في برنامج تلفزيوني خاص بمناسبة الزيارة التاريخية لجلالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية، لمملكة البحرين بدعوة من أخيه جلالة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، تحدثت ثلاث شخصيات بحرينية لها مكانتها على مستوى البحرين والخليج هم: رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، ونائب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة الرئيس الفخري للجنة الأولمبية البحرينية الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، ورجل الأعمال الوجيه عبدالعزيز كانو، فقدموا إضاءات مهمة ضمن مسيرة الإخاء بين السعودية والبحرين تحت عنوان: «تاريخ واحد ومصير مشترك».
وفي البرنامج الذي نظمته وأشرفت عليه جمعية تاريخ وآثار البحرين، حول العلاقات التاريخية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، استهل رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة عن العلاقات الضاربة في جذور التاريخ بين حكام البلدين فقال إن ما يربط المملكة العربية السعودية بمملكة البحرين يمكن وصفه بأنه علاقة مثالية قل أن تجدها في العالم، فهي علاقة بلد واحد، وقد امتدت أواصر الأخوة والتعاون على مدى 200 عام، لكنني سأتحدث في إطار مئة عام، وهي الفترة التي تبدأ بعهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، فقد بدأ عمله في مطلع القرن
ويواصل سمو الشيخ عبدالله حديثه: بعد ذلك، بدأ يتحرك في الجزيرة العربية ويهاجم الأقطار الثانية ويضمها الى مملكته، وكان في ذلك الوقت وثيق الصلة بالشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين وقتذاك، لكن بن رشيد احتل الرياض مرة أخرى، فنزح الملك عبدالعزيز مع والده الإمام عبدالرحمن وعائلته الى البحرين، وكان عمره في ذلك الوقت احد عشر عاما، ونزل مع عائلته عند الشيخ عيسى فترة من الزمن، وكان تحت نظر الشيخ عيسى ورقابته وكان يعامله معاملة اولاده: حمد وسلمان ومحمد وعبدالله وراشد، وتربى في كنف الشيخ عيسى، وأحبه الشيخ كثيرا.
بعد أن تولى الملك عبدالعزيز الحكم، واستطاع ان يفتح عدة مدن في الجزيرة العربية، كان يكتب للشيخ عيسى رسائل بعد كل معركة يفصل فيها المعركة التي خاضها وما فتح الله عليه، وكان الشيخ عيسى يتابع الرسائل ويرسل جوابها، حتى أننا جمعنا من الرسائل العديد مما يؤرخ تاريخ هذه الحركات التي قام بها الملك عبدالعزيز حتى قضى على بن رشيد، ووحد الجزيرة العربية ثم احتل الحجاز ودخل مكة وجدة والطائف وضمها الى المملكة، فأصبحت هذه المملكة واسعة شاسعة، هو محررها وقائدها وجامعها، وهو بطل العرب في ذلك الوقت الذي استطاع أن يحرر هذه البلاد الشاسعة على ظهور النياق والخيول ليس إلا.
وبعد أن بويع ملكا للمملكة بعد احتلاله الحجاز، كانت المراسلات بينه وبين الشيخ عيسى تترى، وقد زار البحرين في زيارته الأولى عندما جاء لمؤتمر (العقير)، واستعدت البحرين له عندما طلب مقابلة الشيخ عيسى الذي كان قد انتقل من المحرق الى المنامة انتظارا لمجيئه مع ابنائه.
