النواب في البرلمان يستطيعون ان يعملوا الكثير على رغم محدودية صلاحياتهم وكذلك هي الصحافة وكذلك هي مؤسسات المجتمع المدني... القضية ليست قضية قوانين فقط، وانما توازنات سياسية وفوق ذلك يجب ان تعرف كيف تدير اللعبة السياسية بحرفنة واتقان حتى تصحح ما يمكن اصلاحه. عندما دخلت الى ملف الاوقاف لم احتج الى خيوط سبايدر مان للدخول ولا مصباح علاء الدين ولا خاتم سليمان... كذلك الأمر بالنسبة إلى ملف التقاعد كان محاطا بأسلاك حديد... صحيح ان ملف الوزير سيف اصبح مصفحا ضد التساؤلات ولكن لم تكن اللعبة كلها في يد السلطة التنفيذية. السلطة - بموقعها - لعبت صح وقامت بحملة تلفونية وزيارات مكوكية للنواب وخلقت جوا عبر الصحافة وعملت كل ما في وسعها كلاعب سياسي، في المقابل اصبحنا نحن نلعب من بعيد واضعين يدنا على خدنا... وعلى رغم ذلك لم نيأس فموضوع التقاعد يمكن فتحه من زوايا اخرى.
قضية انقطاع الكهرباء كان بإمكاننا ان نفتح تحقيقا في الموضوع وان نلاحق الوضع... صحيح ان الوزير جديد على الوزارة ولكن اعتقد ان هناك اعدادا كبيرة عشعشوا في الوزارة. ما يزعجني في الوزارات هو اللوبيات وعملية جر النار إلى القرص، البعض يقول ان الصحافة يسيل لعابها كثيرا لمعرفة على من ترسو - مثلا - المناقصات؟ هل لبعض المتنفذين علاقة بإرساء المناقصة على الاهل والاحبة والآباء والاخوان، من هم الوكلاء لذلك؟ هذه الاسئلة تحتاج إلى اجابات في كل وزاراتنا لأن احيانا الاخطاء تقع هنا والكارثة تسقط على الموازنة. المهم لا اريد ان استرسل في الموضوع ولكن اعتقد اننا لو فتحنا تحقيقا محايدا لقضايا تتعلق بالتأجير او قسم المشتريات او المناقصات وهل هناك عطاءات ام لا وهل تفصل المناقصة وفق قياس هندسي دقيق لينطبق على صنف معين؟ اقول: لو فتشنا سنصدم بالواقع... هنا يأتي دورنا، فالعملية ليست كلها برلمان، والدليل الآن الانجازات لا تتحقق فقط عبر مباركة البرلمان. احيانا بعض النواب يصبحون متوزرين اشد من الوزير وتخال بعضهم موظف علاقات عامة... اذا القضية ابعد، واعتقد ان مؤسسات المجتمع المدني لو انها دخلت في موضوع التأمينات والتقاعد بقوة لربحنا جزءا كبيرا من العملية وكذلك موضوع الاوقاف وكذلك ملف طائفية التوظيف في المصارف والوزارات والمؤسسات الخاصة والعامة... اعطيكم مثالا: ملف تثبيت الاطباء... هذا الملف كان متعبا ومقلقا وكان بعض المسئولين يقول للاطباء «سووا اللي في راسكم» «التثبيت رابع المستحيلات»... هو يقول ذلك... تعب بعض الاطباء واصبح الطبيب اقل حظا ساعة توزيع غنائم الصحة، واسمحوا لي اذا ما قلت غنائم... مر عام ونصف ونحن نعمل في الموضوع ليل نهار ومن كانوا في الموضوع يعلمون ذلك وان ما أقوله ليس كلاما اعلاميا. لو تركنا المسألة الى ان تحل القضايا القانونية او على بعض نواب البرلمان خصوصا طرزانيي الصحافة لما حل الموضوع... بعد كل ذلك تم التثبيت وكسبنا قضية وطنية تصبح وساما على صدورنا وهي تثبيت 342 طبيبا وكي ننصف المرحلة يجب ان نقول: اننا لو كنا ايام قانون أمن الدولة لما حدث ما حدث، عندما تكون عندك قضية يجب قبل كل شيء ان توفر جميع اركانها لتصبح متكاملة ومن ثم تجعل منها قضية وطنية ثم تعمل على اقناع المسئول بصحة القضية ويجب ان تشتغل على الارض قبل ان تنشغل صحافيا. هذا ما اقصده عندما اطالب بعملية التصحيح من الداخل، ليس معنى التصحيح ان تبصم بالعشرة على كل شيء، ابدا، بل اعني تأخذ القانون وتعمل على تطبيقه سواء احرج الوزير ام لم يحرجه. مثال على ذلك: هناك مبدأ دستوري ان المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات وان الكفاءة هي المعيار في الاختيار والتوظيف... الخ. المادة الدستورية هذه مصنوعة بعجة البقلاوة ومن يقرأها يشعر بحلاوتها ولا شك يرى انها «غمست» قبل ان تقنن في العسل... شيء جميل خذ المادة واذهب بها لتطبقها على الوزارات... اولا وثق التجاوزات في التوظيف ومن ثم اعرضها على هذه المادة العسلية ثم هرول بالاثنين للصحافة ثم اخبر السلطة بأي تجاوز... العملية صعبة ولكن اعتقد بكاء الخنساء على جريرة مبدأ التكافؤ اصعب لان الثاني لا يحرك ساكنا ولا يزيد الحزين الا بكاءه. يجب ان نخرج من عملية جلد الذات إلى مرحلة العمل ويجب ألا نعبأ بمن يلقي علينا الحجارة، قد نخطئ في الطريق ولكن المهم ان ننجح عددا كبيرا من الملفات. جاءتني اتصالات من القراء تسألني عن وزارة الاعلام وهل هي ستكون الملف القادم؟ وهل هنالك مفاجآت؟ قلت لهم: القضية ليست قضية مفاجآت وانما القضية قضية اصلاح وتصحيح. يجب أن ندفع المشروع الإصلاحي إلى الأمام حتى لو وجدت عراقيل هنا او هناك. جلالة الملك دعا إلى السياحة النظيفة وهناك قرارات تحظر بعض الممارسات الخاطئة التي تجرى في قطاع السياحة في الفنادق أو المطاعم السياحية... بعض هؤلاء يستغلون عدم معرفة الجمهور البحريني بالقرارات والقوانين ويخالفون الجميع. مثال على ذلك هنا تعميم يحظر التنقيط بالورد والتاج لكن 95 من الفنادق تقوم بذلك وفي وضح النهار، لأن هناك لا مبالاة او عملية تستر أو ارباحا مشتركة. قال لي احد اصدقائي ذات يوم: لماذا لا تتكلم عن الفساد الخلقي والسياحة الرخيصة عبر المحاضرات التي تلقيها على الجمهور؟ قلت له: اسهل ما في العملية ان اندد ميكرفونيا. لا أحد سيسمعني. اذا اردنا بإرادة جدية تنظيف السياحة فلنعمل مهنيا وبالتوثيق على طريقة ملف الاوقاف سيغنينا ذلك عن آلاف الخطب التي نلقيها سنويا عن السياحة الرخيصة. المهم لا اطيل عليكم بدأت العمل منذ شهرين في جمع المعلومات والتجاوزات والاخطاء لاصلاح الوضع، ولا اخفي عليكم اني انفتحت على عالم مليء بالالغاز و«البلاوي» فقلت «يا غافلين اليكم الله». مازلت اجمع الوثائق، اعاين الاماكن ولو من بعيد والنظر من بعيد يكفي ليحكي ما بداخل المكان، جلست مع بعض اصحاب الفنادق والمطاعم، سمعت من بعض الاهالي الحكايات وتسلمت شكاواهم. ان الاصلاح الاخلاقي هو من اهم الاصلاحات. عندما نقوم بعملية التنظيف يعني اننا خدمنا اسلامنا وثبتنا الاصلاح وسيكون ذلك ذخرا لنا في آخرتنا.
اشارات
- ديوان الخدمة المدنية اشكركم على الاتصال لكن الرد لم يصلني بعد.
- البعض يتساءل ما هذا التخبط؛ رسوم احد المعاهد تفوق رسوم جامعة اكسفورد.
- ما قصة الفئوية عند ادارات التوظيف في الوزارات؟ متى ستنتهي؟
- ما دخل تخصص «ديكور» بالـ «هندسة»؟
- مؤسسة رسمية يتم التوظيف فيها عبر الهاتف.
- اعلان تم نشره في الصحافة في دولة عربية عن طلب مهندسين لاحدى الوزارات. سأتكلم عنه لاحقا.
- ما قصة شهادات الترخيص السياحي المنتهية منذ فترة تصل إلى سنتين؟
- متى سيرى قانون السياحة النور؟
- التراجع عن التقاعد المبكر خطوة في الاتجاه الصحيح.
- تجاوزات كثيرة إذا، نسأل: كم يبلغ عدد المفتشين السياحيين الموظفين في وزارة الاعلام؟ الرقم مضحك ومخيف ويحكي عن (...) بصمت.
- ما قصة الاقصاءات الفئوية في مؤسسة في القطاع الخاص وما دور مسئولة التوظيف؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 690 - الإثنين 26 يوليو 2004م الموافق 08 جمادى الآخرة 1425هـ