أعلن عدد من منظمات المجتمع المدني التضامن مع منطقة المعامير، التي مازالت تعاني من انبعاث الغازات الملوثة من المصانع والشركات التي لا يبعد بعضها سوى 10 أمتار عن المنازل السكنية، وذلك في حفل أقيم عصر أمس (الجمعة) بمناسبة الذكرى الخامسة لحادثة غاز المعامير بحضور رؤساء وممثلي عدد من الجمعيات.

وطالبت الجمعيات السياسية الست (الوفاق، وعد، التجمع القومي، العمل الإسلامي، الإخاء الوطني، المنبر التقدمي)، الحكومة بتصحيح الأوضاع البيئية في المعامير، وإيجاد الحلول لتخليص الأهالي من المعاناة التي يعيشونها يومياً.

شاركت الأهالي في الذكرى الخامسة لحادثة «غاز المعامير» وأعلنت تضامنها معهم

الجمعيات السياسية: الحكومة مطالبة بتصحيح الأوضاع البيئية في «المعامير»

المعامير - علي الموسوي

طالبت الجمعيات السياسية الست (الوفاق، وعد، التجمع القومي، العمل الإسلامي، الإخاء الوطني، المنبر التقدمي)، الحكومة بتصحيح الأوضاع البيئية في المعامير، وخصوصاً مع استمرار انبعاث الغازات السامة من المصانع المحيطة بالمنطقة.

جاء ذلك خلال مشاركة الجمعيات السياسية الست في الذكرى الخامسة لحادثة «غاز المعامير»، عصر أمس (الجمعة)، في حفل أقيم بالتعاون مع لجنة «بيئيو المعامير» أمام مدخل المنطقة. وحضر الحفل رؤساء وممثلون عن الجمعيات السياسية، إلى جانب عدد من النواب والبلديين.

وقالت الجمعيات الست في كلمة ألقتها بالإنابة عنهم زهراء مرادي: «إننا نقف مع أهالي المعامير، ونعلن تضامننا معهم، ومستعدون للعمل معاً من أجل وقف المعاناة التي يعيشها الأهالي، بسبب جشع الشركات الصناعية القريبة من المنطقة».

واعتبرت مراد أن «المعاناة التي يتكبدها أهالي المعامير، انتهاك صريح لحق الإنسان في بيئة صحية خالية من مسببات التلوث، وقضية غاز المعامير لها أبعاد حقوقية وإنسانية من جانب، ومن آخر لها بعد سياسي، إذ إن الفساد لا يقتصر على الصعيد السياسي فقط، وإنما جميع الأصعدة».

وشددت مراد في القول: «إن التنمية الاقتصادية لن تكون لها قيمة ما لم يكن الإنسان هو أساسها ومحورها»، وأضافت أن «الاهتمام بالبيئة ومحاربة التلوث هي التي توحد النشطاء من كل التوجهات، فلابد من تكثيف الجهود وتنويع الفعاليات، والعمل على تثقيف المجتمع، وتدويل الملف، والاحتكام إلى القضاء».

وذكرت «ندرك أن الطريق طويل وشائك، وأن جميع الناشطين مستهدفون ومعرضون للمضايقات، إلا أن علينا الاستمرار بكل قوة، ومن دون توقف أو يأس، فإذا توقفنا عن المطالبة بهواء نظيف، فإن الشركات الصناعية لن تتوقف عن رمي المخلفات، وتلويث البيئة».

حسن: نريد حزاماً أخضرَ يحمينا من الملوثات

من جانبه، استذكر النائب عبدعلي محمد حسن الحياة التي كانت عليها منطقة المعامير قبل 80 عاماً، أي قبل اكتشاف النفط في البحرين، مبيناً أن «منطقتي «شباثة وسلبى»، كانتا تعجان بالنخيل والمياه، و «شباثة» تحولت إلى منطقة صناعية تصدر منها الملوثات، و «سلبى» تحولت إلى جزء من مصنع تكرير النفط».

وأشار إلى أنه «كان هناك ساحل بحري ممتد من توبلي وحتى حدود سترة، يعد موئلاً لتبييض الأسماك والروبيان، إلا أن مساحته تقلصت، وكثر وحله، وأصبح مصدراً لانبعاث الروائح الكريهة من مياه الصرف الصحي، إذ تسمى المنطقة الآن بخليج توبلي».

وبيّن «يوجد ساحل آخر ممتد من توبلي إلى حدود سترة، كان مليئاً بغابات النخيل واللوز، ومزارع البطيخ والخضراوات، إلا أن أيادي المتنفذين اغتالته، وحولته إلى أملاك خاصة وعمارات سكنية».

وأوضح حسن أن «لدينا عدة خيارات لحل مشكلة غازات المعامير، فإما أن نبقى مقاومين لما يهدد حياتنا من ملوثات، ونعيش بأسقام مزمنة، وهذا ما لا نريده، أو نغادر البلاد بحثاً عن وطن آخر».

وأضاف أن «الخيار الثالث هو أن تمد الحكومة يدها، وتساعدنا لحل هذه المشكلة، وتعمل على إنشاء حزام أخضر تكون الشركات الصناعية مساهمة فيه».

وأكد حسن «نحن لا نريد أن تزال المصانع والشركات الكبرى في المعامير، لكن حصنونا، وأنشئوا حزاماً أخضرَ يحمينا من الملوثات وانبعاث الغازات».

حسين: عسكرة «غاز المعامير» لن تحل المشكلة

إلى ذلك، قال رئيس اللجنة الأهلية لمكافحة التلوث في المعامير جاسم حسين: «إن عسكرة ملف غازات المعامير من قبل الحكومة لن يحل المشكلة، ولا جدوى من تشكيل لجنة يرأسها وزير الداخلية للتحقيق في مصادر التلوث في بعض مناطق البحرين من دون الإشارة إلى المعامير (...)».

وأكد حسين «إننا ماضون في مناهضة التجاوزات البيئية، والقتل المبرمج لأهالي المعامير، ولن يضيع حق أي من أهالي المنطقة، ولا يمكن لآي شخص تغيير الواقع التي تعيشه منطقتنا، وخصوصاً أن الغازات مازالت تنبعث من المصانع والشركات التي لا يبعد بعضها عن المنازل سوى 10 أمتار فقط».

واستذكر حسين: «تمر علينا الذكرى الخامسة لحادثة غاز المعامير، التي طالت بطون الحوامل، وعلى رغم انقضاء الأعوام، إلا أن الوضع ازداد سوءاً، وعانت من 4 حوادث لانبعاث الغازات الملوثة خلال هذا العام، وتسبب ذلك في حرج للشركات مع الحكومة».

وأشار إلى أن «توصيات لجنة التحقيق البرلمانية في غاز المعامير التي شُكلت في العام 2005، لم تنفذ منها أية توصية، وذلك ما حدا بالحكومة إلى اللجوء وتشكيل لجنة حكومية للتحقيق في مشكلة انبعاث الغازات في العام 2010».

المرباطي: التوسع في الصناعات القذرة خطر على المواطن

أما الناشط البيئي غازي المرباطي، فدعا خلال كلمة له بالمناسبة، القيادة السياسية في البحرين لوقفة جادة وتحرك فعلي لإصلاح الوضع البيئي في البحرين، متسائلاً «نعلم أن البحرين بحاجة إلى مشاريع تنموية، لكن هل تكون على حساب صحة المواطن؟».

وقال: «لا نستطيع السكوت أكثر، لأن التنمية المستدامة لم تراعِ صحة الإنسان، وبدأنا نشعر بها جميعاً، وحتى القيادة لا تستطيع إخفاء الجرائم التي ترتكب في حق أهالي المعامير، ولا يمكن أن يعيش أحد المسئولين في منطقة المعامير أو حتى الجلوس فيها ساعة واحدة».

وحذّر المرباطي من «التوجه في التوسع في الصناعات القذرة، لأنها تشكل خطراً على المواطن البحريني، إضافة إلى التنمية في العقارات وناطحات السحاب، التي لم ترحم الساحل أو البيئة الفطرية».

ولفت إلى أن «لا أعتقد أن يختلف أي شخص على أن تكون بيئة المعامير نظيفة، وتكون للبحرين بيئة يستطيع الإنسان العيش فيها، إلا أن الخلط بين الأهداف والمبادئ هو ما يميت قضية البيئة في مهدها».

وتساءل المرباطي: «البحرين وقعت على الكثير من المعاهدات، لكن ما هي الظروف التي تجعل الجهات المسئولة في البحرين لا تحترم أبسط هذه الاتفاقيات والمعاهدات، وهي حماية البيئة».

وأكد أنه «يوجد نفوذ في الدوائر الحكومية، يضرب جميع الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات، وحتى القوانين المحلية، إلا أنه وبدعم الشارع وقوة الضغط يمكن أن نحقق الكثير، ونقف في وجه كل المخالفات والتجاوزات البيئية».

هذا وألقى الشاعر عبدالمنعم الشايب قصيدة صوّر فيها مشهد المسئول مع المواطن المتضرر من الملوثات البيئية.

كما تم عرض تقرير صوتي عن التلوث في المعامير، تخلله وقوف عدد من أطفال المعامير وهم يلبسون الكمامات على أفواههم، في إشارة واضحة إلى التلوث في منطقتهم.