العدد 2781 - الأحد 18 أبريل 2010م الموافق 03 جمادى الأولى 1431هـ

البحرين والسعودية التاريخ الحاضر والمستقبل المشترك

comments [at] alwasatnews.com

من حق مملكة البحرين أن تتزين هذه الأيام احتفاء واحتفالا بالزيارة الميمونة المرتقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية حفظه الله... فهي بحق زيارة تاريخية وفق كل المستويات... ونحن نتطلع إلى هذه الزيارة وإلى ما ستسفر عنه من فرص جديدة للتعاون الأخوي المشترك بين البلدين في مختلف المجالات.

فمملكة البحرين والمملكة العربية السعودية يجمعها تاريخ وحاضر ومستقبل مشترك... فقد قدمت قيادتي وشعبي البلدين على مدى العصور أمثال رائدة لهذه الوحدة المصيرية بين هذين الكيانين المتكاملين.

ويطيب لي بهذه المناسبة أن أعبر عن بالغ سعادتي وترحيبي شخصيا وجميع العاملين في قطاع النفط والغاز بالبلاد بالزيارة الميمونة المرتقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله إلى بلده الثاني مملكة البحرين... مثمنين الدور الكبير الذي يوليه خادم الحرمين في متابعة تنامي العلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين وتدعيمها خاصة في مجال التعاون النفطي.

إن المملكة العربية السعودية تفخر اليوم بأنها أكبر منتج للنفط في العالم بطاقة إنتاجية تفوق (12) مليون برميل يوميا... كما وأنها تفخر بأنها تحتفظ بأكبر احتياطي للنفط في العالم... حيث يقدر الاحتياطي الحالي المؤكد والقابل للاستخراج بقرابة 264 مليار برميل... وهذا ليس نهاية الأمر... فالمملكة العربية السعودية تلعب دورا هاما ومحوريا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي من خلال العمل على ضمان التوازن بين مصالح المنتجين للنفط والمستهلكين على حد السواء.

إن قصة تاريخ النفط هي قصة مترابطة كليا بين المملكة العربية السعودية والبحرين... فتاريخ اكتشاف النفط في البلدين متقارب جدا... كما أن مكتشف النفط في البحرين هو ذاته من قام بالمحاولات الأولى لاكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية وأيضا - وهذا أمر طبيعي - فالتركيبات الجيولوجية تكاد تكون متقاربة ويصعب التميز بينها في تقاطع حدود الجغرافيا.

لقد كانت البداية عندما تم اكتشاف النفط في البحرين العام 1932، وهو الذي عزز آمال مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز في العثور على النفط في السعودية... وقد توجهت مساعي المملكة في هذا الاتجاه بتوقيع اتفاقية الامتياز الأساسي العام 1933 مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا «سوكال» وهي التي اكتشفت النفط من قبل في البحرين... وقد استغرق العمل الشاق زهاء خمس سنوات والعديد من المحاولات حتى تفجر النفط من البئر رقم (7) في المحاولة رقم (7).

ومع بزوغ عصر النفط أنشأ كيانين اقتصاديين كبيرين في المنطقة، هما شركة بابكو في البحرين وشركة أرامكو في السعودية... وقد لعبت الشركتان دورا متماثلا من حيث مساهماتهما الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحضرية في تطور المجتمع في البلدين.

وقد اتخذ النفط مكانا بارزا في اقتصاديات مملكة البحرين منذ أوائل الثلاثينيات، ففي العام 1929 أُبرم أول عقد لإنشاء شركة نفطية في مملكة البحرين وهي شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو) بواسطة شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا لتتولى أعمال التنقيب عن النفط، حيث تم حفر أول بئر في 16/10/1931، وبدأ تدفق النفط في شهر يونيو/ حزيران 1932. وبالتالي أصبحت مملكة البحرين من أوائل الدول في منطقة جنوب الخليج العربي التي شهدت قيام الصناعة النفطية.

