هل الولايات المتحدة على استعداد لأن تخفض من أسعار معداتها العسكرية الباهظة الثمن والتي تمتص نسبة عالية من دخول دول اوبك النفطية لقاء التخفيض في أسعار النفط؟ بل هي راغبة في خفض نسبة الضرائب المفروضة على الوقود كي تخفض من حصص الأرباح التي تجنيها الاحتكارات النفطية الأميركية من وراء تسويق النفط ومشتقاته؟ أبعد من ذلك هل الولايات المتحدة قابلة للتعامل ماليا واقتصاديا مع الدول العربية كما تتعامل مع دول مثل «إسرائيل»؟ أسئلة مباشرة تراود ذهن المواطن العربي وهو يتابع تقلبات اسعار النفط وهو ينتظر إجاباتها كي لا تلبسه الأفكار الشريرة
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 727 - الأربعاء 01 سبتمبر 2004م الموافق 16 رجب 1425هـ