يروى ان هناك بطتين في إحدى جزر الواقواق، واحدة كانت تأكل العشب وتشرب من الجدول منذ سنوات وتفقأ عيون الطيور، وأخرى جديدة على المهنة، لم ينبت لها الريش بعد، ولكنها منذ بداية تعلّمها سرّ المهنة ودخولها السوق قبل سنة واحدة، أخذت تتعلم أكل البرسيم الأخضر وتشرب من الجدول ولكنها تشترك في فقء عيون الطيور أيضا.
كانت المنافسة بينهما تشتد، وكلٌ منهما تجرّ النار لقرصها، حتى توصلتا إلى اتفاق على اقتسام السوق. لكل منهما حصة معلومة. ولأن المنافسة شديدة ما فتأت كل منهما تبتكر الطرق الجديدة للحصول على برسيم أكثر وفقء مزيد من العيون.
فكرت البطة الأولى في أكل آذان الطيور لتزداد سمنة ويزداد بطنها انتفاخا، وخصوصا انه لم يعد للطيور من قيمة بعد فقء عيونها، فقامت البطة الاخرى بمجاراتها في أكل الآذان.
ولأن البطة الجديدة مازالت تتعلم الدرس من غريمتها القديمة الخبيرة في السوق، لذلك فكّرت في ابتكار طريقة أخرى تثبت بها انها على مستوى المسئولية والكفاءة والقدرة الفنية والعصرنة. من هنا تفتق ذهنها عن طريقة جديدة، فاقترحت ان تنخر الجمجمة لتمتص بمنقارها الذي لم يتصلب بعد ما بداخلها من مخّ طري، وهكذا أثبتت «فهلوتها» للطيور!
البطة الخبيرة لما رأت ما صنعت غريمتها غارت ونفشت ريشها وصرخت قائلة: «أنت لست أحسن مني، ولا أذكى مني، ولا أفضل من حضرتي»، وصدر القرار باستخدام الطريقة نفسها في نخر الجمجمة وامتصاص المخ بمنقارها الصلب العنيد.
وهكذا دفعت الطيور ثمن المنافسة في سوق الاتصالات الحديثة وسيادة «الموبايل»، وفي فترة الانفتاح وفتح الأسواق وتحرير التجارة، من عيونها وآذانها ومخوخها، وبدل أن تكون البطة الجديدة عونا للعصافير، أصبحت عليها فرعونا من الطراز الحديث
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 693 - الخميس 29 يوليو 2004م الموافق 11 جمادى الآخرة 1425هـ