في اعتقادي أنه يستحيل الفصل بين السعودية والبحرين، فعلاقة هذين البلدين ببعضهما بعضا قديمة أزلية واتخذت مناحي متعددة بعضها يقوي البعض الآخر، ولاتزال هذه العلاقات تزداد يوميا بعد آخر...
التاريخ الجغرافي يحدثنا أن «البحرين» هي المنطقة المعروفة الآن بالأحساء والقطيف بالإضافة إلى دولة البحرين الحالية، وهذا المصطلح يؤشر بوضوح إلى عمق الترابط بين جميع أجزاء هذه المنطقة الحيوية.
هذا الواقع أدى إلى وجود ترابط أسري كبير بين أسر البحرين من وأسر المنطقة الشرقية - خاصة - من جهة أخرى، كما أدى وجود التصاهر بين هذه الأسر وترابطها بعلاقات اجتماعية واقتصادية متميزة.
ويحدثنا التاريخ أن العلاقات السياسية بدأت بين البحرين والسعودية منذ عهد الدولة السعودية الأولى ثم الثانية وبعد ذلك في عهد الملك عبدالعزيز (رحمه الله) ووالده الإمام عبدالرحمن بن فيصل (رحمه الله).
ومعروف أن الإمام عبدالرحمن بن فيصل قام بزيارة للبحرين في حدود العام 1876م/ 1293هـ وكان ذلك في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة (رحمه الله) قد مضى له على حكم البحرين نحو سبع سنوات.
وبعد ذلك استمرت العلاقات على أحسن حال بين البلدين إذ قام الملك عبدالعزيز بزيارة البحرين سنة 1929م/ 1348هـ، وتبادل مجموعة من الرسائل المتميزة مع الشيخ عيسى بن علي، ثم قام الشيخ برد الزيارة للملك عبدالعزيز.
وكرر الملك عبدالعزيز هذه الزيارة مرة أخرى بعد نحو عشر سنوات من زيارته الأولى، وكان برفقته ابنه سعود ولي العهد آنذاك كما كان برفقته نحو ثلاثمائة رجل، وقد قوبل بترحاب كبير من شيوخ البحرين وشعبها، ونزل في قصر القضيبية.
ولما أصبح الأمير سعود ملكا على السعودية زار البحرين سنة 1937م/ 1356هـ، وتوطدت علاقته بشيوخها، وقد سار إخوته حكام السعودية على نهجه ونهج والدهم في حسن العلاقة والجوار مع الدولة الشقيقة البحرين من تلك العهود وحتى اليوم...
وكما قلت فالعلاقات السعودية البحرينية متنوعة، فهناك علاقات اقتصادية قديمة بدأت من أيام الغوص الذي اشتهرت به البحرين فكان تجار السعودية يتجهون إلى البحرين ببيع لؤلئهم هناك، كما كان يبيعون التمور والماشية وبعض المصنوعات اليدوية الأخرى...
ونعرف - اليوم - أن السعودية هي الشريك التجاري الأول للبحرين، وأن هناك اتفاقيات تجارية لتسهيل التجاري بين البلدين، وقد تعززت التجارة بين البلدين بعد افتتاح جسر البحرين الذي سهل تواصل المواطنين بعضهم مع البعض الآخر وكذلك سهولة وصول البضائع إلى كلا البلدين.
ونعرف - أيضا - أن هناك شركات سعودية في البحرين ومثلها في السعودية من الشركات، وهذا التبادل يصب وبقوة في التلاحم بين الشعبين.
العلاقات السياحية والثقافية بين البلدين في أحسن حالاتها، فهناك أيام ثقافية مشتركة، كما أن فعاليات الجنادرية يحضرها - غالبا - ملك البحرين كما أن للبحرين جناحا في الجنادرية يعدّ من أفضل الأجنحة الخليجية وأقواها...
وهناك تسهيلات، أخرى بين البلدين تساهم في تقوية العلاقات السياحية، مثل عدم ختم الجوازات والسفر بالهوية الوطنية، وكذلك قيام البحرين بتشجيع السياحة العائلية وسواها من التسهيلات التي نراها بين البلدين...
علاقات السعودية بالبحرين - كما قلت - علاقات متميزة وهي مرشحة للمزيد من التميز في مختلف المجالات لان كل المعطيات تؤكد ذلك...
الأشياء المشتركة كثيرة، سياسية واقتصادية، والمصير مشترك والتحديات واحدة، وبالتالي فإن العمل إزاء كل ذلك يجب أن يكون مشتركا وقويا ومن الأفراد والحكومات...
ولعلّي في مقال آخر أتحدث عن جوانب أخرى من هذه العلاقات التي يرعاها ملكا البلدين والله الموفق.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 2777 - الثلثاء 13 أبريل 2010م الموافق 28 ربيع الثاني 1431هـ