من خلال متابعة «فضولية» لأخبار «العيدية» التي اقترحها بعض النواب بطريقة، وقدمت الحكومة اقتراحاً «بتغيير الشكل وآلية المنح براتب نصف شهري للموظفين البحرينيين الخاضعين لأنظمة ديوان الخدمة المدنية» تتضح أن الحكومة أكثر وعياً من بعض النواب، وأكثر حرصاً على الاقتصاد الوطني ومصلحة الإنتاجية من هؤلاء النواب، على رغم أن الحكومة والنواب ارتكبوا خطأ تقسيم الشعب البحريني من حيث لا يدرون إلى درجتين: أولى وثانية؛ فالعاملون في القطاع العام يشكلون ما يسري على الدرجة الأولى؛ أما من يعمل في القطاع الخاص، فهو مواطن درجة ثانية بحسب التقسيم لهذه «العيدية» بتسميتها المتخلفة كما طرحها النواب، وبتسميتها العصرية «البونس» كما طرحتها الحكومة لتقديمها للمجدين من العاملين التابعين لها وليس كل العاملين (على طريقة إللي يعزي واللي ما يعزي يأكل من عيش الحسين!).
خطورة هذا التقسيم لما يسمى «بالعيدية» تذكرنا بفترة السبعينات أبان الطفرة النفطية وما رافقها من زيادة في الرواتب (100 في المئة) لموظفي الحكومة، وحرمان القطاع الخاص من هذه الزيادة، ما أدى إلى حركة إضراب عمالية واسعة تطالب بتحسين المعيشة وزيادة الراتب مساواة بالقطاع العام، وحين طالبت كتلة الشعب في المجلس الوطني آنذاك بضرورة التوازن في الزيادة على رواتب العاملين في الحكومة بمرافقة زيادة معقولة للقطاع الخاص، اتهمها البعض بالوقوف ضد مصالح الناس (...)! وعندما تصاعدت حركة الإضراب في الشركات الكبيرة، اتهمت الحكومة «الكتلة» بوقوفها وراء هذه الحركة «كذا!».
وحتى لا تتكرر أخطاء الماضي ونعيد صوغها على الحاضر المتجدد بطرق بدائية وأن خرجت من تحت قبة البرلمان، ينبغي التفكير ملياً في صرف 35 مليون دينار سنوياً من خزينة الدولة (بحسب تقديرات المسئولين) على «عيدية»عادة تعطى للأطفال في الأعياد، فلا يجوز لهذا «التمييز» أن يفرّح طفل وينغص على طفل آخر يحرم من العيدية لأن والدته /والده يعمل في «القطاع الخاص». المسألة إذاً تتجاوز تقديم اقتراح والتصديق عليه في البرلمان، وتتجاوز أيضاً موضوع «المكرمات» لموظفي الحكومة في المناسبات، فالقضية أخطر مما نتصور إذا ما جرت العادة بهذه الطريقة الارتجالية، خصوصاً عند أولئك الذين يسعون لطرح هذه الموضوعات بهدف كسب سمعة شعبية ولملمة أصوات للانتخابات القادمة.
لو أن النواب الأفاضل الذين تكرموا باقتراح العيدية وتم تخصيص الـ 35 مليون دينار لدار العجزة، أو للعاطلين عن العمل، لكان هذا الاقتراح أجدى وأفضل مما عليه الآن بصيغتيه النيابية والتنفيذية، لأن هؤلاء (العجزة والعاطلين) لا يفرق بينهم موظف حكومي أو موظف في القطاع الخاص، ويد العون ينبغي أن تمتد إلى هؤلاء بدل تصريفها على فئة من دون أخرى من المجتمع لها مزاياها وراتبها الشهري الذي يعولها.
كاتب بحريني
العدد 726 - الثلثاء 31 أغسطس 2004م الموافق 15 رجب 1425هـ