العدد 2372 - الأربعاء 04 مارس 2009م الموافق 07 ربيع الاول 1430هـ

حضور محلي وخليجي يكرس ثقافة المسرح

حصاد مهرجان أوال الخامس

اختتمت فعاليات مهرجان أوال المسرحي في نسخته الخامسة، بعرس استمر حافلا بعروض مسرحية متنوعة تناولت مختلف القضايا وبجمهور حاضر حتى في الندوات التطبيقية التي قرأت العروض وتأولتها بقراءات مختلفة ومتنوعة، وبمتابعة إعلامية أحرزت الوسط فيها قصب سبق ونالت التكريم والتقدير.

وقد كسب مسرح أوال الرهان حين استطاع أن يفي بالوعد الذي قطعه على نفسه بأن يكسب معركته ويسهم في تكريس ثقافة المسرح بحسب طاقته وبحسب ما حصل عليه من دعم، وأن يحافظ على جمهوره وألقه لمدة تسعة أيام بثمانية عروض متنوعة لفرق مسرحية بحرينية، وخليجية، مع إصداره لمجموعة من الكتب المسرحية، وتكريمه لنخبة من رواد المسرح البحريني برعاية من وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي بنت محمد آل خليفة التي كان لها الدور المهم في دعم المهرجان، وظهوره بهذه الصورة المشرفة على خشبة الصالة الثقافية.

فقد قدم أوال نفسه بعملين مسرحيين في المهرجان، الأول عرض «جدل» إخراج طاهر محسن وإعداد وتمثيل خليفة العريفي، حيث أدار الممثلون حوارهم على كوة النور التي فجرت جدلهم المستمر، وكان العرض الثاني لأوال مسرحية «الناقوس» إخراج أحمد الصايغ، فهل استطاع الأخير أن يدق فينا ناقوس الخطر؟ وقدم جمال الغيلان فيلمه «ياسين» ليروي حكاية رجل تدهسه الحياة القاسية بضغوطاتها فتدخله مستشفى الأمراض العقلية فيقوم الغيلان برواية الحكاية من جديد فهل استطاع أن يخرج من أذهاننا الصورة النمطية بأن كل من في تلك السرايا هو مصنف من المجانين.

وكعهده في إصراره على الحضور التفاعل المستمر شارك «الريف» بمسرحية «اللحاد» لمخرجها جاسم طلاق، في صيغة تقارب حالة المسرح الذهني مع تحفظ يوسف الحمدان حيث خصص الحوار في المسرحية حديثه عن الموت على لسان حفّار القبور في إدانة للواقع حتى الثمالة، ومباعدة السعداوي بين الوجودية وما وجده البعض في المسرحية من لمحة وجودية، أما مسرح «البيادر» فقد شارك بمسرحية «المنجم» لمخرجها ومؤلفها أحمد جاسم. باحثا عن الذهب موقعا ممثليه في شرنقة لم يستطيعوا الخلاص منها بغير خسائر ، حيث لا ذهب من غير تعب.

واستطاع مهرجان أوال هذا العام كما هو حرصه في كل عام أن يستقطب مشاركة خليجية جادة تمثلت في مسرح شباب الإحساء من السعودية حيث شاركوا بمسرحية «زمن الكلام» لمؤلفها فهد الحوشاني، وسنوغرافيا وإخراج نوح الجمعان، إذ مثلوا حكاية الكاتب والمفكر حين يتورط بالصمت، وإدانة الواقع، فيقع هو نفسه في مأساة أخرى حيت يتراوح العرض بين حرقة الكلام وحرقة الصمت، وما بين الحرقتين تشتعل القلوب وتضيء أو تحترق، تما ما كما أرانا إياها المخرج في سنوغرافيا أحد المشاهد الرمزية في بداية العرض، أما فرقة المسرح القطري فقد شاركت بمسرحية « أو ركسترا تايتنك» إخراج نورالله توجار، متجاوزة حواجز اللغة وحواجز المكان مختبرة قدرة المسرح على أن يكون مسرحا حقا ويوصل رسالته على رغم اختلاف اللغة لاعبة با ستهواء الفرد للجماعة واستهواء الجماعة للفرد كما حدث مع المسافرين والساحر.

