أحيانا أجد وقتا لأهرب من مشكلات الصحافة، التقط كتابا وأجلس لأقرأه مع قهوة الصباح، يوم أمس رحت أقرأ كتاب «نحن والطائفية» لرئيس وزراء لبنان السابق سليم الحص. أضحكني الحص وهو يسخر بأصحاب القلوب المستعارة في لبنان عندما يتمسحون بالوطنية صباحا ثم يبيعونها ليلا في أسواق النخاسين... يقول سليم في ص9 «اللبنانيون يمارسون الطائفية حتى في حديث التبرؤ منها أو محاربتها». وهذا يذكرني بقول أحد الشعراء مخاطبا محبوبته:
أقسمت ألا أذكر اسمك مرة أخرى، فاذا بي اقسم باسمك
حقيقة، الضفادع الطائفية موجودة في كل مكان، ونقيقها يملأ الوادي السياسي والإداري وحتى الاجتماعي، تراها تنعكس على مستوى التوظيف والابتعاث وتوزيع كعكة الدرجات والترقيات والرتب فمكنتها تشتغل يوميا، ولا يمكن لاحد ان يقول انها تأتي صدفة ولو كانت كذلك لسقطت النظرية الفلسفية التي يعتمدها الفلاسفة لإثبات وجود الله وأن الكون بهذه الدقة لا يمكن ان يكون صدفة او عبثا. لست هنا في مقام القاء الحجارة على نافذة أحد، ولكن ترك الحبل على الغارب قد يضيع علينا بلح الشام، وحتما سيخسرنا عنب اليمن.
عندما تغيب القوانين وتكسر مبادئ تكافؤ الفرص، تصبح مقولة الوحدة الوطنية في ضياع ويُتاجَر بها لأجل المصالح الخاصة. دور المثقفين ان يلعبوا «صح»، ويعملوا على ترسيخ الوحدة بالارقام والوثائق وتطبيق القوانين، وطبعا من دون ثياب مستعارة ومن دون مساحيق او اقنعة. وحتما ستكون لذلك كلفة إذ لابد من تقديم كبش فداء لأن الدخول في مثل هذه الامور لا يجعل الانسان يخرج منها سالما، فهناك دكاكين زرعت لتوزع العلب الغازية مصحوبة بالمفرقعات، دكاكين الفتنة كثر واقناع الزبون بخطر هذه البضائع قد يسبب الكساد والانكسار لمثل هذه الدكاكين، ولكن كل ذلك لا يهم مادام من أجل الوطن ومن أجل ترسيخ العدالة وفضح المتورطين في ذلك.
لا شك ان البعض سيقول: ان ذلك سيزعج بعض المسئولين من وزير هنا أو مدير عام هناك أو... نقول: فلينزعج الوزير فالوزير ليس هو الله. المهم ان تنتصر المساواة والعدالة والوطن، المهم ان تطير عصافير الحرية من قفص الفئوية. ليس مطلوبا من الصحافة ان تصبح بائعة هوى تبيع الضحكات الكاذبة والابتسامة البلاستيكية بالاقساط على طريقة الاسلوب الهابط والرخيص وعلى طريقة ثقافات «الجنكل بار»، عندما يصبح المسئول منشغلا بقطع اصابع الصحافة في حين تبقى الاصابع الحريرية تعبث بالأمن الاجتماعي، وتوزع الحسد الذاعر على طاولات السياحة الرخيصة. قد يأتي يوم وتنكسر الجرة السياحية وهنا قد يدخل الاصلاح ويبدأ تنظيف قلعة السياحة ولا يكون هناك مكتب سياحي صوري أو ناد بلا ترخيص أو موظف عادي يعطى له سبانخ باباي كل صباح أو لا يكون هناك انتقاء في تجريم الفنادق وألا تكون هناك عيون نائمة ساعة بدء المخالفات من رقصة البراقع أو من ركضة النواعم على طاولات السكرة مع الزبائن ولا من اقامة حفلات جنس ثالث ولا رابع مع سكوت المسئول على رغم علمه بما قبل اقامة مثل هذا الحفل أو ذاك. ثقافة الجنكل بار يجب ان تنتهي حتى ننعم بالسياحة النظيفة.
ليست الكتابة فن فضيحة وانما هي فن اصلاح ما يمكن اصلاحه بمنطق وبموطنية وباتزان. انتهى زمن منع التجول في المحظورات لذلك يجب ان نضع ايدينا على الجرح كي نضع العلاج، وهذه الفكرة تجعلني ادخل سراعا لقضايا وطنية اتطرق اليها الآن.
خريجو المعهد العالي من البحرينيين (80 متخرجا). أعلم انكم تعبتم من التسويق وأنا ايضا تعبت من الكتابة في هذا الموضوع، وكذلك القراء ملوا من ذلك سنتين والكلام مازال هو الكلام... في اتصالات هاتفية وعد الوكيل المساعد ابراهيم جناحي بأن معادلة الشهادة على الابواب... الوكيل انسان وطني صادق ولا نعلم الى الآن من الذي يعرقل الموضوع كلما قارب على الانتهاء، نتمنى ان المسألة عفوية. ولكن اعتقد ان لو كان أحد المتخرجين ابنا لاحد ابناء المسئولين في الوزارة لبُتّ في الموضوع. وزارة التربية أكثر الوزارات ابتلاء بالمسئولين المعشعشين منذ سنين، وأنا قلت سابقا: ليس بالضرورة عندما يكون الوزير اصلاحيا أن تصبح الوزارة اصلاحية.
هذه نقاط يجب أن نثيرها لاحقا وسترون بأم أعينكم ماذا أعني. طبعا ليس كل الوزارات، ولكن هنا من .... ليل نهار.
إشارات
- قامت هيئة التقاعد بخصم 72 دينارا من راتب مواطن علما بأن هذا المواطن انتهى قرضه منذ سنة كاملة... راجعهم فقالوا له: آسفين مجرد خطأ.
- نشكر من ساهم في دعم والدة الطفلين المعوقين أم نورالهدى بعد نشر المقال اذ تم التبرع بـ 750 دينارا، وبقي تقريبا 7000 دينار (رقم الحساب 274215918 بنك البحرين الوطني).
- نتمنى من وزير العمل ان ينظر الى حال الكثير من الطلاب الفقراء، فغالبيتهم لا يستطيعون دفع رسوم شهادة الدبلوم الوطنية العليا.
- جاءني اتصال يوم أمس من مكتب الوزير محمد المطوع عن نشر اسماء المترشحين للوظائف عبر الصحافة. وستكون هناك صورة توافقية لذلك كما جاء رد كتابي من الديوان سيتم نشره.
- نشكر وزيرة الصحة على خطوة تمديد ساعات العمل للمراكز الصحية وعلى تصريحها بأن مركز النخيل الصحي للمحافظة الشمالية سيبدأ انشاؤه في العام 2005.
- نتمنى من ديوان الخدمة المدنية البت في موضوع علاوة خطر لموظفي وزارة الكهرباء، وان يكون هناك تعويض يتناسب مع الاخطار التي يتعرض لها العاملون... والوزارة في طريقها لتوزيع أدوات السلامة.
- ما الدور الذي ستقوم به وزارة الداخلية لسفن المواطنين المحجوزة في قطر؟
- الى متى سيبقى خريجو الخدمة الاجتماعية واللغة العربية والجغرافيا التطبيقية ضائعين؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 692 - الأربعاء 28 يوليو 2004م الموافق 10 جمادى الآخرة 1425هـ