وردتني عبر البريد الإلكتروني رسالة من أحد الإخوة، ومن خلال كتابته لاحظنا عليه المعاناة والألم من وزارة العمل، فلقد نال هذا الأخ إحدى الشهادات الجامعية بتعب وشدّة، وعندما طلب توظيفه هو وأقرانه من وزارة العمل لأنها الجهة المسئولة عن توظيف الجامعيين وفقا لشهاداتهم، واجه الواقع المرير، وهذه هي رسالة الأخ كما كتبها:
الأخت الفاضلة مريم الشروقي...
أكتب إليك قضيتنا نحن الخريجون الجامعيون الذين نعمل في غير تخصصنا، ولم ندرج في قائمة الجامعيين العاطلين عن العمل، وذلك بحجة أننا نعمل... وأي عمل هذا، إنّ منا من يعمل سائقا أو في سوبر ماركت أو عامل... إلخ.
نحن من حملة الشهادات الجامعية في مختلف التخصصات، وكلما تقدّمنا إلى وظيفة في الوزارات يكون الرد جاهزا ويكون السؤال هل أنت من قائمة العاطلين؟ يا ترى هل نحن نعمل؟
بل إننا مهمّشون، وذلك بعلم المسئولين وفي مقدمتهم وزير العمل مجيد العلوي، وهو يعلم ما معنى «البطالة المقنعة»، وقتل الكفاءات وعدم الاستفادة من جهود أبناء الوطن، وخصوصا أن معظمنا قاسى الأمرّين، حيث واجهنا صعوبة الحياة والعمل، وصعوبة توفير مصاريف الدراسة التي كانت مكلفة لمعظمنا، وصعوبة التوفيق بين مصاريف الأسرة ومصاريف الدراسة». (انتهت الرسالة).
هذه المصيبة يواجهها الكثير من أبنائنا الخرّيجين والحاصلين على شهادات جامعية، وبتقدير امتياز في بعض الأحيان، فلقد تحدّثت مع ذلك الشاب الذي يعمل مسوّقا لإحدى آلات التنظيف في إحدى الشركات الكبرى، براتب يقدر بمئتي دينار فقط، وعندما سألته عن سبب عدم العمل بشهادته، حيث إنه يحمل شهادة الهندسة المعمارية، أجابني بأنه تقدّم بطلب إلى وزارة العمل، ولكن كما هو الحال فإن الرد يأتي آليا، بأنّه حاصل على عمل! أما إذا كان من قائمة العاطلين فإنّه يستطيع مراجعة الوزارة!
إن السبب الحقيقي من الدراسة الجامعية هو الرقي بالفرد، والنهوض بالمجتمع، والحصول على تلك الوظيفة المرموقة في الدولة، حتى نشبع الذات الكامنة فينا، ومن ثمّ التحوّل إلى تكوين أسرة المستقبل.
وبالطبع هذه الأحلام تذهب كالزبد في ظل الكثير من الأسباب، التي على رأسها وزارة العمل وقوائمهم، فهم عاطلون باسم عاملين، والعطل في عدم تحقيق ما يصبون إليه من خدمة الوطن، فشهاداتهم لا تفيدهم بشيء.
كذلك فإن مئتي دينار لا تفتح بيتا ولا تكوّن أسرة، إذ إنّ الشاب هذه الأيام بالكاد يستطيع مواجهة صعوبات الحياة وضغوطات الدنيا، وبالكاد كذلك يستطيع توفير لقمة عيشه ودفع فواتيره، فما بالكم برب أسرة بهذا المبلغ الزهيد في وسط غابة الغلاء!
نتمنى من القائمين في وزارة العمل، وعلى رأسهم الوزير العلوي، أن يأخذوا رسالة الشاب بمأخذ الأهمية، ويرصدوا القوائم للعاملين بغير شهاداتهم، فإن وجدوا لهم شاغرا، وضعوهم في المكان المناسب.
فشبابنا بحاجة إلى العمل بشهاداتهم، التي لم تخرج بسهولة بالنسبة إليهم أو لذويهم، بل خرجت من تعب الأب وآهات الأم وصبر الابن، فهل يكون جزاؤهم أعمالا لا تناسب شهاداتهم أو عقلياتهم، التي حتما ستكون مفيدة في الدولة؟!
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2371 - الثلثاء 03 مارس 2009م الموافق 06 ربيع الاول 1430هـ