فيما شاركت فرقة المسرح الحديث لدولة الإمارات بمسرحية «ميادير» لمخرجها إسماعيل عبدالله، حيث أوقع المخرج ممثليه في أزمة ونظر ماذا سيفعلون وبحسب يوسف الحمدان أن هذه عادة الأنصاري حيث يتكئ دائما على مسرح الأزمة وحيث رشح المسرح الإماراتي حضوره باقتدار مسرحي منسجم، معتمدا على جمالية في العرض وطاقات متميزة، تؤسس لجمهور حاضر، وإن اتكأ كثيرا على الصوت إلا أن هناك إضاءة من داخل القلب، حين يشعرك العمل أنه نتاج فريق مشترك وهو ما أكده مرعي الحيان.

فيما كان ختام العروض بمسرحية «عايشة» لمسرح جلجامش تأليف حبيب غلوم وإخراج جمال الغيلان، حيث تحكي المسرحي عن مأساة المرأة الخليجية بنموذجين نسائيين متعاكسين عائشة وحصة حيث تتداخل أمور الزواج والطلاق مع الخوف من نظرة المجتمع مما يدخل الشخصي في العام والعكس، ويحدث الصراع الذي يصنع المأساة للشخوص المأزومة في المسرحية، حيث تعيش عايشة مأساتها خائفة من مجتمعها وتحصل حصة على حصتها ونصيبها غير مهتمة بأحد تماما كما هو مدلول اسميهما في العرض.

وأعقبت العروض ندوات تطبيقية خلت من الأوراق النقدية ولكنها في الوقت الذي التزمت بالتداول مع المخرجين ومناقشة عروضهم مع الجمهور حيث شهدت الجلسات التطبيقية مداخلات مختلفة و نقاشات متنوعة حول المسرحيات المقدمة مع المخرجين والممثلين تراوحت على مسائل الإخراج والسنوغرافيا وأداء الممثلين واختيار النصوص وقراءة ما وراء الأعمال من دلالات ورموز، إلا أنها - الندوات التطبيقية - خلت من الأوراق النقدية التي عادة تقرأ العروض وتطلع مسبقا على النصوص فتسهم في تقديم نقد متوازن.

وقد علل حينها أوال بأن إلغاءه لهذه الفقرة كان بسب ميل البعض لاعتبار القراءات فرصة لتخليص الحسابات المنهجية للمدارس الفنية المتنوعة سواء في المسرح أو في النقد أو دخول بعض الأمور الأخرى حين تحضر القراءات الشخصية أو السياسية فتسهم في إثارة الخلافات وما تستتبعه من إثارات تقلق البعض، إلا أن ما يحدث وحدث هو العكس حيث ألغيت الأوراق النقدية التي من الممكن أن تحافظ على جديتها وتقديمها لنقد متوازن وفتح المجال للقراءات التي تعقب العروض مباشرة والتي لم يخلو بعضها ما أبدى المنظمون خوفهم منه، حيث وقعوا فيما حاولوا أن يهربوا منه، ولما كان هذا الأمر واقع لا محالة حيث لا تستطيع أن تفرض رأيك كمنظم على تأويلات الآخرين المتباعدة للعرض كان الأجدر بك على الأقل أن تفتح المجال للقراءات النقدية المنضبطة والتي تسهم في الموازنة بين بعض الآراء الشخصية المرتجلة التي تأتي بعد العرض عادة والتي بالمناسبة يروق لي كثيرها ففي العروض الكثير مما يقال وما لا يقال، وبين تلك الأوراق التي تعد مسبقا ومن المفروض أن تكون أكثر جدية وقدرة على تبرر ما ذهبت إليه من قراءة سواء مع العرض أو ضده وبالمناسبة ليست هذه قسمة صحيحة أن تكون مع العرض أو ضده فهناك الكثير مما يقوله العرض ويحتاج لقراءة وتفكيك من غير المع والضد التي اعتاد الناس أن يصنفوا الأشياء وفقها، ولكن الذي خفف الأمر أن وعد منظمو المهرجان بأنه ستكون هناك ندوات تطبيقية قادمة بعد المهرجان يدعى لها النقاد والمخرجين والممثلين والمهتمين ليستكمل العرس المسرحي ما نقصه، ولعل المهرجان في نسخته السادسه يتلاشى فيه ما سقط عن غير سهو، من النسخة الخامسة.

العدد 2372 - الأربعاء 04 مارس 2009م الموافق 07 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً