العدد 2786 - الخميس 22 أبريل 2010م الموافق 07 جمادى الأولى 1431هـ

الرأي العام العالمي كله متشوق لإنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني (1)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

أريد أن أركز على كيف أن النضال لتحقيق السلام، على الرغم من صعوبة تحقيق السلام الشامل، هو أمر بالغ الأهمية، ليس فقط لإسرائيل وليس فقط للفلسطينيين وليس فقط للولايات المتحدة، ولكن بالنسبة لمستقبل هذا العالم الذي نتقاسمه.

ما أنا قلقة بشأنه هو أن عدم القيام بعمل الآن في ظل ظروف متغيرة فعلا، بما في ذلك مبادرة السلام العربية، بما في ذلك الخوف المتشاطر على نطاق واسع جدا من نوايا إيران وأفعالها، لن يعيدنا إلى الوراء فحسب، بل قد يمنعنا بطريقة لا رجعة فيها من السير إلى الأمام.

إن عدم متابعة تحقيق سلام شامل يتم في إطار صراع إيديولوجي بالنسبة لمستقبل الشرق الأوسط. ذلك لأنه لا يجب على أحد أن يشك في التالي: أولئك الذين هم الأكثر عداء للسلام في هذه المنطقة، وأولئك الذين هم الأشد معارضة للحلول الوسط والتعايش فيها، هم أولئك الذين لا تعنيهم مصالح إسرائيل حقا ولا تعنيهم مصالح الفلسطينيين حقا كذلك.

إن هناك العديد من الأطراف الآن الذين هم على استعداد لتقديم الالتزامات واتخاذ الإجراءات التي لم يكن من الممكن حتى التفكير فيها قبل سنة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع.

أرى صديقي وزير خارجية الأردن ناصر جودة. وهو وأنا نتحدث عن واجب الدفع بهذا إلى الأمام. ومع ذلك فنحن نعرف أن أولئك الذين يستفيدون من إخفاق قيادتنا يتاجرون بالكراهية والعنف، ويمنحون القوة للرئيس الإيراني المعادي لليهود وللمتطرفين مثل حماس وحزب الله.

إن كل خطوة إلى الوراء بعيدا عن مائدة السلام وكل تصعيد في أعمال العنف إنما يقوض من مكانة الأطراف الإيجابية في المنطقة الذين يسعون إلى بدء صفحة جديدة والتركيز على بناء شرق أوسط أكثر أملا ورخاء. إنه يضعف الإصلاحيين الذين يحاولون بناء مؤسسات فاعلة وحكومات مسئولة أمام شعوبها، ويضعف رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد الذين يحاولون تعزيز نمو يقوم على نطاق واسع، ويضعف منظمي وناشطي المجتمع المدني الذين يعملون لإيجاد الأرضية المشتركة والتفاهم المتبادل، ويضعف جميع الأمهات والآباء الذين يأملون في السلام لأبنائهم وأحفادهم.

ولذلك فإننا جميعا لدينا مصلحة في النتيجة، ولكن ليس هناك سوى شعبين يستطيعان اتخاذ القرارات.

لا يمكن لداني ابراهام أن يريد هذا أكثر من قادة إسرائيل والفلسطينيين. الرئيس أوباما لا يستطيع أن يعمل بكد أكبر من شعب إسرائيل والشعب في الأراضي الفلسطينية. إن تحقيق هدف السلام الشامل وكل الفوائد التي نعتقد أنه سيأتي بها لم تعد واضحة مؤكدة. ذلك لأن السلام والتقدم يجب أن يكونا مدفوعين من أعلى وأسفل معا. وهما يتطلبان قادة - نعم - قادة على استعداد للقيام بالمخاطرة، وسكان يطالبون بالنتائج، ومؤسسات يمكن أن تحقق فوائد ملموسة لحياة الناس. هذا هو السبب في أن الولايات المتحدة تؤيد استراتيجية المسارين في الشرق الأوسط - المفاوضات بين الطرفين بهدف التوصل إلى حل الدولتين وبناء المؤسسات التي تضع الأساس اللازم لإقامة دولة مستقبلية للفلسطينيين والضمانات الأمنية التي توفر الأمن لدولة إسرائيل. لكن لن ينجح أي من هذه الجهود، بغض النظر عن مدى الإخلاص في بذلها، إذا كسب المتطرفون الجولة.

والآن، يظهر هذا الصراع واضحا وبشدة بين الفلسطينيين أنفسهم. فقد ظلت فتح وحماس تتنافسان لنحو 20 سنة على حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني. واليوم تجادلان بحجتين مختلفتين بالنسبة لتحقيق طموحات الفلسطينيين. فلأولئك الذين خاب أملهم في عملية السلام التي لم تحقق إلا قليلا يذكر، تروّج حماس لأمل زائف هو أن الدولة الفلسطينية يمكن أن تتحقق بأسلوب ما عن طريق العنف والمقاومة التي لا تتنازل.

وعبر هوة الانقسام ينادي الرئيس عباس ورئيس الوزراء فياض والسلطة الفلسطينية بأسلوب المسارين للتوصل إلى التسوية السياسية وبناء المؤسسات.

تدّعي حماس أن أي إخفاق في عملية السلام هو إثبات مبرر لوجهة نظرها الرافضة. أما السلطة الفلسطينية فلها المهمة الأصعب وهي: إقناع الناس المتشككين بأن السلام ليس ممكنا وحسب، بل وهو أضمن طريق إلى تحسين حياتهم وتحقيق طموحاتهم.

ونتائج هذين الأسلوبين المتنافسين يمكن رؤيتها يوميا في الشوارع والأحياء الفلسطينية تُظهر بحدة الخيارات التي يجابهها الشعب الفلسطيني وتقدم الإجابة لأولئك الذين يظنون بأن الاختلاف طفيف بين الأسلوبين.

في غزة تترأس حماس قطاعا متداعيا من الإرهاب واليأس. وهي تكدس الصواريخ المقصود توجيهها نحو المدن الإسرائيلية، بينما يزداد أهالي غزة سقوطا في براثن الفقر.

إذ ترتفع البطالة إلى نحو 38 في المئة - وحتى أعلى من ذلك بين الشباب - ومع ذلك تعرقل حماس المساعدات الدولية والأعمال الإنسانية للمنظمات غير الحكومية ولا تفعل إلا ما قل لتعزيز نمو اقتصادي مستدام. فقد كشفت حماس عن نفسها وعن أنها غير مهتمة ببناء مؤسسات التنمية أو بالسلام أو التقدم.

وتدّعي حماس أنها تنشد السلام والرخاء ودولة لشعبها، ولكنها ترفض اتخاذ الخطوات الأولى اللازمة وهي: نبذ العنف، والاعتراف بإسرائيل، وقبول الاتفاقيات السابقة. فهذه هي لبنات بناء دولة فلسطينية قابلة للحياة، مستقلة ومترابطة جغرافيا تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل - ونحن نحث حماس على أن تتبنى هذه الخطوات. وسأكرر ما قلته مرات عديدة من قبل وهو: يجب إطلاق سراح جلعاد شاليط فورا وإعادته إلى عائلته. فهذا عمل لم يتم ويجب إنجازه.

لكن مع الأسف، حماس تبدو مصممة على الصراع مع إسرائيل مع اعتبار ضئيل لما يعنيه ذلك بالنسبة للشعب الفلسطيني. وحماس باستغلالها الإحباط وخيبة الأمل والعداء الناجم عن الصراع فقط تستطيع أن تأمل في تحويل أنظار شعبها عن فشلها في الحكم.

أما الرئيس عباس ورئيس الوزراء فياض فقد توصلا إلى نتائج مختلفة جدا في مدة قصيرة نسبيا من الوقت.

فقد برزت منظمة التحرير الفلسطينية كشريك في السلام له مصداقية. فلقد رفضت العنف وحسنت الأمن وحققت تقدما في مكافحة التحريض وقبلت بحق إسرائيل في البقاء.

