امتلأت غضبا يوم الخميس الماضي عندما فتحت صحيفة "الحياة" اللندنية لأقرأ تفاصيل الأخبار البحرينية. .. الأخبار التي منعتنا النيابة العامة ووزارة الإعلام من نشرها "من أجل مصلحة الموقوفين" على حد تعبير وزير الإعلام... نعود إلى الوراء من دون مقدمات ومن دون تبريرات، وبقرار صدر للمرة الثانية خلال عامين، ولا نعلم كم مرة سيصدر في الشهور المقبلة. "الحياة" اللندنية مسموح لها أن تغطي أخبار البحرين، وهي تباع في البحرين، وما على البحرينيين إلا التوقف عن شراء الصحف البحرينية والتوجه نحو الصحف غير البحرينية للاطلاع على أوضاع بلادهم، تماما كما كان الأمر في أيام قانون أمن الدولة. حينها كانت "الخليج" الإماراتية تبيع أكثر من الصحف المحلية، و"الشرق الأوسط" و"الحياة" تنشران كل ما هو ممنوع على الصحف المحلية. وكنا إذا أردنا معرفة ما تود قوله الحكومة نقرأ "الحياة" و"الشرق الأوسط" اللتين تحصلان على معلومات خاصة تصلهما من مسئولين في الحكومة. وكانت تلك التصريحات "من مصدر مسئول" مباشرة ومن دون لف ودوران، وكثير منها كانت تصريحات "عنصرية" و"طائفية"، بالإضافة إلى كونها "دكتاتورية". كانت سوق الصحافة البحرينية هابطة جدا، لأن "المصدر الرسمي" الذي يمرر الأخبار النوعية إلى "الحياة" و"الشرق الأوسط" لا يمنعها عن الصحف المحلية فقط، وإنما يوجه ويحث الصحافيين المحليين على كتابة أعمدة الشتم وتحليلات الذم لكل ما يتصل بالمطالب الحقوقية والدستورية. في الأسبوع الماضي اعتصم أهالي الموقوفين الستة أمام النيابة العامة، وذهبنا لنغطي الخبر، وبعد الانتهاء من إعداد المادة التحريرية والصور، اتصلت شخصيا بسعادة النائب العام الشيخ عبدالرحمن بن جابر آل خليفة وقرأت عليه الخبر، وسألته عما إذا كان هناك أي تجاوز للقرار، لأننا لم نذكر أية تفاصيل عن التحقيقات، وهو ما كان يتحدث عنه القرار، فأشار "مشكورا" بأن الخبر لا يتعارض مع قرار المنع. رخصت للمحرر بنشر الخبر، ولكنني عدت الساعة الثانية عشرة "منتصف الليل" وسحبت الخبر، لأن المشكلة أن لدينا وزارة الإعلام، وستفعل بالضبط ما فعلته العام الماضي. ففي العام الماضي أرسلت أحد موظفي الوزارة ليسجل دعوى ضد "الوسط" ويكتب محضرا طويلا عن مخالفتنا قرار المنع، وبعد ذلك ستقول الوزارة "كما قالت في المرة الماضية" إنها ليس لها أية علاقة برفع القضية، وإن محامي المحتجزين هو الذي اشتكى على "الوسط"، على رغم أن ما جرى كان واضحا جدا. في العام الماضي نشرت كل من وكالة الأنباء الفرنسية "من المنامة"، ووكالة الأنباء الألمانية "من المنامة"، وصحيفة "الشرق الاوسط" "من المنامة" أخبارا عن الموقوفين. والخبر الذي نشر لم يكن مخالفا لقرار المنع آنذاك أيضا، لأنه لم يتطرق إلى محتويات التحقيق بل ذكر الافراج عنهم آنذاك، فقمنا بنقل ما ذكرته الوكالات "التي كتبت من المنامة"، وخلال 42 ساعة كان موظف وزارة الإعلام قد أكمل تسجيل دعوى ضدنا. أنا متأكد أن الأمر كان سيتكرر الأسبوع الماضي، وكانت وزارة الإعلام ستقوم بما قامت به في المرة الماضية، ولن تعترف بالترخيص الشفوي من النيابة، وستجرجر "الوسط" في المحاكم، في الوقت الذي مازلنا نجرجر منذ العام الماضي حتى الآن، وكأنها محاكمة العصر التي لا يمكن أن تنتهي. هنيئا لـ "الحياة"، وهنيئا لكل صحافي يعمل في مؤسسة غير بحرينية، لأننا خاضعون لأوامر وقرارات تسري على البحرينيين بصورة لا تتناسب مع أي من الطروحات الإصلاحية، التي أجمعت عليها أكثرية شعب البحرين. هنيئا لكل من ليست له علاقة بالبحرين، لأنه يتمتع بالبحرين أفضل من البحريني، وهذه هي عذاري "تسقي البعيد وتحرم القريب". "ملاحظة: أخبرتني ام أحد المحتجزين بأن "الوسط" ممنوعة من الدخول على ابنها بدءا من الاسبوع الماضي، وأقترح عليها ان ترسل صحيفة أخرى بدلا من "الوسط" لان بعض الوسائل والصحف لايطالها ما يطالنا ... وهنيئا لهم!"
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 694 - الجمعة 30 يوليو 2004م الموافق 12 جمادى الآخرة 1425هـ