اتخذت قمة الأمن النووي التي استضافها الرئيس الأميركي، باراك أوباما خطوة نحو الحد من خطر حصول أية جماعة إرهابية على سلاح نووي لكن التقدم الفعلي يتوقف على وفاء الدول بالوعود التي قطعتها.
وفي القمة التي استغرقت يومين وعقدت في واشنطن بمشاركة الولايات المتحدة و46 دولة أخرى اتفقت هذه الدول على «خطة عمل» اختيارية لتأمين كل المواد النووية المعرضة للخطر على مدى السنوات الأربع المقبلة.
لكن البيان الختامي تخطى خلافات بشأن قضايا مثيرة للانقسام مثل ما إذا كان يجدر الاستمرار في إنتاج اليورانيوم والبلوتونيوم المستخدمين في صنع الأسلحة النووية كما لم يتضمن أي نقاط ملزمة.
ووصف أوباما البيان بأنه «شهادة لما هو ممكن عندما تجتمع الدول معا بروح المشاركة لتبني مسئوليتنا المشتركة ومواجهة التحدي المشترك».
وقال محللون إنه كان من المهم أن تجلس أقدم قوى نووية في العالم وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين على مائدة المحادثات مع الهند وباكستان النوويتين وإسرائيل التي يعتقد أنها تملك أسلحة نووية لكنها لا تؤكد هذا أو تنفيه.
ولم توقع هذه الدول الثلاث على معاهدة حظر الانتشار النووي للعام 1970 التي كانت تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية.
وقال رئيس منظمة المشاركة من أجل الأمن العالمي، كينيث لونجو ومقرها الولايات المتحدة الثلثاء إنه كان من المهم أن تجتمع الدول المتقدمة والنامية وتتفق على أن هناك «مشكلة متعلقة بالأمن النووي وأن تبدي استعدادها للتعامل معها».
وأضاف أن البيان الختامي وخطة العمل مبهمتان وأشار إلى أن تنفيذهما اختياريا.
ومضى يقول «لكن حقيقة أن هذا النقاش يجرى على أعلى المستويات للمرة الأولى مهم للغاية ويجب ألا نغفله».
وتابع أن العمل الفعلي بشأن تحسين الأمن النووي يمكن أن يبدأ الآن. وقال «بمجرد انطفاء الأنوار الليلة... على الزعماء أن يعكفوا على التنفيذ على الفور».
ويقول مسئولون أميركيون إن هناك نحو ألفي طن من اليورانيوم والبلوتونيوم المستخدمين في صنع الأسلحة، لكن خبراء في حظر الانتشار النووي يقولون إنه يوجد بشكل شبه مؤكد كميات أكبر لم يعلن عنها قط.
ويرى محللون أن الإرهابيين يمكنهم من الناحية النظرية صنع قنبلة نووية بدائية لكنها فتاكة أو ربما يصنعون شيئا أكثر إتقانا إذا توافر لديهم المال الكافي والخبرة الفنية والكمية اللازمة من المواد الانشطارية. وهم يقولون إن جماعات مثل «القاعدة» تحاول الحصول على العناصر التي تصنع منها القنابل النووية.
ويمثل الحصول على المواد المستخدمة في صنع الأسلحة أكبر تحد وهذا ما يجعل تأمين تلك المواد بهذه الأهمية.
كما أن تحسين الأمن النووي له تداعيات على قطاع الطاقة النووية للأغراض المدنية الذي ولد من جديد في السنوات الأخيرة وذلك إلى حد ما لأنه لا ينتج غازات تذكر مسببة للاحتباس الحراري وتضر بالمناخ.
وأشار ديفيد أولبرايت، وهو مفتش سابق على الأسلحة بالأمم المتحدة ورئيس مركز أبحاث معهد العلوم والأمن الدولي إلى الخلافات بشأن الاستخدام المدني للبلوتونيوم.
وقال «أوباما مستعد لتنحية اعتراضاته (المتعلقة باستخدام البلوتونيوم) جانبا للإبقاء على مشاركة فرنسا. «وفرنسا هي واحدة من أكبر منتجي العالم لوقود (ام.أو.اكس) النووي الذي يصنع من البلوتونيوم المعاد تدويره.
وأضاف أولبرايت أن فرنسا - التي تحصل على 80 في المئة من الكهرباء من الطاقة النووية وهي أعلى نسبة في العالم - كانت قلقة من احتمال استغلال أوباما القمة لإبراز مخاطر الطاقة النووية والتقليل من شأن فوائدها.
ولكنه قال إن أوباما لم يفعل ذلك وأدركت فرنسا أن القمة يمكن أن تكون مفيدة لمجال الطاقة النووية.
ومضى أولبرايت يقول إن نجاح القمة أو فشلها سيتوقف في نهاية الأمر على ما إذا كانت كل دولة ستفي بالوعود التي قطعتها.
كما سيتوقف النجاح على استمرار القيادة الأميركية.
ويقول محللون إن تأمين المواد النووية سيكون بداية طيبة لكنه غير كاف. وحث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون العالم على حظر إنتاج المواد المستخدمة في صنع القنبلة النووية.
ويبحث مؤتمر نزع الأسلحة المدعوم من الأمم المتحدة في جنيف والذي تشارك فيه 65 دولة فرض مثل هذا الحظر منذ فترة طويلة. لكن باكستان منعت بدء المفاوضات قائلة إن ذلك لن يكون في صالحها في مواجهة الهند التي خاضت معها ثلاث حروب منذ الاستقلال العام 1947 .
العدد 2778 - الخميس 15 أبريل 2010م الموافق 29 ربيع الثاني 1431هـ