إن لم تبادر الدولة، بمسئولية وحرص وإدراك وحزم، لتحسين الواقع الشبابي في بلادنا، سواء على مستوى التربية والتعليم والعمل والشباب والرياضة، فإننا سنكون، حسب ظني المتواضع، أمام عقدين من الزمان قادمين، نواجه فيهما جيلا متطرفا بشدة، في الكثير من الأفكار والسلوكيات...
حينها، لن تنفع الحلول الاجتماعية ولا الحلول الاستراتيجية ولا الأمنية ولا هم يحزنون... بل لن تتمكن، لا الدولة ولا حتى القيادات والرموز، دينية كانت أم سياسية أم شبابية، من تطويق حركة تشبه التمرد على واقع الشباب...
ومن المهم الاستدراك هنا للإشارة، إلى أنني لا أقصد أن يتطرف الشباب لمجرد القول أنهم محرومون من حقوقهم، وبذلك، نستسيغ التصرفات الطائشة التي تبدأ بترك مقاعد الدراسة في مختلف مراحلها ثم التسبب بمشاكل لأنفسهم ولذويهم ثم لمجتمعهم، ثم يتجه بعضهم إلى العنف والتحريق والتخريب والتهديد والترهيب اللامقبول مدعيا المطالبة بالحقوق، فيما يتجه طرف آخر إلى التقتيل والتفجير وسفك الدماء مدعيا الجهاد ودحر الكفار الذين يختلفون معه مذهبيا وفكريا... هذه كلها مرفوضة تحت أي عنوان، لكن المقصود، هو أن هناك حاجة لرعاية الشباب وحمايتهم من التطرف، بمن فيهم من وقع في التطرف أصلا.
صحيح أن الكثير من الشباب في مجتمعنا يعانون من مشكلات تحول دون تحقيق طموحاتهم، وبعضهم يحمل الهموم الوطنية، السياسية، الاجتماعية، الديمقراطية، لكن هذا لا يعني أن كلهم بلا استثناء يملكون الإدراك والقدرة للتعاطي مع قضايا المجتمع.
وليسمح لي القارئ الكريم، أن أشير إلى أن هذا الموضوع كبير ومتشعب، لذلك، سأتناوله على امتداد المسموح من الإمكانات، لأهميته وضرورة طرحه من باب (إرضاء الضمير)، والباقي... متروك على الدولة وأجهزتها، وسأبدأ بمحور التطرف.
فمنذ مدة، وقعت على نتائج دراسة خليجية قيمة، لابد للمسئولين الحكوميين في البحرين – بلا استثناء – الاستفادة منها، فقد كشفت الدراسة الأولى من نوعها، أن غياب الوعي الديني لدى الشباب يمثل المرتبة الأولى في أسباب ظاهرة التطرف بنسبة 72.7 في المئة، مقابل 4.8 في المئة من العينة عارضت ذلك.
ووافقت 42.5 فى المئة من إجمالي عينة الدراسة موافقة تامة على أن بعض وسائل الإعلام شجعت لأفكار وأطروحات التطرف والمتطرفين بالإضافة إلى 36.7 فى المئة وافقوا على ذلك ولكن في خانة (إلى حد ما).
وبشأن الاعتداءات الظالمة على بعض الشعوب الإسلامية من خلال بعض وسائل الإعلام، بلغت نسبة المؤكدين على أن تلك الإعتداءات تعد سببا من أسباب بروز ظاهرة التطرف وبلغت نسبتهم 59.9 في المئة، وعارض الفكرة 8.3 في المئة، والنسبة المتبقية وهي 31.7 وافقت إلى حد ما...
والسؤال الأهم هو: هل يمكن السيطرة بسهولة على تطرف الشباب مستقبلا؟ الإجابة (لا)! لكن للحديث بقية.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2372 - الأربعاء 04 مارس 2009م الموافق 07 ربيع الاول 1430هـ