تسبب اعتقال تسعة موظفين تابعين لمنظمة غير حكومية طبية إيطالية في مقاطعة هيلمند جنوب أفغانستان بتهمة «الإرهاب والاغتيال» في صدمة كبيرة لعمال الإغاثة في جميع أنحاء البلاد. وكانت علاقة منظمة (طوارئ) غير الحكومية مع مسئولي الأمن الأفغان علاقة صعبة.
إذ قال مدير ائتلاف أكبر (ACBAR)، لورنت سيلدار، الذي يضم أكثر من 100 منظمة غير حكومية محلية ودولية في كابول، إن هذه الأخبار شكلت صدمة بالنسبة له. كما وصفها شير شاه، وهو متعاقد في المجال الصحي بإقليم هيلمند، بكونها أخبارا سيئة وغير متوقعة.
في حين عبرت وزارة الصحة العمومية عن «دهشتها» لهذه الأخبار، مشيرة إلى أنها لا تزال تنتظر المزيد من التفاصيل.
وكانت قوات الأمن وأجهزة الاستخبارات داهمت مستشفى في لشكارغا، عاصمة إقليم هيلمند، في 10 أبريل/ نيسان وألقت القبض على ثلاثة إيطاليين وستة أفغان يعملون لحساب منظمة غير حكومية تدعى طوارئ (Emergency). وعقب ذلك، عرض محافظ هيلمند، غولاب مانغال، أمام الصحافيين في مؤتمر صحافي يوم 10 أبريل أحزمة ناسفة ومسدسات وذخائر يُزعم العثور عليها داخل المستشفى التابع للمنظمة. واتهم مانغال مدير منظمة طوارئ في أفغانستان، ماركو غراتي، باستلام رشوة بقيمة 500,000 دولار من مقاتلي «طالبان» والتورط في مؤامرة لاغتياله خلال زيارته للمستشفى. كما اتهم غراتي بـ «القتل المتعمد» للمرضى والمصابين في المستشفى بناء على طلب من حركة «طالبان». من جهته، قال الناطق باسم محافظ هيلمند، داوود أحمدي، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): «إننا لا نتهم منظمة طوارئ بارتكاب جرائم، ولكن لدينا أدلة قوية على قيام بعض موظفيها، وعلى رأسهم غراتي، بدعم الأنشطة الإرهابية والحصول على رشا من قبل طالبان». غير أن منظمة طوارئ نفت أي تورط لها ووصفت الاتهامات بكونها اتهامات «لا أساس لها»، مؤكدة أن «الحقيقة ستظهر عاجلا».
وعلقت رئيسة المنظمة، سيسيليا سترادا، على ذلك متسائلة: «لماذا يخاطر موظفونا الدوليون بحياتهم ووظائفهم لقتل محافظ أفغاني؟». وأضافت أن المنظمة «تشعر بقلق بالغ» بشأن سلامة موظفيها في هيلمند.
أفرج مقاتلو «طالبان» في أبريل 2007 عن الصحافي الإيطالي، دانيال ماستروجياكومو، مقابل إفراج الحكومة الأفغانية عن خمسة سجناء من «طالبان». ولكنهم قاموا في الوقت نفسه بقطع رأس أجمل نقشبندي، مترجم ماستروجياكومو وزميله بعد أن رفضت كابول على ما يبدو مبادلته بسجناء إضافيين من عناصر «طالبان».
وفي مايو/ أيار 2007 اعتقلت قوات المخابرات الأفغانية مدير مستشفى منظمة طوارئ في لاشكارغا، رحمة الله حنفي، بتهمة التوسط في صفقة غير مكتملة مع «طالبان» انتهت بمقتل نقشبندي. وفي رد فعل على اعتقال حنفي علقت طوارئ جميع أنشطتها الطبية الإنسانية في أفغانستان لمدة شهرين. وتعمل منظمة طوارئ في أفغانستان منذ العام 1999، قدمت خلالها الرعاية الصحية لنحو 2.5 مليون أفغاني متضرر من النزاع، حسب المنظمة. وهي تدير ثلاثة مستشفيات في كابول وهيلمند وبنجشير وتدعم 28 نقطة إسعافات أولية في جميع أنحاء البلاد. ووفقا لوزارة الصحة، كانت مستشفيات كابول وبنجشير تعمل في 11 أبريل في حين تم إغلاق مستشفى لاشكارغا في 10 أبريل. وقالت سترادا لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): «لقد احتلت الشرطة الأفغانية مستشفى لاشكارغا ونحن لا نتحمل أية مسئولية هناك».
من جهتها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها لن تعلق على اعتقال العاملين الصحيين في منظمة طوارئ، ولكن متحدث باسم اللجنة الدولية في كابول، بيجان فرنودي، عبر عن أمله في ألا يكون لذلك تأثير سلبي كبير على قدرة المستشفى على توفير الخدمات الصحية في لاشكارغا.
لدى المنظمة في أفغانستان 800 موظف محلي و40 موظفا دوليا، ينص القانون الإنساني الدولي على مراعاة حرمة المراكز الصحية من قبل جميع الأطراف المتحاربة وعدم التعرض للعاملين الصحيين أو مضايقتهم. كما يحق للمقاتلين المرضى والجرحى الحصول على العلاج مجانا.
ويعتقد بعض عمال الإغاثة أن بعض المسئولين في الحكومة فشلوا في فهم أو احترام القانون الإنساني الدولي. فحسب سيلارد من ائتلاف أكبر، «تحتاج منظمات الإغاثة للحفاظ على علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع جميع الأطراف المتحاربة كي تتمكن من الوصول إلى كل المجتمعات وتزويدها بما تحتاجه من مساعدات. ولا يجب أن يشكل هذا مصدر مشاكل بالنسبة لهذه المنظمات». أما شير شاه، فيرى أن الحكومة يجب أن تكون واضحة تماما في مسألة عدم اعتبارها لمعالجة مقاتلي «طالبان» الجرحى أو المرضى بمثابة جريمة. من جهتها، أفادت وزارة الصحة أنها تؤيد الخدمات الصحية «النزيهة والمحايدة «، ولكنها حذرت من أن الحكومة لن تسمح باستغلال العمل الصحي لأغراض سياسية، أو عسكرية أو أية أعمال غير قانونية أخرى.
العدد 2778 - الخميس 15 أبريل 2010م الموافق 29 ربيع الثاني 1431هـ