العدد 2779 - الجمعة 16 أبريل 2010م الموافق 01 جمادى الأولى 1431هـ

ويمر الزمن

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ويمر الزمن بنا، وتصبح الأيّام الحلوة التي عشناها، والأحزان والآلام التي مررنا بها، مجرّد ذكريات، فنُغلق أعيننا بين تارة وأخرى، وتجول الذكريات بما حوت من ماضٍ طويل، فنتذكّر ونتمنّى رجوع تلك اللحظات التي مضت، وفي خِضم ذلك نفتح أعيننا مرّة أخرى ونواصل الحياة.

فليُغلق أحدكم عينه، وليتذكّر موقفا جميلا في حياته، ولينظر إلى الجوانب الطيبة في الموقف، وسبب فرحته عندما رآها عابرة مرّة أخرى، وما كان ينويه لو رجع به الزمن، ليضيف الى هذه الذكريات الجميلة مواقف أجمل.

وبعد فترة من الوقت أغلقوا عيونكم مرّة أخرى، وتذكّروا ذلك الموقف المحزن في حياتكم، وتفكّروا لو عاد بكم الزمن، كيف ستنتهون منه بدون جروح، وابحثوا عن تلك الكلمة «البلسم» التي قد تُذهب عنكم وعمّن تحبون مرارة هذه الذكرى.

توقّفوا أعزّائي، وانظروا حولكم، فالزمن يمر، وعقارب الساعة لا ترجع الى الوراء، لذلك اجعلوا أيّامكم ذكريات جميلة ومفيدة، حتى تلك التي ستؤلمكم في يوم ما، فإذا وضعتم نصاب أعينكم الفائدة من ذلك الموقف السيئ، وتذكّرتم الخبرة التي استفدتموها منه، فإنّه سيؤثّر في ميزان قراراتكم المستقبلية، وسيجعلكم شخصيات أخرى تفيض بالذكريات، وستنقلونها إلى أبنائكم بالطبع.

نعرف ذلك الصحافي المرموق في يومنا هذا، الذي قال على الملأ بأنّه لم ولن يكون بهذه القوّة من الكتابة، لو لم تمر عليه ذكرى «طرده» من إحدى الصحف المشهورة في الدولة، عندما تقدّم لوظيفة كاتب عمود عندهم، ولم يوفّق، فذهب الى رئيس تحرير تلك الصحيفة، وسأله عن سبب رفضه إيّاه، عندها ابتسم الرئيس، وأخبره بأنّه لا يصلح للكتابة ولا حتى كتابة عنوان في مقال ما. وقام بطرده من المكتب!

خرج الكاتب حزينا متألّما، وكلّما تذكّر الموقف بكى وترنّح من الحزن، الى أن اكتشفه رئيس تحرير إحدى الصحف المبدعة، فقام بتوظيفه بسهولة ويسر، وذكر له بأنّ هذه الفرصة أُعطِيت له حتى يثبت بأنّه كاتب مفكّر، فاجتهد وجهد، وأصبح على ما هو عليه الآن.

هذه الذكرى أصبحت جميلة في فكر كاتب العمود المبدع، فكلّما تذكّر قصّة «طرده»، أصّر على النجاح والعطاء، ولو وُظّف في تلك الصحيفة المرموقة، لما أبدع كما يُبدع هذه الأيّام.

يمر الزمن وتمر اللحظات، فاغتنموا الفرصة من الآن، حتى تستفيدوا من مواقفكم الإيجابية والسلبية، ففي يوم من الأيّام قد تتذكّرونها كما تذكّر الكاتب موقف «الطرد» ووظّفه أجمل توظيف، ولتستفيدوا من ذكرياتكم بقنواتها المتشعّبة في مسيرة حياتكم.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2779 - الجمعة 16 أبريل 2010م الموافق 01 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 9:26 ص

      كلام طيب من اصل طيب

      ولاكن .. ما كل ما يتمنى المـرء يدركـه..مشكوره على هالمقال الحلو يا استاذه الله يخليش و يحميش.

    • زائر 2 | 8:44 ص

      الى متى

      أين هي عوامل الفرح والأمل والذكريات فهذه المشاعر إنما تزدهر في زمن الرخاء والاستقرار أما ما نعيشه الآن فهو زمن الخوف والتوجس والقلق ومن ذا الذي يقدر على التأمل والتذكر وهو محاط بكل أنواع المخاطر وهو لا يشعر انه يعيش في وطنه بل إن الأجانب المجنسين من حوله من مصريين وهنود وآخرين ينظرون إليه بنظرات الحقد والتحفز فأين لنا أن نتذكر أو نتأمل.

    • زائر 1 | 2:51 ص

      نعم يمر الزمن

      و لكن أنّى للذكريات المؤلمة أن تذهب و تتلاشى يا أستاذة ، انها كالمرض العضال الذي يسقمك كلما تذكرته ، مقال رائع ليوم أروع ، ومشكورة

اقرأ ايضاً