العدد 692 - الأربعاء 28 يوليو 2004م الموافق 10 جمادى الآخرة 1425هـ

صاحب «الخبز الحافي» تحول من الصديق الحميم إلى الأناني المغرور

الأديب المغربي إدريس الخوري:

من بين الوجوه البارزة التي حضرت ملتقى المرأة والكتابة في دورته الرابعة بمدينة أسفي، كان الأديب المغربي إدريس الخوري الذي وجه كلمة للحاضرين خلال حفل تكريم الأديبة المغربية خناتة بنونة.

«الوسط» اغتنمت هذه الفرصة، وأصرت على لقاء الأديب إدريس الخوري الذي قلما يمنح مقابلات صحافية، فأمدها بهذه المقابلة التي تحدث فيها عن المشهد الثقافي المغربي والتحولات التي طرأت عليه في ظل حكومة التناوب، كما تحدث عن عدد من الموضوعات كعلاقة المثقف بالحزب في المغرب، ومكانة اتحاد كتّاب المغرب، وإلى غير ذلك من الموضوعات... إلا أن أبرز ما جاء في حواره فتحه النار على صديقه الأديب الراحل محمد شكري صاحب مؤلف الخبز الحافي، والذي اتهمه بالغرور والأنانية والتنكر لأصحابه.

لنستمع للأديب المغربي إدريس الخوري:

في الآونة الأخيرة قلّت شهية إدريس الخوري في الكتابة ما مرد ذلك؟

- لم تقل شهيتي لكتابة القصة القصيرة، بل العكس زادت كتاباتي، ولدي الآن نصوص جديدة وأخرى في طور الإنجاز، ولذلك أجد نفسي بحاجة إلى التريث لكي اقدم وانشر نصوصا في المستوى محاولا أن أسجل قفزات نوعية في قادم الأعمال، كما أني أرى أن الكتابة القصصية اصعب من كتابة الرواية، باعتبار أن القصة تنبني على عالم مكثف وعلى عالم آني وعلى لحظة زمنية في مكان معين. لذلك أرى أن القلة في الإنتاج ليست موقفا بقدر ما هي تأمل في الذات والموضوعات، والتأمل في تقنية الكتابة، مع ذلك فإني أرى أن المقالة تأخذ مني وقتا كثيرا، لأنني مطالبا بمقالات أسبوعية من قبل عدد من المنابر الإعلامية المغربية منها وحتى العربية، وهذا ما يجعلني بالأساس مقلا في نشر القصة بالشكل الذي كنت عليه سابقا عندما كنت اشتغل ضمن الصحيفة.

هل هذا يعني أن القراء على موعد مع إصدار جديد في المدة القليلة المقبلة؟

- بالفعل، فبقوة الله ومشيئته، فأنا الآن بصدد إصدار مجموعة جديدة، سأحاول أن أنشرها خلال الأسابيع المقبلة، وستكون جاهزة للنشر مع الدخول المدرسي المقبل.

سؤال يتكرر في كثير من الحوارات التي تجرى معكم، بعد كل هذا العطاء لم نسمع بعد عن سيرة ذاتية للأديب إدريس الخوري؟

- فعلا طرح عليّ هذا السؤال كثيرا، وأجبت عنه باستفاضة كبيرة، فالمسألة تتعلق بانشغالات والتزامات كثيرة تأخذني من كتابة السيرة الذاتية، ولا أخفيك أني كتبت أجزاء مهمة منها، إلا أني لا أخفيك بالمقابل أني مدفوع إلى أشياء أخرى والتزامات تبدو لي أكثر أهمية من العودة إليها. مع ذلك أخبرك أن كتابة السيرة الذاتية ليست بالشيء الصعب يلزمها فقط وقت ونظام زمني منظم ومحدد، وهذا ما افتقده حاليا، إذ أن تفكيري وجهدي مشتت هنا وهناك، لذلك فالوقت يمر من دون أن أنهي هذا المشروع.

من المعروف أن إدريس الخوري عضو في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ما نوع الارتباط الحالي بالحزب؟

- أنا أولا لست حزبيا بالمفهوم الحرفي للكلمة، فأنا اعتبر نفسي محسوبا على اليسار وتحديدا اليسار الثقافي، وبالتالي لم يكن من طموحاتي أن أكون حزبيا، إذ إن هذا يعني أنه يجب عليك أن تكون مناورا وأن تكون ملتبسا وأن يتماشى مع هذا وذاك، إضافة إلى ذلك فرهاني أنا بالدرجة الأولى هو رهان ثقافي وأدبي، مع ذلك فأنا أعتبر حزب الاتحاد الاشتراكي وهو الحزب اليساري التقدمي جديرا بالاحترام، إذ قدم لي يد المساعدة في بداياتي واحتضنني، لكني مع ذلك لم أكن في يوم من الأيام مرشحا لكي أكون حزبيا ضيقا، فعملي كمثقف أراه يتماشى مع الخطة السياسية والثقافية والتقدمية للحزب.

ما دور الكاتب والمثقف في المؤسسة الحزبية في المغرب؟

- اعتقد أن دوره متمم ومكمل لما هو سياسي، وأنا أظن، أن أي حزب في العالم لا يخلو من العنصر المثقف، إذ إن هناك مناضلين مثقفين في صفوف الأحزاب الاشتراكية في كل من فرنسا والبرتغال وإسبانيا والمغرب يخدمون الحزب بتصوراتهم وافكارهم وهذا ما جعل حزب الاتحاد الاشتراكي في المغرب مليئا بالمثقفين والأطر الكفؤة.

وأرى انه من الضروري أن يكون المثقف ملما بالوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في بلاده، وعارفا بالقضايا والإشكالات المطروحة في المجتمع، حتى لا يكون نتاجه الفكري بعيدا عن واقعه الاجتماعي، وأن يكون بالتالي قادرا على تحليله وهذا هو دور المثقف العضوي في الحزب، ولا أقول المثقف الحزبي. لأن هذا يجعل الأول قادرا مع الاختلاف حتى مع القيادة السياسية للحزب.

في هذا الإطار، إلى أي مدى كان صوت إدريس الخوري مسموعا من قبل قيادة الحزب؟

- أولا ليس لدي مباشرة مع القيادات السياسية للأحزاب، مع ذلك فهذه القيادات أو جزء منها تجمعني بهم علاقات صداقات مبنية على الاحترام المتبادل وعلى الاختلاف أيضا، منذ بدايات عملي في صحيفة «العلم» الناطقة باسم حزب الاستقلال المغربي فحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من خلال صحيفتي «المحرر» ثم «الاتحاد الاشتراكي»، ما جعل الغالبية منهم يفتخرون أني أنتمي إليهم وإلى فضائهم الثقافي والإعلامي.

شهد المغرب في الآونة الأخيرة تحولا سياسيا أوصل اليسار لأول مرة إلى سدة الحكم، ما التأثير الذي كان لهذا التحول على المشهد الثقافي المغربي؟

- لم يكن هناك تحول كبير بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أقصى ما يمكن أن يقال أن تجربة التناوب في المغرب كانت تجربة فريدة في العالم العربي، وكان يمكن أن تكون ناجحة بشكل أكبر لولا بعض الإكراهات السياسية والاقتصادية في البلد، وبالتالي لم يطرأ تحول جذري، بل هناك تحول نسبي خصوصا في المجال الثقافي، إذ إن تفويت وزارة الثقافة لشاعر وصحافي هو الصديق محمد الأشعري أثر تحولا واضحا على المشهد الثقافي بالبلاد في صبغته الرسمية. إذ بدأت وزارة الثقافة في طبع «الكتاب الأول» للكتّاب المغاربة الشباب، وبدأت في نشر الأعمال الكاملة للأدباء المعروفين أمثال زفزاف وغلاب وأنا وعبدربه وعبدالكريم الطبال، كما بدأت في دعم الأعمال المسرحية، وهذا ما لم تقم به الحكومات السابقة، وبالتالي سجل لحكومات التناوب.

بعد سنوات عدة، ما رأيكم في مكانة اتحاد كتّاب المغرب وفي التطور الذي عرفته المؤسسة، أنتم الذي انضممتم إلى صفوفها في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1968؟

- في الحقيقة مر بعدة مراحل انطلاقا من ترأسه في البادية من قبل المفكر محمد الحبابي وحمل إلى حد ما الطابع الرسمي، بعد أن عمل الحبابي على ضم عدد من الدبلوماسيين وموظفي وزارة الخارجية إلى صفوف اتحاد الكتاب، بعد ذلك جاءت مرحلة عبدالكريم غلاب التي كانت في نظري مرحلة جمود، إلا أن أهم مرحلة كانت خلال رئاسة اليابوري، ومرحلة محمد برادة فمحمد الأشعري، فالمرحلة الأخيرة برئاسة الزميل الشاعر حسن نجمي، وهي مرحلة مهمة إذ شهد اتحاد كتاب المغرب تحولا جذريا من خلال تحمل رموز اليسار الثقافي في السنوات الأخيرة مسئولية الاتحاد.

