العدد 2787 - الجمعة 23 أبريل 2010م الموافق 08 جمادى الأولى 1431هـ

الرأي العام العالمي كله متشوق لإنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني (2 - 2)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

الآن، لا يزال هناك عمل كثير في الانتظار. فعلى السلطة الفلسطينية أن تضاعف جهودها كي تنهي التحريض والعنف وتقضي على الفساد وتبث ثقافة سلام وتسامح بين الفلسطينيين. وعلى القيادة أن تتجنب استغلال المحافل الدولية كالأمم المتحدة، على الأخص، كمنابر للخطب الطنانة الملهبة. ونحن نشجع الرئيس عباس وحكومته بقوة على الانضمام الآن إلى المفاوضات مع إسرائيل. لأنه يجب أن يرى الإسرائيليون أيضاً أن انتهاج سبيل التقدم والدبلوماسية يمكن أن يؤدي إلى السلام والأمن. ولكن ليس هناك من شك بأن ما نراه من تقدم في الضفة الغربية حتى الآن أمر مشجع.

زرت في العام الماضي صفاً مدرسياً في رام الله حيث كان الطلاب الفلسطينيون يتعلمون الإنجليزية بموجب برنامج ترعاه الولايات المتحدة وتعلّم عن طريقه آلاف الشبان الفلسطينيين. وتصادف أنني كنت هناك عندما كانوا يدرسون موضوع تاريخ المرأة، وسالي رايد أول رائدة فضاء امرأة. كان الطلبة، وخصوصاً البنات، مأسورين بقصتها. وعندما طلبت وصف سالي وإنجازها بكلمة واحدة أجاب أحد الطلبة قائلاً «hopeful» «الواعد» (المفعم بالأمل).

حسناً، الأمل يتحرك اليوم في الضفة الغربية نتيجة للقيادة القوية والعمل الجاد. وبدأ الناس يرون الفوارق في حياتهم اليومية التي تمكنهم من تخيل مستقبل مختلف لأبنائهم.

لكن هذا التقدم ضعيف. وبدون زيادة الدعم من المجتمع الدولي، بما فيه الدول العربية، وبدون دعم مالي أكبر ومستمر يمكن توقعه والتكهن به بشكل ثابت فإن جهود السلطة الفلسطينية لبناء المؤسسات وتحفيز النمو يمكن أن تفقد اندفاعها وطاقتها. وسيتباطأ النمو ويتوقف إذا أخفقت في السيطرة على العنف.

ويتطلب توسيع هذا التطور الإيجابي واستدامته من إسرائيل أن تكون شريكة. وقد رفعت حكومة نتنياهو الحواجز وسهلت الحركة في الضفة الغربية. هذه أيضاً خطوات مشجعة من شأنها تحسين نوعية الحياة. لكن إسرائيل تستطيع، ويجب عليها، أن تفعل المزيد لدعم جهود السلطة الفلسطينية في بناء مؤسسات موثوقة ذات مصداقية وتحقيق نتائج. وسيفيد الطرفان من شراكة فعلية تتبنى التنمية والفرص على المدى الطويل.

لأنه في نهاية المطاف فإن مصير هذه المساعي يتوقف على عملية السلام. وبخلاف حماس فإن السلطة الفلسطينية رهنت مصداقيتها في مسار من التعايش السلمي. وذاك المسار بالنسبة للفلسطينيين، لا يعني مجرد الفرص الاقتصادية، بل ينبغي أن يتجاوز ذلك ليؤدي إلى دولة خاصة بهم، من أجل الكرامة التي يستحقها جميع الناس، وحقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم. وإذا أخفق الرئيس عباس في تحقيق تلك الطموحات فلا شك في أن الدعم له سيخبو وسيتحول الفلسطينيون إلى بدائل، بما فيها حماس. وذلك المسار سيقود فقط إلى مزيد من النزاع.

لدي أصدقاء، من الإسرائيليين، يقولون: لا يمكننا تحديد ماذا سيحصل وما علينا إلا أن نتمسك بحزم بمواقفنا. وكما ذكرت في كلمتي أمام مؤتمر لجنة الشئون العامة الأميركية - الإسرائيلية (أيباك)هناك ثلاث مشاكل تعتري هذا الموقف: الديموغرافيا والإيديولوجيا والتكنولوجيا.

إذاً بالنسبة لإسرائيل فإن قبولها بخطوات أساسية باتجاه السلام - من خلال عملية السلام وفي بناء المؤسسات من مستوى القاعدة صعوداً الذي ذكرته، هي الأسلحة الفضلى في مواجهة حماس وغيرها من متطرفين. وقد تبنى رئيس الوزراء نتنياهو رؤيا الحل القائم على دولتين. لكن تخفيف القيود على الوصول والحركة في الضفة الغربية، استجابة لأداء أمني فلسطيني موثوق منه، لا يكفي للإثبات للفلسطينيين بأن احتضانه لهذه الفكرة ينم عن إخلاص. لهذا إننا نشجع إسرائيل على مواصلة تكثيف الزخم باتجاه سلام شامل يظهر احتراماً لتطلعات مشروعة للفلسطينيين، ووقف النشاط الاستيطاني، وتلبية الاحتياجات الإنسانية في غزة، والعزوف عن إصدار بيانات والقيام بأفعال أحادية الجانب، يمكن أن تقوض الثقة وتجازف بإجحاف نتيجة المحادثات.

وقد عملت إسرائيل جادة لتحسين وضعها الأمني. فإلى جانب زيادة قدرات قوات الأمن الفلسطينية وتعهداتها، وبناء الجدار الذي دافعت عنه أثناء ولايتي كعضو في مجلس الشيوخ، وأدافع عنه كوزيرة للخارجية، كون عدد التفجيرات الانتحارية تراجع بصورة ملحوظة - والحمد لله. ونتيجة لذلك بدأ البعض في إسرائيل يرى أن الجدار يوفر لهم حماية وأنه في ضوء رفعة اقتصادهم المنتعش، يمكنهم أن يتفادوا عمل أي شيء في الوقت الحالي لأن هذه هي خيارات صعبة يواجهونها.

لكن سينطوي على ذلك الاستمرار في طريق مسدود وما يواكبه لا فقط من خسائر بشرية مأساوية وحرمان الفلسطينيين من تطلعاتهم المشروعة، بل تهديد مستقبل إسرائيل في المدى البعيد كدولة يهودية ديمقراطية وآمنة. وعلى الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء أن يواجهوا واقع أن الوضع القائم لم يفضِ لأمن طويل الأجل أو أنه يصب في مصالحهم. وعليهم أن يقبلوا بقسطهم من المسئولية للوصول إلى سلام شامل يعود بالمنفعة على كلا الجانبين.

وهكذا يجب أن تفعل الدول العربية التي يتمثل كثير منها هنا هذا المساء، والتي تتوجس من الأثر المزعزع للاستقرار الذي يسببه متطرفون من أمثال حماس لكنها لا تفعل ما يكفي لتدعيم جهود السلطة الفلسطينية. ومن مصلحة الدول العربية كذلك أن تروج لمبادرة السلام العربية باتخاذها إجراءات وأفعالاً وليس مجرد كلام، بتسهيلها للفلسطينيين متابعة المفاوضات والوصول إلى اتفاق. وإذا كانت مبادرة السلام العربية عرضاً حقيقياً كما تبدو في الظاهر، فلا ينبغي علينا أن نواجه تهديدات بعض الدول العربية بأنها ستسحب هذه المبادرة من طروحاتها في كل مرة تنشب نكسة. إننا نتطلع إلى محادثات أكثر تعمقاً حول تنفيذ المبادرة والنتائج الأساسية التي ستجلبها للناس في المنطقة. ونحن متشجعون كثيراً بفعل ما يقوم به عدد من المنظمات غير الحكومية وجماعات في المجتمع الأهلي، بعضها ممثل هنا، لرسم صورة أوضح عن رؤيا أكثر شمولاً لمزايا السلام تلك.

ومن ناحيتنا، فإن الولايات المتحدة تتفهم الحاجة لدعم الإصلاحات التي تنفذها السلطة الفلسطينية كما نواصل مساعينا لاستئناف مفاوضات جوهرية. ونحن نعرف لا فقط أنه ليس بمقدورنا أن نفرض حلاً بل لا مصلحة لدينا بفرض حل. والطرفان أنفسهما هما الطرفان الوحيدان اللذان يمكنهما تسوية خلافاتهما. لكن بصفتنا صديقاً طيباً نعتقد أنه من خلال مفاوضات تنم عن نوايا حسنة يمكن للطرفين أن يتفقا بصورة متبادلة على نتيجة تسدل الستار على النزاع وتوفق بين الهدف الفلسطيني بدولة مستقلة قابلة للحياة تقوم على أسس حدود العام 1967 مع تبادلات (جغرافية) متفق عليها من ناحية، وهدف إسرائيل بأن تظل دولة يهودية ذات حدود آمنة ومعترف بها تعكس تطورات لاحقة وتتفق مع المتطلبات الأمنية لإسرائيل - من ناحية ثانية.

وسيقتضي هذا من جميع الأطراف أن تتخذ الخيارات العسيرة لكن الضرورية. وسيتطلب ذلك قيادة. ونحن شهدنا ذلك من قبل. وشهدنا ذلك يتكرر على مدى السنوات الماضية منذ أن مد السادات وبيغن يد السلام لأنهما كانا مدركين أن (السلام) سيقوي شعبيهما.

قال داني (مؤسس مركز دانيال إبراهام للسلام في الشرق الأوسط) ذات مرة، في معرض تأملاته بالعديد من الأحاديث مع الرئيس المصري مبارك: «لا يوجد شك بأن... العديد من الزعماء البارزين في العالم العربي يعرفون ما سيؤول إليه السلام الكامل مع إسرائيل من فوائد لبلدانهم لكنهم مدركون كذلك أنه في المناخ السياسي السائد فإن إشهار مثل تلك الحقيقة محفوف بالأخطار».

وتبديل ذلك المناخ أمر يعود لكل واحد منا. وهو يقتضي تجنيد شريحة سكانية عريضة من أجل السلام توفر وزناً سياسياً مقابلاً لكفة قوى التقسيم والدمار. وهناك ضرورة ملحة وعاجلة أكثر من أي وقت لعرض قضية السلام بجلاء وفي العلن. ومن أقوى هذه الحجج المنافع التي سيلمسها الإسرائيليون والفلسطينيون.

وكثيراً ما أفكر بصديق للعديدين منا إسحق رابين الذي تساءل إلى أي مدى يدعم شعبه السلام لأنه كان يعي أن الاتفاقات بين القادة ما هي إلا البداية وليست ختام أي شيء. وترسيخ السلام سيعول على تحوله إلى عادة نفسية. ومن أجل أن يصبح حقيقياً على الناس أن يتعلموا العمل والعيش والذهاب إلى المدرسة سوية. ويجب أن يتعزز السلام في بيوت الناس ومجتمعاتهم لا في العواصم الوطنية فقط. ويجب أن يتطور وينتقل إلى الجيل المقبل.

لهذا، إن السلام ممكن في الشرق الأوسط. لكن سواء تحقق مع مرور الوقت سيعتمد علينا. وهذا المركز يحمل خير تسمية هذا اليوم لأنه وبالرغم من النكسات والتبدلات والتعرجات فإنك لم تتخلَّ أبداً عن إيمانك وقناعتك بالسلام. وأسوأ شيء قد يحدث أنه سنسمع رنين الهاتف. ونحن مطلعون على ذلك. ولا أعرف كم مرة اتصل داني بزوجي في تسعينيات القرن الماضي أو كم مرة هاتفني ليقول لقد اضطر الحضور لمقابلتك في مجلس الشيوخ أو لرؤيتك في وزارة الخارجية لكن الرسالة كانت ذاتها على الدوام: عليكم أن تثابروا؛ فالسلام يقتضي منكم عملاً دؤوباً.

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 2787 - الجمعة 23 أبريل 2010م الموافق 08 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:30 ص

      هلاري كلنيتون ومشكلة فلسطين العجوز

      المشكله انكم تنظرون للقضيه الفلسطينيه بغين واحده فقط نتمنى منكم ان تتجردو من عاطفتكم اتجاه اسرائيل وتقيمو مايجري في فلسطين بحياديه حتى تضعو الحلول المناسبه لحل هذه المشكله. بداء السادات ووقع معاهدة سلام مع اسرائيل وبعدها الاردن ولكن ما هو مردود هذه الاتفاقات على الفلسطينيين ابدا مزيد من التنازل لاسرائيل والتفرقه والذبح للفلسطينيين.. بتاكيد اذا هناك من ينصف هذه القضيه رايح يضع الحلول التي ترضي الطرفين والحل بعدها بكل سلاسه وجميع الدول ستساند وتتعاون لحل المشكلة العجوز..

    • زائر 2 | 1:29 ص

      بــس جــدب ياكـلنتــون

      70 عاما يااكلنتــون عـــاد جـــايدة !!!! فالحل بســـيط جـــدا ....وتعرفينة اكثر ممــايعرفة غيركي ؟؟؟ فاللوبي الصهيوني عندكم يمثل اسرائيل العظمى ...اتنمي بــس ولااكثـــر ان تهمشـــي اللوبي

اقرأ ايضاً