إعادة فرز وعدّ الأصوات يدويا التي أعلنت عنها مفوضية الانتخابات العراقية في محافظة بغداد بناء على طلب رئيس قائمة «دولة القانون» هل ستؤدي إلى تثبيت النتائج المعلنة، أو خلط أوراق القوى الفائزة، أو إعادة الفرز الطائفي والمذهبي؟
الاحتمالات الثلاثة تنتظر نهاية الأسبوع المقبل حتى يأتي الجواب وما يتضمنه من تداعيات سياسية أهلية وإقليمية. فكل احتمال يؤشر إلى ناحية يمكن أن تدفع بالعلاقات باتجاه مخالف للآخر.
إذا تم تثبيت النتائج وعدم تغييرها سيتجه العراق نحو مهادنة غير مستقرة بسبب التضارب بين اللوائح والاختلاف على اسم رئيس سيُكلف بتأليف الحكومة. عمّار الحكيم مثلا يفضل أن يكون الرئيس المكلف غير نوري المالكي أو إياد علاوي. مقتدى الصدر يحبذ أن يكون الاسم خارج «دولة القانون» أو على الأقل لا صلة له بحزب الدعوة. رئيس منظمة «بدر» هادي العامري لا يقبل بعلاوي لأنه لا يخدم الاستقرار الداخلي. وهكذا، ما يعني أن تثبيت النتائج لن يساعد على التفاهم السريع وسيفتح الاحتمال على فوضى في اختيار الأسماء وتقاطعات سياسية تشبه لعبة الكلمات المتقاطعة.
إذا تم خلط الأوراق بزيادة مقاعد هذه القائمة وخفض مقاعد تلك اللائحة سيعود العراق إلى المربع الأول من حيث ارتفاع حرارة التنافر بين مراكز القوى وما تمثله من امتدادات إقليمية تؤشر إلى نفوذ دولة وتقلص تأثير دولة أخرى. وسياسة خلط الأوراق إذا اعتمدت لن تشكل ذلك المنفذ الآمن للانتقال بالدولة من حقبة الاقتتال إلى طور التعايش المطلوب حتى تستقر بلاد الرافدين على قاعدة متوازنة تضع حدا للانهيار وما ينتجه من اضطراب أهلي.
الخطر الأكبر هو أن تؤدي إعادة فرز الأصوات إلى احتمال تصعيد سياسة الفرز الطائفي والمذهبي ودفعها إلى ساحة المواجهة ما سيكون له تأثيره في ترسيم حدود دويلات متجانسة في تركيبها ولونها وتمانع ذاتيا في الاندماج أو الائتلاف أو التساكن.
الاحتمالات الثلاثة تبدو سلبية وهي في مجموعها تؤشر في النهاية إلى ضعف العراق وانكشاف ساحته على التقاطعات الدولية والإقليمية بعد تعرضه للاحتلال الأميركي وتقويض دولته. فالعراق الآن لم يعد يحكم نفسه، وأصبح مجرد ملعب للتنافس أو صندوق بريد لتبادل الرسائل «الفنية» و «التقنية» أو زرع المفخخات والاقتصاص من الأبرياء وتبرئة المتعاملين من العقاب.
قرار بلاد الرافدين لم يعد يقنع في بغداد. وهذا الجديد في سياسة العراق بدأ يتطور على الطريقة «اللبنانية» ما ينذر بمخاطر أهلية تتحكم في إدارة خيوطها جهات محيطة ومجاورة ومتاخمة للحدود. وحين تصبح مفاتيح الصراع جغرافية في عواصم إقليمية تبدأ اللعبة تأخذ أبعادا تتجاوز جغرافية بلاد الرافدين لأن قنوات الاتصال السرية وما تمثله من شبكات ستقرأ المصالح من زوايا متخالفة لن تكون بالضرورة متوافقة مع حاجات الداخل العراقي.
المخاوف المتوقعة من إعادة فرز أوراق صناديق الاقتراع أنها قد تكون خطوة ارتدادية تشجع الأطراف الأهلية على الدفع باتجاه المزيد من إعادة الفرز الطائفي والمذهبي لمصلحة قوى إقليمية تريد توجيه رسائل إلى واشنطن بغية التفاهم معها على تقاسم الأدوار وتوزيع الغنائم والنفوذ مقابل تنازلات تشتمل على ملفات أمنية وتسليحية.
اللعبة في العراق دخلت منطقة خطرة. والخطر المضاف في بلد يعاني أصلا من السرقة والنهب والفوضى والقتل الجماعي والرشوة وتهريب الأموال والتفاخر في التعامل أو التباهي في الارتباط بالأجنبي لن يدخل في حسابات الربح والخسارة ما دام صاحب القرار ليس عراقيا ولا يكترث كثيرا لتلك السيول اليومية من الدماء.
الخطر المضاف على نكبة العراق أن هذا البلد تحول إلى ورقة تستخدم في لعبة التقاطعات الدولية والإقليمية ما يعني أن احتمال تجدد الفرز الطائفي - المذهبي ليس مستبعدا بعد الانتهاء من عملية الفرز الديمقراطي التي قررتها المفوضية تجاوبا مع ضغوط مجهولة. الفرز السكاني حصل فعلا بعد الاحتلال وبإشرافه بذريعة أن الاختلاط المذهبي الطائفي يؤخر قيام دولة حديثة وعصرية (فيدرالية) تعطي الأقاليم صلاحيات محلية تساعد على توسيع حرية الاختيار. الآن بدأ فرز الأوراق وإعادة عدّها بذريعة أن الفيدرالية في بلد طائفي - مذهبي ومتعدد الأعراق والأقوام لا تساعد على نمو دولة قوية وقادرة وقانونية. وبين مشروع الأقاليم (دويلات الطوائف) الفيدرالية وفكرة الدولة الواحدة القوية ضاع العراق وخسر هويته وموقعه الإقليمي العربي ويحتمل أن يدخل الآن موجة جديدة من الفرز السياسي الأهلي حين تنتهي المفوضية من فرز أوراق الصناديق.
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 2784 - الثلثاء 20 أبريل 2010م الموافق 05 جمادى الأولى 1431هـ
14 نور :: تابع للسابق
فهناك بلدان دفعوا الكثير كي يجعلوا هذا البلد غير مستقر وبعدم إستقراره يكون في دوامة تخدم مصالحهم على الدوام و الأمريكيين أول داعم لهذه التقلقلات فهم المستفيد الأول من النفط العراقي و القواعد الإستراتيجية لنشر قواتهم بالطريقة التي يرونها صالحة و ناجعه فكلما عاثوا بهذا البلد فساداً زادت السرقة من دون رقيب ولن يكون هناك حسيب في ظل هذه الفوضى التي ستسود هذا البلد ولكن بعد هذا القرار سيفتح الباب لكشف التزوير الذي حصل ولربما يتم الكشف عن من طلب منهم ذلك وبعده الذي دفع ومنه إلى مصدر المال وتسقط الورقت.
14 نور :: لا يا سيدي
الفرز الذي أمرة به المحكمة الدستورية سيقلب الأوراق نعم ولكنه سيقطع دابر من دفع الغالي و النفيس ليجعل هذا البلد داراً للقتل و التدمير وهو العقار الذي يحتاجه العراقيون لوئد الفتنة بالعراق.