وتتصور خطة السنتين للسلطة الفلسطينية دولة قائمة على التعددية والمساواة والتسامح الديني وسلطة القانون تنشأ من خلال تسوية تفاوضية مع إسرائيل وتكون قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها وتدعم سلاما دائما. وتعالج السلطة الفلسطينية تحت قيادة الرئيس عباس ورئيس الوزراء فياض تاريخا من الفساد وتبني مؤسسات شفافة خاضعة للمحاسبة. وقد اشتركت الولايات المتحدة مع السلطة الفلسطينية من أجل تحسين كفاءة قواتها الأمنية.

الإصلاحات زادت ثقة الجمهور بالمحاكم - في العام الماضي نظرت في قضايا زادت بنسبة 67 في المئة عن عدد قضايا العام 2008. وتعمل السلطة الفلسطينية على بناء المدارس والمستشفيات وتقوم بتدريب المعلمين والعاملين في الميدان الطبي، وتعمل حتى على وضع برنامج وطني للتأمين الصحي.

ولقد أدت السياسات المالية السليمة والدعم من المجتمع الدولي - بما فيه مئات ملايين الدولارات من الولايات المتحدة هذا العام التي لاتزال أكبر مانح منفرد للسلطة الفلسطينية - وتحسين الأمن وحكم القانون، إلى نمو اقتصادي مهم. فهناك أعداد متزايدة من الفلسطينيين في الضفة الغربية يجدون أعمالا ويبادرون ببدء أعمال تجارية ويعكسون تيار الركود الاقتصادي الذي أعقب الانتفاضة في العام 2000. فقد زاد عدد التراخيص التي منحت لإنشاء شركات جديدة في الضفة الغربية في الربع الرابع من العام 2009 بنسبة 50 في المئة عن الفترة ذاتها في العام 2008. وتجري الاستعدادات لإطلاق ثلاثة صناديق لمشاريع رأس المال في هذا العام بدعم من مستثمرين أميركيين وعرب وأوروبيين.

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 2786 - الخميس 22 أبريل 2010م الموافق 07 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:53 ص

      إلى حليفتنا الاستراتيجية امريكا

      شوفوا لنا حل مع هالجار السوء .. أنا أدري انكم شغالين بس أدبوه نجان نفتك منه و أعني طبعا ايران. و فقكم الله لما يحب و يرضى و خصوصا الشر الإيراني.

    • زائر 2 | 11:41 م

      إن الوطن العربي كن محط أنذار شرذمة من اللقطاء وكان هدفهم محاربة القرآن والحضارة الإسلامية

      يثيرني هذا التوارث في الأمة أولا ومحاربة الإصلاح ثانيا . لا شك أن للتاريخ دورة قوم يرونها صيرورة التاريخ أي الحتمية لدورته وقوم يرونها كالحلقات وليست صيرورة وفي القرآن عجب من دورة التاريخ .(بل لا يزال لغز ظهورها مثار جدل) نظرا لتقسيم العالم وخروج العالم لعصر جديد من أثر حرب عالمية طاحنة كانت من الأحداث البشرية التي غيرت الخريطة, وبروز دول ودويلات واحتلال القدس ..ولكن لماذا تعرض الدول عن تصحيح المسار ودعم الاصلاح وهي تقرأ التاريخ ؟؟؟ - (جلنار أفندي)

    • زائر 1 | 11:30 م

      شىء جميل أن نطلع إلى التجارب العالمية ولكن يجب محاسبة المسىء

      لقد أقدمت أحدى حديثات النعمة بالوظيفة بتحميد من يعلو عليها في الخبرات والمؤهلات لكي تحظي بكرسي الإدارة ولا تزال بعيدة عن يد القضاء تقاسموا بعض الوظائف ووزعوها بينهم في ليلة وتالية من موظف درجة 5 إعتيادية إلى الحاكم بأمره ولم يكتفوا بذلك فالثروة ليست كافية!
      بل زوروا تاريخ المؤسسة وحرفوا المعانية وإستبدلت لغة القرآن بلغة أجنبية دخيله لا هي عرفت تمشى مشية الغراب ولا مشيتها استجلبت "كومارا" لكي يغطي العجز ، أكرمته كرم حاتم الطائي ، والموظف يكتوي بنار حامية مع تحيات (ندى أحمد)

اقرأ ايضاً