كان الطريق صحراويا وطويلا، عندما توجهنا مع الفريق الصحافي العربي من القاهرة المزدحمة إلى منطقة «عين السخنة» الهادئة، والتي لولا احتضانها لورشة «حقوق الإنسان» الجادة لما أحسسنا بسخونتها الناعمة!
على رغم الابتعاد آلاف الكيلومترات من المنامة إلى القاهرة، فإن «القضايا الحقوقية العالقة» لدينا تكاد تنسخ نفسها من هنا إلى هناك أو العكس.
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي تشمل نحو 2300 عضو، ولها 17 مكتبا فرعيا في مختلف محافظات مصر، أنشئت العام 1985 كفرع من المنظمة العربية لحقوق الإنسان. وعندما أرادت أن تستقل أو أن «تلعب بذيلها»، رفضت وزارة الشئون الاجتماعية طلبها بدعوى وجود منظمة أخرى تعمل في المجال نفسه، وهي «الجمعية المصرية لحقوق الإنسان». وعلى رغم سلسلة الأخذ والرد والطعن، وصدور حكم محكمة القضاء الإداري لصالحها، فإن الوزارة لاتزال ترفض تنفيذ الحكم! أما وزارتنا المطابقة لها في الموقف وهي وزارة العمل والشئون الاجتماعية فقد رفضت طلب مشروع جمعية «الاتحاد الطلابي» بدعوى وجود «مجلس طلبة» له الاختصاصات نفسها!
الفرق بيننا وبينهم ان للحركة الحقوقية «المُؤطرة» لديهم تاريخ طويل، وان العاملين في منظماتهم الحقوقية ليسوا متطوعين بل يحصلون على مخصصات مالية، والمجلس القومي لحقوق الإنسان (الوليد حديثا) والذي اعتمدت الحكومة «نهجا غير ديمقراطي» في تعيين أعضائه، على رغم ذلك فمازالت بعض الأوساط الحقوقية في مصر تنظر إليه بقلق، وفيما يحلو للبعض اعتباره «مجرد واجهة لتجميل الحالة السيئة لحقوق الإنسان» يعتبره آخرون «خطوة إيجابية اتخذت نتيجة ضغوط خارجية».
ويكاد قانون الجمعيات لدينا رقم (21) والصادر في العام 1989 أن يكون منسجما مع قانون جمعياتهم رقم (153) الصادر العام 1999، فكلاهما يرسخان «سيطرة الحكومة على القطاع الأهلي».
إنه لمن المفرح، أن تواسي شعوب الشرق بعضها بعضا، فلسنا من يعاني فقط من القوانين المقيدة للحريات (قانون العقوبات، قانون الاجتماعات العامة، قانون المطبوعات)، فمازالت مصر تعاني من قانون الطوارئ، الذي يجيز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وسلسلة من القوانين المقيدة الأخرى!
لا داعي للبكاء لحكايات الشرق التي رافقتنا هنا وفي «عين السخنة»... وثمة فسحة كبيرة ليست للأمل بل للمواساة، فكلنا في «الحقوق» شرق
العدد 694 - الجمعة 30 يوليو 2004م الموافق 12 جمادى الآخرة 1425هـ