في ظل حمى ارتفاع أسعار النفط التي بلغت مستويات قياسية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بدا مستقبل الطاقة في مختلف بقاع الأرض محفوفاً بالمخاطر، ذلك لأن النفط كان ومازال أحد أهم وأرخص مصادر الطاقة في العالم، وبما أن أسعاره ظلت في حال من التصاعد الجنوني لدرجة أربكت منتجين من مستوى السعودية - التي تعد من أكبر منتجي النفط في العالم - فإن أي حديث عن مستقبل الطاقة في العالم من دون المرور عبر بوابة النفط، تنقصه الموضوعية. لذلك، نجد أن المحللين والمخططين يجتهدون، في أكثر من عاصمة، ويتحلقون حول طاولات الدراسة والبحث وإعمال الفكر، وعلى أرفع المستويات، للبحث عن آليات لكبح جماح الأسعار، أو طرح البدائل في حال تعذرت الحلول التي تعيد أسعار النفط إلى مستويات معقولة تسهم في استقرار أسواق النفط العالمية، التي بدت في حال من الإرباك العظيم خلال الأشهر القليلة الماضية.
وفي هذا السياق، يطرح المحللون والمراقبون حزمة من الأسئلة يجتهدون للإجابة عنها من نحو: ما دور منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) في سوق الطاقة العالمية؟ وحجم الاحتياطي النفطي الإقليمي والعالمي؟ وآفاق الإنتاج وأسعار النفط في السوق العالمية بما يرتبط بالعرض والطلب؟ واستراتيجيات الاستثمار في قطاع النفط بمنطقة الخليج وبحر قزوين وإفريقيا؟ والأهمية المتنامية للغاز الطبيعي، والكيفية المثلى للإفادة من الوقود الحيوي؟... وما إلى ذلك.
ومن نافلة القول إن الارتفاع الجنوني لأسعار النفط العالمية يلقي بآثار سالبة على الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء. كما يترك آثاراً بالغة على النمو الاقتصادي العالمي.
وتقتضي الضرورة، في هذا السياق، إعمال البحث في، وحول، السبل الكفيلة بالإفادة القصوى من التقنية في عمليات الاستكشاف والإنتاج والتسويق، فضلاً عن تأثير الأسواق والتقنية على احتياطيات النفط والغاز العالمية والإقليمية، إضافة إلى أثر تطور الغاز على مستقبل النفط في منطقة الخليج. إلى ذلك، يحتاج المحللون إلى بحث ودراسة متطلبات وقدرات الاستثمار في حقل النفط في منطقة الخليج، إضافة إلى التطور في مجال الطاقة والاقتصاد في الخليج وإمكانات الصناعة النفطية في حفز النمو الاقتصادي.
ومع توالي ارتفاع أسعار النفط ولامبالاة المستهلكين الجدد، الذين لا يعيرون كثير انتباه لهذه الزيادات الجنونية، تبدو آفاق الطاقة في العالم غائمة أو هي شبيهة بحال كهذه
العدد 726 - الثلثاء 31 أغسطس 2004م الموافق 15 رجب 1425هـ