العدد 692 - الأربعاء 28 يوليو 2004م الموافق 10 جمادى الآخرة 1425هـ

دروس المرجع «فضل الله» للأستاذ «علاوي»

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

نتمنى أن يكون رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي استوعب الدرس جيدا من سماحة العلامة السيدمحمد حسين فضل الله، فبحسب وكالات الانباء، فإن الحديث تناول محورين مهمين بالنسبة إلى العراق. الأول تأكيد المرجع فضل الله: «أن يناط الدور في العراق بالامم المتحدة، لا أن تدار الأوضاع من خلال القوات المتعددة الجنسية التي تعمل لحساب المصلحة الأميركية أولا وأخرا»، وأما المحور الثاني فأكد فيه السيدفضل الله «أن تدار الامور في العراق بالكثير من الدقة والحكمة والرصد والمتابعة بالنظر إلى خطورة المرحلة ودقة الأوضاع في العراق...».

هكذا، عبّر السيدفضل الله عما يمكن وصفه بالشعور الجامع للأمة بشتى منابعها الايديولوجية وتنويعاتها الفكرية المناضلة الشريفة، ولكن... وعلى الجانب الآخر لم يخرج علاوي عن موجبات المجاملات الدبلوماسية حين قال بعد اللقاء، بحسب مكتب المرجع، «أبدى احترامه وتقديره الشديدين لسماحة السيدفضل الله، مشيرا إلى متابعته الدائمة لأفكاره وما يصدر عنه من مواقف واجتهادات، ومؤكدا أهمية الدور الذي يقوم به سماحة السيد على المستويين العربي والاسلامي»... ولكن هل استوعب علاوي الدرس من سماحة العلامة؟ هذا السؤال محوري وتكمن في طياته، نتائج ومعطيات وأجندة الحكومة العراقية المنصبة بواسطة الولايات المتحدة.

إن مواقف العلامة فضل الله من الحرب على العراق ابتداء، التي سطرها في عدة فتاوى وإجابات وافية، صافية لا يحجبها غربال المتقلبين ولا مجاملات المتملقين. فإبان الاستعداد لشن الحرب على العراق أصدر العلامة فتوى «تحريم التعامل مع قوات الاحتلال»، إذ قال: «لا يجوز مساعدة أميركا أو أي من حلفائها على ضرب الشعب العراقي أو تمكينها من السيطرة على مقدراته الاقتصادية وثرواته الطبيعية وسياسته العامة لأن الله يحرم إعانة الكافرين على المسلمين والمستكبرين على المستضعفين»، وبعد أن نشبت الحرب كان موقف فضل الله مماثلا ومتناغما مع طموحات الشعوب العربية والإسلامية حين قال: «إننا ندعو المسلمين وكل الأحرار في العالم إلى الوقوف بقوة ضد هذه الجريمة والمواجهة الجادة للاحتلال كله والبعد عن تصديق شعاراتهم في اعتبار أن حربهم حرب تحرير».

هذه مواقف «فضل الله». فهل علاوي التزم بها وقدّرها حق قدرها، واحترم معانيها ومدلولاتها، أم أنه انقلب على عقبيه، وراح يتعامل مع الأميركان لآخر المسرحية، وأباح لهم سفك دماء الأبرياء؟ وها هو الآن يحاول «توريط» الدول العربية في المستنقع العراقي، وما طلبه الأخير من مصر بالمساهمة مع قوات الاحتلال، إلا تأكيد لعدم احترامه لفتوى العلامة وآرائه بهذا الخصوص!

إن تصريحات رئيس الوزراء العراقي بعد لقائه المرجع وجولته على بلدان مجاورة، يثبت أن الرجل لم يستوعب دروس المرجع الديني الكبير، وذلك ليس بغريب على «الحكام» من أبناء جلدتنا العربية والإسلامية، فكم من «رئيس دولة» أو «حاكم» يستمع للمراجع والعلماء ويطأطأ رأسه تصديقا وإيمانا بما يقولونه؛ ولكن ما إن يتولى عنهم حتى يتولى غيرهم، وكما قال الله سبحانه وتعالى: «ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين» (المائدة: 51)... «فهل من مدّكر»؟ (القمر: 16)؟

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 692 - الأربعاء 28 يوليو 2004م الموافق 10 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً