بعد أسبوعين من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 نشرت إحدى الصحف الأميركية تحليلا سياسيا عميقا عن جذور السخط الإسلامي على أميركا. كان عنوان التقرير «لماذا يكرهوننا؟». وكان الرئيس الأميركي جورج بوش طرح السؤال نفسه قبل ذلك ببضعة أيام، وقدم جوابا على سؤاله، فقال «لا أستطيع أن أفهم لماذا يكرهوننا، لأني أعرف كم نحن أناس خيِّرون». وتم ترديد التفسير نفسه على لسان بوش الذي قدم دائما صورة مثالية لأميركا تبعث على التقديس. ولم يكن أمام الرئيس الأميركي - وقد انطلق من مقدمة نرجسية - سوى أن يقدم تفسيرات لما حدث غاية في التبسيط.... «لأنهم لا يعون التمييز بين ما يفيدهم وما يضرهم... ونحن نريد تقديم الأفضل لهم دائما» (فعلا كلمات تتطابق والأفعال).
«لماذا يكرهوننا؟» يبدو من هذا السؤال المقلوب أن العالم اكتشف فجأة، وتحديدا منذ 11 سبتمبر إياه! أنه يعاني من مشكلة حب مفقود بين شعوبه وحضاراته! فصارت مصطلحات الحب والكراهية والعداء والصراع من أكثر المصطلحات رواجا في أدبيات السياسة أخيرا. لكن المدهش أنه بقدر ما انتشر مصطلح الحب بقدر ما غاب تماما مصطلح الضمير! فلماذا يتهم البعض المسلمين والعرب بأنهم يفتقدون حب الآخر ويميلون إلى كراهيته من دون أن يتساءلوا عن الحال التي آل إليها الضمير الغربي تجاه قضايا ومآسي العرب والمسلمين؟ وهل يكون هذا العالم عادلا ومنطقيا حين يطلب أحد طرفيه من الطرف الآخر أن يمنحه كل الحب، بينما يتحلل هو من أدنى مراتب الضمير؟!
إن الحب والضمير حال تمثل تزاوجا رائعا وتضمن علاقة سوية! أما الخلل فيهما فلا ينجب سوى الشك والأنانية! فهل يريد الغرب منا علاقة سوية تقوم على الأخذ والعطاء الفكري والمنفعي، أم ينتظر منا علاقة نعطيه فيها أسواقنا وثقافاتنا وثرواتنا ثم يعطينا الفتات؟! وفي الأحوال كافة متى يقتنع العالم في النهاية بأن الحب الذي يبحث عنه يحتاج بدوره إلى ضمير؟
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 694 - الجمعة 30 يوليو 2004م الموافق 12 جمادى الآخرة 1425هـ