ويشير سمو الشيخ عبدالله بن خالد الى أنه مع وصول الباخرة، ابرق لها الباليوز في ذلك الوقت (المعتمد السياسي البريطاني) برقية تقول ان الشيخ عيسى غير مستعد لمقابلة الملك عبدالعزيز، ويستسمح بالاعتذار لتزامن الزيارة مع شهر رمضان المبارك، وعندما تسلم الملك عبدالعزيز البرقية، واذا بالقوارب قد وصلت الى الباخرة مرحبة به، ونزل معهم وقابل الشيخ عيسى في قصر القضيبية في حوالي العام 1898، ومكث يومين ثم انتقل الى المملكة العربية السعودية، ثم زار البحرين مرة أخرى في عهد الشيخ حمد بن عيسى، وأنا حضرت اللقاء وشاهدته، فالملك عبدالعزيز جاء الى الدمام لتدشين مشاريع البترول مع ابنائه، ودعاه الشيخ حمد بن عيسى لزيارة البحرين، فوافق الملك عبدالعزيز وزارها وسكن في بيت الشيخ سلمان في الرفاع، وكان بيتا حديث البناء تم تجهيزه بسرعة في العام 1939 الموافق للعام 1359 للهجرة، وكانت هناك احتفالات واسعة استخدمت فيها الخيول وعم ابتهاج كبير البحرين، ونحن قد انتقلنا من المحرق الى الرفاع وشهدنا مجيء الملك، ثم ان الملك عرض على الشيخ حمد أن يحج، وبالفعل، ذهب الى الحج في السنة التالية واستقبله الملك عبدالعزيز واكرمه وكان معه يطوف بالبيت الحرام ويؤديان مناسك الحج معا، وكان الناس يتساءلون من هو هذا الملك؟ فيقولون هذا أمير البحرين.
ويعبر سموه عن الاعتزاز بهذه الصلات التي قلما تجدها في أي بلد في العالم، وهي صلات مرتبطة، واخوة ميمونة انتفع الناس بخيرها وكُفوا شرها، وكان للسعودية اليد الطولى في كل الأمور، والبحرين لا تستغني عن المملكة، وكذلك فإن البحرين كانت تخدم السعودية في كثير النواحي، وعند اكتشاف البترول، عمل عدد كبير من شعب البحرين لخدمة السعودية في مد انابيب النفط، وعملوا في شركة ارامكو عند بدء تأسيسها، وكان لهم خدمات كثيرة استفادوا منها وافادوا، ونحن لسنا في غنى عن السعودية، ومصيرنا واحد ونعتمد على الله ثم عليهم، ويسترسل سمو الشيخ خالد فيقول: وتوالت الزيارات، فقد زار البحرين الملك سعود واحتفلت به البلد احتفالا واسعا، وزارها أيضا الملك فيصل، وبعدها فكر الأمراء في ربط البحرين بجسر مع السعودية، وكانت هذه الفكرة قد تمت في عهد الملك فهد طيب الله ثراه، فعهده كان متوازيا مع عهد الشيخ عيسى بن سلمان، سمو الأمير الراحل طيب الله ثراه، وهكذا، امتد جسر المحبة (جسر الملك فهد) الذي مثل صلة قوية بين البحرين والسعودية، وخدماته لاتزال موجودة، ونحن سعداء بهذا الجسر الذي مكننا من الاتصال مع العالم بسياراتنا.
وتناول رجل الأعمال عبدالعزيز كانوا إلقاء الضوء على العلاقات التجارية مع الشقيقة السعودية، وعاد بالذاكرة الى ما يزيد على 50 عاما، فقد كانت البحرين هي المنطقة المتصلة بالعالم عن طريق البحر، وكانت الدمام عاصمة المنطقة الشرقية، ومن الناحية التجارية، كانت الخبر قد بدأت تنتعش لقربها من ارامكو واتصالها المباشر بها في مدينة الظهران، وكان يسكنها الأجانب واكثرهم من الأميركيين، وفي مدينة الظهران وحولها، ابتدأت الأعمال والتجارة، ولقرب البحرين، كان قسم كبير من موظفي ارامكو يسافرون الى البحرين عن طريق البحر، في نهاية الأسبوع، فتجد القوارب تتوجه عصر يومي الأربعاء أو الخميس الى البحرين، ويتسوق القادمون في سوق المنامة، فكانت هناك علاقة قوية، والبحرين كانت مهمة جدا لأرامكو وللأجانب العاملين في المنطقة الشرقية قبل بناء المطارات، والمملكة العربية السعودية لها اهتمام خاص بالدول المجاورة، وتعمل كل ما في وسعها لتشجيع رعاياها للتسوق في البلدان المجاورة، وفي نفس الوقت، كانت ارامكو تمثل قوة لموظفيها الذين كانوا يتقاضون رواتب عالية ويحبون التسوق، فكانت السوق المباشرة لهم هي البحرين.
وينتقل الى الحديث عن تأسيس شركة يوسف بن أحمد كانو فيقول: «بدأت أعمال الشركة في المنطقة الشرقية منذ ما يربو على 60 عاما وأكثر، لأن المنطقة الشرقية بدأت تزدهر وكانت توظف الكثير من أبناء البحرين، ومنهم من بدأ بتاجر صغير ثم كبر، وحين فتحت البحرين اسواقها، رجع قسم من التجار من أهل البحرين الذين كانوا يعملون في المنطقة الشرقية، وفضل البعض الآخر البقاء هناك، وتوسع في اعماله، وفتحت السعودية ابوابها للبضائع الأجنبية... فهناك صلة قوية بين البحرين والسعودية، واذكر أننا حين بدأنا عملنا في مجال خدمات الطيران، اكتسبت الطائرة ام احمد شهرة كبيرة، وكانت تابعة للخطوط البريطانية، وكانت تقوم برحلات يومية صباحية ومسائية، وكانت ممتلئة على الدوام».
وينتقل كانو الى الحديث عن النقل في البحرين، فيقول إن «اللنجات الخشبية»، أو القوارب السريعة، كانت تقطع المسافة البحرية بين الخبر والمنامة في ثلاث الى اربع ساعات، وكانت هناك عدة قوارب تنطلق عصرا من ميناء الخبر الى فرضة المنامة والعكس، وتنقل المسافرين والبضائع، وكانت البحرين دائما لها اتصالات قوية مع السعودية، واذكر على سبيل المثال، كان هناك سباق للخيل يقام في اواخر الأسبوع، ويحضره جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكان يشجع سباق الخيل، وكان ذلك السباق بمثابة اجتماع اسبوعي لسباق الخيل، ودعيت البحرين وحضر الشيخ عيسى طيب الله ثراه، وارسل عدة جياد منتقاة الى الرياض، وكان المسئول عنها (حسن بن صالح) وشاركت في السباقات، وكانت تلك الأيام اياما حلوة، والناس تشاهد السباق البحريني السعودي، وكان الملك عبدالله يهتم اهتماما خاصا بالسباق في منطقة الملز بمدينة الرياض.
وتحدث نائب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة الرئيس الفخري للجنة الأولمبية البحرينية الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة عن العلاقات الرياضية بين المملكة العربية السعودية الشقيقة والبحرين، فقال إنها علاقات قديمة جدا، وكانت الزيارات متبادلة ومستمرة، ونحن رأينا الكثير من الصور لأبناء المنطقة الشرقية يحضرون ويكونون فرقا رياضية فيما بينهم كما هو الحال بالنسبة للبحرين حيث يتم تشكيل فرق في الفرجان، وكان العدد كبيرا، وكذلك الحال في السعودية قبل تشكيل نادي الاتفاق أو النهضة أو القادسية وقبلها، وكانت هناك مجموعة تأتي الى البحرين وتلعب كرة القدم، ولدينا عدد كبير من الصور التذكارية التي التقطت في تلك الفترة.
وبعد تأسيس شركة ارامكو، والكلام للشيخ عيسى، ضمتا عدد من الجاليات الأجنبية كالإيطالية والسودانية، وكانت هذه الجاليات تكون فيما بينها فرقاً رياضية حضرت الى البحرين ولعبت مع الأندية وخصوصاً مع المحرق، وحققت نتائج جيدة، ولم تنقطع الزيارات وكانت تتم باجراءات ذاتية من الشباب في البلدين، فهؤلاء يستضيفون وأولئك يشكلون الفرق الرياضية، وقد مرت فترة من الفترات كان فيها اللاعبون من السعودية يلعبون في دوري البحرين، والغريب أنهم كانوا يشاركون وتسمح اللوائح والأنظمة لهم بذلك، والآن لو أن لاعباً سعودياً يريد اللعب في البحرين، فلابد من اجراءات للنقل، وكنت اشاهد اللاعبين السعوديين يلعبون في البحرين، والناس تنتظرهم كل يوم خميس، وكانت العلاقة وطيدة وقوية، ومع مرور الوقت وتنظيم الاتحاد السعودي والاتحاد البحريني لكرة القدم، استمرت الزيارات واللقاءات وفقاً للطابع الرسمي، وتواصلت اللقاءات الرياضية - ليس في كرة القدم فحسب - بل في معظم الألعاب التي انشئت فيما بعد، واستمرت اللقاءات ولاتزال مستمرة حتى يومنا الحاضر.
ويسترسل الشيخ عيسى بن راشد في الحديث: والحمد لله، تربطنا بالسعودية روابط شخصية وأخوية قوية بحيث اننا معهم نسير على خط واحد، والآن، ها هو صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد وسمو الأمير سلطان بن فيصل يقودان الحركة الرياضية في السعودية، وتربطنا بهم علاقات متميزة وخاصة، والتعاون قائم ومتطور ومستمر، ونحن نلتقي الآن في الكثير من المناسبات، وكجزء من المنظومة الآسيوية، نلتقي في آسيا ونلتقي في تصفيات كأس العالم، وفي دورة الخليج الى جانب المباريات الأخرى التي تنظمها اللجان التنظيمية لكرة اليد والطائرة والسلة وألعاب القوى، نلتقي مع بعضنا البعض، ونقيم مباريات مستمرة، وهناك فكرة رائدة في الحقيقة، طرحت في حياة المغفور له الأمير فيصل ونحن مازلنا نتداولها وهي ان نقيم الدورة العربية بيننا وبين المنطقة الشرقية بحيث يكون الرجال في المنطقة الشرقية والنساء في البحرين، لأن ظروف السعودية لا تسمح لهم بالمشاركة، فنحن ندرسها ونتمنى أن تتحق، وخاصةً الآن، وبعد انشاء الجسر، لا تأخذ المسافة ثلث ساعة فالناس تأتي وتذهب، وان شاء الله تتحقق الفكرة ونقيم الدورة العربية في البحرين والسعودية.
ويلتقط سمو الشيخ عبدالله بن خالد خيط الحديث ليلقي الضوء على خدمات الحجاج، فيقول إنه في العام 1975 أنشئت وزارة العدل والشئون الإسلامية في البحرين، وكانت خدمات الحج من ضمن أعمال الوزارة، وكان هناك مجلس مكون من عدة أشخاص يزاولون الإشراف على الحج، وكانت البعثة تتوجه الى الديار المقدسة ومن بينها بعثة طبية، وتكونت فرق الحج وكانت في السابق تسافر بالسفن الى المملكة، ثم يستقلون السيارات، والإشراف يتم من خلال البعثة التي تذهب مع الحجاج للإدارة وللعلاج، وأخذت أمور الحج في السعودية تتطور في المشاعر التي شهدت مشاريع التوسعة، وبعد افتتاح الجسر، اصبحت البعثة تذهب عن طريق البر، وتصدر الرخص من الوزارة، وهناك رخص لحملات الحج المحددة تصدر على الجسر، وهناك في المشاعر المقدسة، أرض مخصصة للحجاج البحرينيين في منى تشرف عليها بعثة البحرين، ويلاقي الحجاج البحرينيون كل تقدير واحترام من السعودية وتسهل لهم أمورهم كما هو الحال بالنسبة لكل حجاج العالم، لكن هناك خصوصية لحجاج البحرين.
والسعودية مهدت للحج ونفعت الناس بالتوسعة الهائلة في الحرمين المكي والمدني يشهد بها العالم، وفي كل عام تصبح أفضل من العام السابق، والحجاج في غاية الراحة وفي هذا العام شعر الحجاج براحة عظيمة لما شاهدوه من خدمات، نشكر الله ونشكر خادم الحرمين الشريفين لما يقوم به من خدمات للحجاج بتوسعة المناسك، ونسأل الله أن يعينه وهو امام المسلمين في هذا الوقت.
وفي ذات السياق، يشير رجل الأعمال عبدالعزيز كانو الى أنه في السابق كان النقل البحري للحجيج بين البحرين والمملكة يتطلب 4 ساعات، ثم من المنطقة الشرقية، بالسيارات، الى جدة ومن ثم الى مكة المكرمة والمدينة المنورة، والمسافر، اذا ترك البحرين، يبدأ في الاستعداد فيحرم اما من البحرين أو اذا وصل أو قبل أن يصل الى جدة في منطقة معينة، وفي الحقيقة، الحج كان يشهد صعوبة في السابق، لكن بعد استخدام الطائرات تيسرت امور كثيرة، ومع ذلك، هناك الكثير من الناس يفضلون الحج عن طريق البر للاستمتاع وصولاً الى جدة ثم الى مكة، وبعضهم يمكث في مكة، والبعض الآخر يبقى في جدة، ثم يذهب في الصباح أو المساء الى البقاع المقدسة عن طريق الطائرات او السيارات، اما المعتمرين فهم يتوجهون الى الأماكن المقدسة طوال العام، وبعد أن سهلت السعودية دخول الأجانب، اصبحت أعداد كبيرة تأتي من الدول الإسلامية أو غير الإسلامية، وتجد مدينة جدة وما حولها ممتلئة بالأجانب القادمين للعمرة.
وفي ربطه لمحاور اللقاء، يختار مدير الندوة الإعلامي حسن كمال نقاط بداية الحديث للضيوف الثلاثة، ولاشك في أن للرياضة والشباب مساحة من الروابط بين البلدين الشقيقين، وفي هذا الصدد يقول الشيخ عيسى بن راشد: «بدأنا رسمياً التعاون مع الأشقاء في السعودية منذ دورة الخليج الأولى، واصبحت اللقاءات رسمية، وفي تلك الدورة تعادلنا مع السعودية، واستمرت اللقاءات بعد ذلك، فنحن مع السعودية، دائماً ما تكون مبارياتنا قوية وفريقنا (يشد حيله) زيادة عن اللزوم.
ويتناول الشيخ عيسى بعض الطرائف فيقول: «وكثيراً ما كان يغضب ذلك المغفور له الأمير فيصل بن فهد، يزعل ويقول لي: «أنتم دائماً تحطون لعبكم ضد السعودية وضد الكويت ما تلعبون عدل»، فكانت بيننا مداعبات، واذكر ذات مرة كنا نلعب في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان فريقنا جيداً والفريق السعودي غير موفق، فعلقوا الآمال على مباراة البحرين والسعودية، ومن أول ثانية سجلنا هدفاً على السعودية، وبعد ذلك تم تسجيل ضربة جزاء للسعودية، لكنهم لم يسجلوا هدفاً! وانتهت المباراة بالتعادل 2 للكل، فضاعت فرصة الحصول على مركز متقدم في الدورة، حينها زعل الأمير فيصل واغتاظ علي وقلت له: «شتبي، تبي نبطل القول لكم... ما سجلتوا»، ومرة سألني بالهاتف ونحن في دورة الخليج في قطر، قال لي: «ما هو رأيك في فريقكم؟»، وكان ذلك بعد أول مباراة مع السعودية، فقلت له: «فريقنا موب زين وراح معسكر في البرازيل وكان سيئاً... لكن ما ادري، هذه دورة الخليج»، ثم لعبنا معهم وفزنا عليهم فتحدث معي بالهاتف قائلاً: «انت تضللني وتعطيني معلومات غلط حتى تغلبونا وتقول موب زينين»... فكانت لقاءاتنا لقاءات خاصة ومتميزة، وكانت علاقتي بالأمير فيصل رحمه الله لطيفة وظريفة، وكانت المحبة والأخوة هي التي تربطنا ولاتزال مستمرة مع الأمير سلطان، ومع الأمير نواف ابن المغفور له الأمير فيصل، والتواصل مستمر والمحبة والأخوة والعلاقات الشخصية المتميزة باقية الى اليوم، ونحن ولله الحمد نسير في ذات الخط الذي رسمه لنا قادتنا، وهي أننا والسعودية بلد واحد واخوة واشقاء وتجمعنا المحبة والعلاقات المتميزة، والرياضة لا تؤثر علينا، ونحن حريصون عليها كل الحرص، وإن شاء الله تستمر وتتطور اكثر واكثر.
يستذكر سمو الشيخ عبدالله بن خالد، في فترة الشباب، كيف كانت العوائل التجارية السعودية تقطن في المنامة ومنها عائلتي العجاجي والبسام وتدير تجارتها وكأنها في بلدها، وليس هناك فرق بين البحريني والسعودي، ويشعر السعودي في البحرين بأنه في بلده، وهكذا كانت العلاقة، وكان التجار السعوديون يشترون الأملاك والبساتين ويعمرونها، وليس عليهم أي حرج في شيء، والى الآن ولله الحمد نحن على ذلك، حتى أن مدينتي الدمام والخبر نزح اليها الدواسر من البحرين، وهكذا تعمرت الدمام بعد اكتشاف البترول، والكثير من العوائل البحرينية تعيش في السعودية وتعمل كعائلة كانو والجلاهمة ومنهم احمد بن علي وعيسى الجلاهمة وغيرهم كثيرون يعملون في السعودية، ونسأل الله أن تدوم هذه العلاقة في ظل حاكمينا خادم الحرمين الشريفين، وجلالة الملك حمد بن عيسى أيدهما الله ورعاهما، وحفظ مملكتينا وجعلهما عزاً وشرفاً لنا جميعاً.
ويطرح مقدم البرنامج سؤالاً على الشيخ عيسى بن راشد :»أين تجد التعاون والتشابه بين البحرين والسعودية في مجالات الفن والأدب؟»، فيرى الشيخ عيسى أن المجال الشعري بالسعودية أثر على البحرين بشكل كبير بطريق مباشر وغير مباشر، فالطريق المباشر أتى من زيارة كثير من الشعراء ومدحوا حكام البحرين وقصائدهم موثقة وموجودة، اما الطريق غير المباشر، فكان عن طريق ترديد قصائد الشعراء السعوديين المعروفين في المجالس، ويحفظها الكثير من الناس ويعتز بها ويفخر ويشعر بأنه شعر عربي قيل في عرب وفي عادات العرب وفي نخوة العرب، وأنا أذكر زيارتين لا ننساهما أبداً في البحرين، الأولى زيارة الشاعر العاطفي الغنائي محمد بن لعبون، وهو شاعر نجدي زار البحرين وأثر في الحياة الأدبية والفنية والغنائية، وله الكثير من القصائد التي تغنى بها الناس... يحفظونها ويرددونها، ويقال إن بن لعبون كان يضرب على الطار (الطبل المستدير)، بالإضافة الى قصائده الغزلية المشهورة، وكان الغزل في ذلك الوقت غير مستحب ولا يحبه الناس، لكنه كان شاعراً لا يهمه شيء فبقي في حياة الناس وفي قلوبهم لسنوات طويلة في البحرين.
واذكر، والكلام للشيخ عيسى، أن المغفور له الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، رحمه الله، زار السعودية وعقد ندوة أدبية هي موجودة على شريط مسجل في الإذاعة، فالحياة الأدبية والشعرية كانت مشتركة، ولم تكن هناك حدود في هذا الجانب المهم لأن الناس في مجالسهم التي اعتادوا عليها يرددون الكثير من القصائد وتقرأ الكثير من القصائد التي ترددت على ألسنة الشعراء الفحول في السعودية، أما الغناء في البحرين، فقد بدأ قبل كل شيء، فالحياة كانت مفتوحة، لكن في السعودية بدأ الغناء في المنطقة الغربية لكونها منفتحة أكثر من منطقتي الوسط والشرق، لأن الناس هناك لهم فنونهم الخاصة لقربهم من اليمن، والفنون في اليمن كانت مزدهرة، كما كان هناك الكثير من المطربين المتميزين، وبرزوا في المنطقة الغربية أكثر من غيرها من المناطق.
وفي تاريخ محمد بن فارس، يقال إن (عبدالرحيم) الذي وصل من عسير او من الحجاز هو الذي قدم القصائد (الحمينية) التي غناها بأصواته، وهو الذي علم محمد بن فارس، والفنانون ليس بينهم حواجز وحدود ورسميات ويتواصلون بشكل مباشر ويبنون علاقات متميزة يجمعهم الفن وحب الفن.