وأهم شيء يحسب لاتحاد كتاب المغرب خلال السنوات الأخيرة هو مغادرته للمركز ممثلا في الرباط والدار البيضاء ليمتد إشعاعه إلى عدد من المدن والمناطق المغربية التي كانت مهملة: صفرو، بني ملال، طنجة، فاس؛ كمدينة أسفي التي نحضر فيها اليوم ملتقى المرأة والكتابة في دورته الرابعة، وهو تحول مهم.

قلتم إن من رفع لواء اتحاد كتاب المغرب هو المثقفون اليساريون، ألا يمكن أن يتهم البعض المؤسسة بأنها يسارية ومنغلقة على أصحاب هذا التوجه؟

- لا أعتقد ذلك، بالعكس، فالكثير من الكتاب والشعراء الأعضاء في اتحاد كتاب المغرب هم غير ملتزمين سياسيا، إذ إن الاتحاد أبوابه مفتوحة فقط في وجه من هو مبدع بالدرجة الأولى دون أي اهتمام بالخلفية الحزبية للأعضاء. واسمح لي أن أقول لك إن هذا الاتهام يقوله فقط بعض المناوشين والمزايدين على عمل اتحاد كتاب المغرب.

باعتباركم من رواد كتاب القصة القصيرة في المغرب، ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعة «الكوليزيوم القصصي» التي أسست من قبل عدد من كتّاب القصة الشباب، ما رأيكم في هذا الأمر؟

- أنا لست ضد ظهور أي جمعية أو مؤسسة ثقافية، بل العكس هذا يصب في خدمة المشهد الثقافي في البلاد، ويقويه بأسماء جديدة، المهم عندي هو أن يضيف هذا «الكوليزيوم» شيئا ما للساحة الثقافية بشكل عام والقصة القصيرة بشكل خاص، لكن الظاهر هو العكس فصحفنا تتحدث عن الخلافات الداخلية بين أعضاء الكوليزيوم، وهذا للأسف شيء سلبي يحدث في بعض الجمعيات التي تحاول أن تكون بديلة أو مضادة لمؤسسة من حجم اتحاد كتاب المغرب.

باعتباركم من بين أبرز المثقفين المغاربة، ما تعليقكم على رفض صديقكم الأديب بوزفور حديثا تسلم جائزة الدولة للكتاب، هل لديكم أي تعليق على هذا الأمر؟

- ما يمكنني أن أقوله، إن هذا الموقف هو موقف شخصي، خاص به، ولا يمكنني أن أعلق عليه.

أديب آخر جمعتكم به صداقة طويلة، يتعلق الأمر بالراحل محمد شكري كيف تتذكر هذه الصداقة، خصوصا ونحن على مشارف مرور سنة كاملة على تكريمه قيد حياته خلال موسم أصيلة الماضي؟

- أولا شكري كان صديقا حميما على مدى عقود، إلا أنه عندما أصبح مشهورا تغير سلوكه، وأصبح جدا أنانيا ومغرورا إذ تنكر لأصدقائه وفي مقدمتهم أنا، واتهمني بأني أحسده وأحقد عليه إذ شتمني شتما مجانيا من خلال عدد من التصريحات الصحافية، بل على العكس من ذلك قمت بعيادته أثناء فترة مرضه لأكثر من مرة، مع ذلك أنا أغفر له وأسامحه، لأنه الآن بات بين يدي الله.

بعيدا عن الساحة الأدبية المغربية، هل لديكم أي اطلاع على ما تحبل به الساحة الأدبية في منطقة الخليج العربي؟

- نعم قرأت لعدد من الأدباء الخليجين، خصوصا من عمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة، واحتفظ بصداقات كبيرة مع عدد من الوجوه هناك، وأقرأ لعدد منهم. وأعتقد أن أدب منطقة الخليج بدأ الآن يعرف عن نفسه من خلال عدد من الكتابات والإصدارات والمجلات، وهذا عنصر إيجابي.

بعد هذه المسيرة الطويلة، هل إدريس الخوري راضٍ على مسيرته؟

- الأمر يتوقف على القراء والنقاد، أما أنا فأعتقد أني أعطيت ما أمكنني إعطاؤه، وأنا مازلت مطالبا بالعطاء، ما يمكنني قوله، هو أني أتمنى أن أكون قد أضفت شيئا ما إلى القصة المغربية.

في المقابل ما الذي كنت تصبو إليه ولم يتحقق؟

- لم يكن لي أي طموح، إلا أن أكون كاتبا فقط لا غير





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً