العدد 2787 - الجمعة 23 أبريل 2010م الموافق 08 جمادى الأولى 1431هـ

المعامير العامرة بالسموم

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

هي دون غيرها، يتعرض أهلها للأمراض المميتة، ارض لا تصلح للحياة، رائحة الموت تنتشر بين طرقها، أهلها الذين يتجاوزون الستة آلاف يجاورون أكثر من 130 مصنعا وورشة تبث السموم بشكل يومي، وتدخل بيوتهم دون استئذان ولا حراك، 550 من أطفالهم يتحركون في صفوف نوافذها تجلب لهم هواء يخترق أجسادهم الضعيفة ويسيل بين عظامهم ودمائهم ولا أذن سمعت بذلك ولا عين رأت، إنها المعامير التي حصدت أكثر من 120 حالة وفاة من السرطان خلال اقل من عشرين سنة، وأكثر من 50 حالة تخلف عقلي، وغيرها من الأمراض ذات الصلة بالتلوث. فهل يطول الصمت عن المعامير؟

المعامير التي تختنق بين يوم وآخر، هي إحدى قرى البحرين الصغيرة، تقع على شارع مجلس التعاون، وهي مقابلة لقرية العكر، وقريبة جداً من خزانات شركة نفط البحرين. يختلف حول سبب التسمية فقيل إن أهلها عندما نزلوا أرضهم قاموا بتعميرها فسميت بالمعامير، وقيل إنها سميت نسبة إلى أول رجل نزل بالمنطقة واسمه عامر، لكن آخرين يكررون رواية تقول إن بعض أهالي قرية العكر ارادو النزوح، فتوجهوا إلى منطقة يطلق عليها بربورة ولضيق المكان سكن بعضهم مع رجل اسمه «مير» وعندما يسألهم بعضهم أين تسكنون؟ يقولون: «مع مير»، فاختلطت الكلمتان وأصبحت معامير.

أول قصة تلوث المعامير يبدأ منذ إنشاء شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو) على أراضيها، ولكسب ود أهالي المنطقة عملت على تزويد كل بحار من المعامير على اثنين من براميل ما يعرف بالصل وهو دهان خاص للقوارب، وتوظيف بعض من شباب القرية، وتزويد القرية بأربع حنفيات مياه عذبة، وإنشاء مدرسة ابتدائية للبنين، وبرغم ما قدمته للقرية إلا أن الشركة تعتبر أحد مصادر التلوث، رغم نفيها الدائم وبياناتها التي تشير إلى أنها ملتزمة على حد قولها بأنها تقوم «بتشغيل عملياتها وفق أقصى معدلات السلامة والبيئة وفق المستويات العالمية المقررة»، وأنها مهتمة بسلامة جميع العاملين والمقيمين في المناطق المحيطة».

ما يجري في المعايير يعتبر جريمة بيئية تطال البشر والطير وما يعوم في البحر، فالغازات المنتشرة في جوها وبخاصة غازي اليوريا وكبريتيد الهيدروجين، قد أصابت قاطنيها بحرقة وصعوبة في التنفس، ناهيك عن مرض سرطان المعامير إذ يحصد ما يفوق الخمسين حالة سنويا، ولم يكن الأمر محصورا على بني الإنسان، بل طال كل حي فيها فقد أدى تلوث المعامير إلى نفوق الأسماك والطيور، إذ يشار إلى نفوق أكثر من 42 طائر حمام في الفترة الأخيرة والتي شهدت تسرب الغازات ذات الرائحة الخانقة من المصانع التي تحيط بها، ومن أهمها مصانع شركة نفط البحرين ومولدات الكهرباء ومصنع ألمنيوم البحرين ومصنع الخليج للبتروكيماويات، هذا إلى جانب المصانع المنتشرة في المنطقة التي تنتج مواد الأبنية كالخرسانة والطوب وكذلك حظائر المواشي والأغنام وغيرها من المصانع.

الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية أنشأت مختبرا في القرية والذي هو عبارة عن شاحنة مزودة بأجهزة لرصد الملوثات الغازية في الهواء المحيط بقرية المعامير ومن ثم يتم إرسال المعلومات إلى المركز الرئيسي بإدارة التقويم والتخطيط البيئي بالهيئة التي تصدر بدورها تقريرا شهريا عن التجاوزات التي حدثت خلال كل شهر، وقد جاءت بعض تقاريرها بما يثبت حدوث تجاوزات في نسبة غاز ثاني أكسيد الكبريت وبعض المركبات الكيماوية، لكن تلك التقارير تم تجاهلها ولم يؤخذ بتوصياتها، ولا توصيات لجان مجلس النواب من قبلها في هذا الشأن.

إن المعامير التي تختنق بتلك الغازات الخانقة ذات الروائح الكريهة بحاجة إلى وقفة تضامن وتحرك من الجميع، فالمسألة بحاجة إلى حل عاجل فلم تعد «إلى متى» كافية.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 2787 - الجمعة 23 أبريل 2010م الموافق 08 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:01 م

      جريمه كبرى

      شكرا اختى الكريمه لتطرق عن هذه القريه
      المظلوم اهلها حقيقه فالمعامير تحت نفق مظلم,
      ان ما يحدث فى قريه المعامير لهو جريمه حقا
      بحق الانسان والطيور والاسماك والبيئه

اقرأ ايضاً