ويعود رجل الأعمال عبدالعزيز كانو للحديث عن التجارة فيقول إن العلاقات التجارية بين السعودية والبحرين مرتبطة بشكل لا ينفك، فالتاجر البحريني له أعمال في السعودية، والعكس كذلك بالنسبة للتاجر السعودي فله مكانه في البحرين، وهناك من التجار ممن لهم مكاتب أو مؤسسات مشتركة، وهناك محبة وأخوة ولا تشعر بأنك في بلد غريب بالنسبة لتجار البلدين، واذكر على سبيل المثال، كنا في احدى المباريات بين السعودية والبحرين، وكان الشيخ عيسى رحمه الله والأمير فيصل رحمه الله حاضرين، وكانت المباراة حماسية، وفي وقت الصلاة، تتوقف المباريات، فرأيت الشيخ عيسى يهرع للصلاة، فسألته لما العجلة فقال مازحاً: «اذا صليت قبل فأدعو ربي لنصر فريقي قبل غيري»، وهذا يجعلك تعيش العلاقة الحلوة، وفي الرياضة ليس هناك فارق بين البلدين.
ويختتم سمو الشيخ عبدالله بن خالد اللقاء بالحديث عن ارتباط البحرين بشقيقتها الكبرى المملكة من ناحية الاستهلال، فيقول إن السعودية بلاد واسعة وفيها الجبال والمرتفعات، والأجواء تختلف من مكان الى آخر، أما البحرين فبلد صغير وجوه معتم بالبخار والغبار، فالرؤية تصبح صعبة، فاعتمدنا على السعودية التي تأتيها الشهادات من جميع المناطق، وتحرص على شهادة الشهود وتقيم وزناً للشهادة، لذلك نحن نعتمد عليها كثيراً واذا ثبت الهلال لديها فقد ثبت لدينا.
بعد هذا الحوار في مسيرة علاقات متميزة بين بلدين، كما يشير مدير اللقاء حسن كمال، تتوجها هذه الزيارة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للبحرين، ويحل ضيفاً عليها في ضيافة أخيه جلالة العاهل حمد بن عيسى آل خليفة فأهلاً وسهلاً به في البحرين بين أهله وذويه.
قال رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين عيسى أمين، ان مملكة البحرين حكومة وشعباً مع حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها ارتبطت في رباط من التآخي والتعاون والمودة، ففي البحرين، أقامت البيوت والعائلات النجدية وتجار الإحساء والقطيف، وإلى المنطقة الشرقية، توافدت الهجرات البحرينية طلباً للعمل والعلم، وكان التآخي في أجمل صوره في زيارات سابقة لملوك المملكة العربية السعودية من المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وحتى المغفور له بإذن الله تعالى الملك فهد بن عبدالعزيز، واليوم، يزورنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ومملكة البحرين حكومة شعباً تفخر بهذه الزيارة.
يذكر أمين أن علاقة البلدين تعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد حين قامت على أرض مملكة البحرين حضارة دلمون والتي كان لها امتدادات حضارية إلى المنطقة الشرقية من السعودية، وبعد هذه الحضارة، كانت البحرين الجزيرة تتناغم بأحداثها ومتغيراتها الاجتماعية والسياسية مع المتغيرات التي تطرأ على الساحل الشرقي لجزيرة العرب.
وزاد قوله: «كانت البحرين الجزيرة جزءاً من البحرين الكبرى، والتي امتدت من البصرة في الشمال إلى عمان في الجنوب، وكانت منذ البداية تمثل البوابة الشرقية لجزيرة العرب والمركز التجاري لشرق المملكة العربية السعودية، والشريك الاقتصادي والاجتماعي لسكان المناطق الشرقية للمملكة.
وعن استعدادات الجمعية لهذه الزيارة التاريخية، أشار أمين إلى أن جمعية تاريخ وآثار البحرين استضافت شخصيات بحرينية رائدة لها تاريخ طويل في العلاقة الأخوية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية في لقاء تلفزيوني بعنوان «تاريخ واحد ومصير مشترك» الذي قام تلفزيون البحرين بتسجيله في مقر الجمعية، مع عدد من تلك الشخصيات، هم رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، ونائب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة الرئيس الفخري للجنة الأولمبية البحرينية الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، ورجل الأعمال الوجيه عبدالعزيز كانو، واللقاء من إعداد وتقديم الإعلامي حسن كمال، وتولى عملية الإشراف والمتابعة عضو مجلس إدارة الجمعية فواز سليمان.
العدد 2781 - الأحد 18 أبريل 2010م الموافق 03 جمادى الأولى 1431هـ