وفي وقت مبكر من العام 1934 بدأ بناء المنشآت البحرية لشحن النفط من سترة في الوقت الذي كان يجري فيه بناء وتركيب منشآت الإنتاج التجاري للنفط في حقل البحرين. ولقد أدى تزايد الطلب على النفط والمنافسة الدولية الشديدة إلى بناء مصنع للتكرير في البحرين في العام 1936. وبحلول العام 1939 كانت البحرين في الموقع المناسب من حيث تمتعها بطاقة تكرير بلغت 35,000 برميل في اليوم، وحركة دائمة لسفن الشحن الصغيرة التي تحمل النفط الخام من المملكة العربية السعودية إلى رصيف الزلاق ومنشآت للتصدير في الموقع المناسب، وأسواق نفط مضمونة.

كانت الفترة من العام 1943 إلى 1945 فترة زاخرة بالنشاط في البحرين... إذ تم تنفيذ توسعة كبيرة في مصنع التكرير بإضافة وحدات جديدة وبناء مصنع للبراميل لشحن الإسفلت، كما تم في العام 1944 مد خط لأنابيب النفط قطره 12 بوصة من سترة إلى الزلاق وكذلك انتهى العمل في مد خط الأنابيب البحري من البحرين إلى الظهران في المملكة العربية السعودية في العام 1945 وذلك لنقل النفط الخام من المملكة العربية السعودية إلى البحرين عبر أنابيب مغمورة تحت مياه الخليج. وكان يومها أطول خط من نوعه في العالم. وقد ضاعف هذا الخط من حجم إمدادات النفط الخام إلى مصنع التكرير. واليوم تبلغ الطاقة التكريرية لمصفاة البحرين ( 260) ألف برميل في اليوم.

وبموجب اتفاقية موقعة بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة دولة البحرين (مملكة البحرين حاليا) بتاريخ 22 فبراير/ شباط 1958 تم تحديد المناطق المغمورة التابعة لكل من البلدين ورُسمت خطوط الحدود بين البلدين كما هي مبينة في المادة الأولى من الاتفاقية المذكورة.

وحددت المادة الثانية من الاتفاقية المنطقة التي أصبحت تعرف باسم (حقل بوسعفة) ضمن خطوط تصل بين ست نقاط إحداثيات محددة بالنسبة لخطوط الطول والعرض. واتفق الجانبان على أن يتم تقسيم الناتج الصافي من الموارد البترولية المنتجة من هذه المنطقة مناصفة بين المملكة العربية السعودية ودولة البحرين.

وبسبب الجغرافيا والتاريخ فإن العلاقات البحرينية السعودية، رسميا وشعبيا، لها خصوصية تتجاوز أطر التعاون المتعارف عليها بين الدول، من حيث أن البحرين الرسمية والشعبية كانت ولازالت تثمن هذه العلاقات الحميمة وستبقى تنظر إلى المملكة العربية السعودية باعتبار عمقها الاستراتيجي. ولهذا صداه في ما تشهده اليوم هذه العلاقات من تجسيد لهذه الحقيقة، إن على صعيد الحضور الواضح والمتبادل لأبناء الشعبين الشقيقين في دورة الحياة اليومية السيَّارة في كلا البلدين، أو على صعيد القبول الشعبي والمؤسساتي المتبادل لعُملتي البلدين في التداولات النقدية للمعاملات الجارية، أو على صعيد التبادلات التجارية والاستثمارات البينية، حيث تحافظ المملكة العربية السعودية على صدارتها التجارية التبادلية والاستثمارية بالنسبة لمملكة البحرين بين شقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وحتى في مجال الصناعة النفطية، فإن علاقات البلدين الشقيقين تمتد لتشمل المورد البشري الذي كان من أهم عناصر تطور ورقي الصناعة في منطقة الخليج في السنوات الأولى من اكتشاف النفط، حيث أسهمت أعداد غفيرة من العمال البحرينيين الذين توجهوا للعمل في شركة الزيت العربية «أرامكو» في أربعينيات وخمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، في بناء صروح النهضة البترولية والصناعية التي تقف اليوم شاهدا على اختلاط عرق أبناء الشعبين وتعاضدهم في تنمية ورقي بلديهما وترسيخ وتوثيق علاقاتهما في كافة الميادين.

ورغم محدودية إنتاج النفط في البحرين قياسا بجارتها السعودية... فإن الأولى قد نجحت في أن تكون مركزا هاما للخدمات المساندة لقطاع النفط وتستطيع بكفاءة تقديم هذه الخدمات للمركز النفطي العملاق في المنطقة الشرقية... ويكفي التدليل على ذلك من تحول البحرين إلى مركز هام للمؤتمرات والمعارض والبرامج التدريبية المتخصصة في النفط والصناعة النفطية والتي تخدم بالدرجة الأولى تطوير الصناعة النفطية في المنطقة عموما وفي الجارة السعودية على وجه الخصوص.

والبحرين تفخر اليوم بأن تستضيف سنويا ما يقارب من 20-25 فعالية نفطية من معارض ومؤتمرات وندوات وغيرها... في مجال النفط والغاز والتكنولوجيا النفطية، وبعضها استطاع أن يكتسب سمعة عالمية هامة على أجندة الأحداث النفطية مثل معرض ميوس وبتروتك وجيو. وتعد الخبرات البشرية العاملة في قطاع النفط في المملكة العربية السعودية قوة داعمة لنجاح هذه الفعاليات وديمومة استمرارها.

وإلى جانب ذلك فهناك أيضا موضوع الاستثمارات التي تقوم بها السعودية في الصناعة النفطية في البحرين من خلال عدد من المشاريع المشتركة والتي يأتي على رأسها شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات والتي تعد مثالا عمليا موفقا للتعاون الخليجي المشترك في مجال صناعة التكرير والبتروكيماويات... وتساهم المملكة العربية السعودية من خلال الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» بحصة تبلغ 33 في المئة من رأسمال هذه الشركة فيما تحتفظ كل من مملكة البحرين ودولة الكويت بحصص مماثلة.

ولذلك فإنني وبمناسبة هذه الزيارة الميمونة أتطلع إلى مزيد من تعميق العلاقات بين البلدين الشقيقين في قطاع النفط والغاز عبر استكمال وتنفيذ المشاريع المشتركة المتفق عليها من أجل الدفع قُدُما بهذه العلاقات بما يحقق المصالح العليا المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين. ويأتي على رأس هذه المشاريع إعادة تحديث خط أنابيب نقل الزيت الخام من المملكة العربية السعودية إلى البحرين، هذا إلى جانب المشاريع التطويرية الأخرى المشتركة بين البلدين... فالبحرين أقدمت مؤخرا على الدخول في مشاريع كبيرة في مجال الاكتشاف والتنقيب عن النفط والغاز وتحديث الصناعة النفطية... وإن الإسراع بالمشاريع المشتركة مع الشقيقة السعودية سوف يعظم من فرص نجاح توجهاتنا في مجال تطوير القطاع النفطي في البحرين.

كما وانتهز هذه المناسبة لأن أرفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وولي عهده الأمين سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود وإلى حكومة وشعب المملكة العربية السعودية وإلى الأخوة مسئولي ومنتسبي شركة أرامكو السعودية خالص التهنئة على النجاحات الكبيرة التي تحققها المملكة العربية السعودية محليا وإقليميا وعالميا متمنيا للمملكة العربية السعودية وشعبها الشقيق المزيد من التقدم والازدهار.

فهي تستضيف المقر ال

إقرأ أيضا لـ " "

العدد 2781 - الأحد 18 أبريل 2010م الموافق 03 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً