قبل أيام وردت أخبار مفادها، أن الاستخبارات التركية أصبحت تنتشر بشكل كثيف في كركوك، وإنهم يأتون من دون إذن من أحد وانهم يأمرون ويفعلون كما يشاؤون، وخبر آخر يقول إن وفد وزارة الخارجية التركية زار كركوك من دون علم أحد أو انه لم يخبر أحدا بأنه سيأتي إلى كركوك ولم يكشف النقاب عن أهداف زيارتهم، وخبر ثالث مفاده أن العرب اختطفوا أبناء مسئولين أكراد، وردّ الأكراد باختطاف شخصين من العرب.
لا شك ان هذه الأخبار لا تأتي من فراغ، إذ هناك عاملان يلعبان دورا مهما في ترجيج صورة كركوك:
الأول: دور النظام وخلق ثقافة الفتنة بين الأوساط المتداخلة هناك، أي بين القوميات التي من المفترض أن تكون متآخية. والثاني دور التداخلات الإقليمية وخصوصا الدولة التركية التي من المفترض أن تلعب دورا إيجابيا وتشجع كل الأطراف على بناء ثقافة التصالح ومراعاة المصالح وتطلعات بعضهم. وذلك لسبب بسيط هو أن استقرار العراق أو كردستان العراق يصب في المصلحة التركية. في الحقيقة صاحبة البادرة الأولى لخلخلة وضع كركوك هي تركيا، فأنقرة هي بادرت باعلان الحرب النفسية والتجسسية على الأكراد، فهي مرة تظهر حرصها الشديد على وحدة أراضي العراق، وأخرى تطالب بحقوق تركية «مغتصبة» في أراضي كردستان، وثالثة تبدي قلقها على مصير الأقلية التركمانية متناسية أن الاكراد والتركمان عاشا جنبا الى جنب منذ القدم في كردستان العراق وبعد تأسيس الادارة الذاتية للأكراد العام 1991، دخلت علاقات الاكراد مع التركمان والاقليات القومية الاخرى مرحلة جديدة في ظل الادارة الكردية.
الا ان الآمال سرعان ما تبددت بسبب تقاطع هذه العلاقات مع المصالح التركية نتيجة أطماع تركيا التاريخية في منطقتي الموصل وكركوك النفطيتين، وبسبب انعدام الثقة بين أنقرة والأكراد من جهة أخرى. وسرعان ما ترجم ذلك صراعا حادا نجم عنه تدخل أنقرة السافر في الشئون الداخلية للأكراد وإعلان «الجبهة التركمانية» حربا «دونكيشوتية» على حكومة اقليم كردستان. في الحقيقة ان تركيا لم تقف مكتوفة الأيدي، بل على العكس انها تحاول مرارا التدخل في شئون كردستان العراق، فمرة تقول: ان «شمال العراق أمانة في يد تركيا... ولن تفرط بها من اجل آمال الاكراد» وانه «جزء من حدود الميثاق الوطني التركي الذي أقره البرلمان العام 1920» مع ان الأكراد يتفهمون الحساسية التركية وتقر كردستان بوجود مصالح لتركيا في شمال العراق كونها دولة مجاورة وأبدوا تفهمهم للحساسية التركية مؤكدين أن كردستان لن تكون مصدر تهديد لأمن تركيا ومصالحها ولهذا اعتقد انه لا داعي أن تتدخل أنقرة في شئون الاقليم والتركمان. هذا الشعور الكردي يتماهى مع شعور الشريحة الواسعة من التركمان أيضا، أذكرأني قرأت مقالا لوليد شريكة - سياسي تركماني - في صحيفة «خبات» الكردية الصادرة في اربيل إذ اعتبر شريكة «ان بعض القوى تعرض افكارا ساذجة لا تصب في مصلحة الشعب التركماني، وتدعو إلى تقسيم كردستان وفق مشروعات أعدتها أجهزة أمنية لأطراف متورطة في الشأن التركماني».
كركوك
بعد أن سقط النظام العراقي، وسيطرت قوات التحالف على المدن العراقية بدأت التعقيدات التي خلفها النظام العراقي السابق تظهر على السطح، وأهمها التغيير الديموغرافي في كردستان العراق اذ قام بتعريب المناطق الكردية والتركمانية في شمال العراق، وكركوك منذ 1974 -وهناك من يقول منذ 1968 حصل ترحيل العائلات الكردية التركمانية قسرا من المناطق النفطية في محافظة الموصل وكركوك، وخصوصا بعدما أصر القادة الاكراد في مفاوضاتهم مع النظام على ضم كركوك ومناطق الموصل الى منطقة الحكم الذاتي في المدة الواقعة بين (1970 و1975) لان الملا مصطفى بارزاني كان يرى ان مدينة كركوك هي «قلب كردستان ولا يمكن التنازل عن القلب». وهناك من يشبهها بـ «القدس كردستان» وقد رد المفاوض العراقي في تلك المرحلة بدعوة الوفد الكردي الى نسيان كركوك «كما نسي العرب الاندلس» إلى أن انتهت فترة الوئام بين الاكراد والنظام العراقي وبدأت جبهات الحرب بين النظام والاكراد الى ان تمت المقايضة بين النظام العراقي وشاه ايران العام 1975 اذ تنازل صدام حسين في حينها عن جزء من الاراضي العراقية الى الدولة الايرانية مقابل كف الشاه الايراني عن دعم الثورة الكردية. ومع حرب الخليج الثانية وبعد الانتفاضة الكردية والشيعية العام 1991 قام الأكراد وبمؤازرة الولايات المتحدة بفتح نافذة للمفاوضات مع النظام العراقي السابق، إلا أن هذه المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، ولعل مدينة كركوك ومسألة الديمقراطية هما أبرز نقاط الخلاف.
وعادت هذه المدينة تطرح مشكلتها بقوة أكبر، طوال فترة الحكم الكردي (الذي أسس في العام 1992 بموجب انتخابات حرة في مناطق الملاذ الآمن التي حددها مجلس بموجب القرار 688) وطرحت المشكلة بحدة وخصوصا عندما عاد إليها الأكراد الذين هاجروا منها منذ أكثر من عقدين وذلك في اليوم الأول لسقوط كركوك، إذ قام الأكراد ومجرد سماعهم بنبأ سقوطها بالزحف نحوها.
بيوت مكتظة على شكل مخيمات في مكان قريب من طريق السليمانية وأربيل ينتظر أهلها الرجوع إلى ديارهم في كركوك، وتتفاجأ عندما تلتقي بعضا منهم فتسمع منهم القول: «يجب على العرب أن يرحلوا» وعندما تقول له ان كركوك مدينة عراقية وبالتالي يحق لكل عراقي السكن فيها، يجيب: نعم... لكن عندما يكون الوضع طبيعيا. لقد خلق النظام السابق أوضاعا غير طبيعية لذلك يجب أن تزال هذه الأوضاع غير الطبيعية. كركوك عاصمة كردستان، هذا التعبير تردده شريحة واسعة من سكان كردستان، وهم مقتنعون بهذا التعبير، ربما هذا التعبير كان موجودا في أحد بنود الدستور المقترح من قبل برلمان كردستان.
وهم يرددون هذا لأن صفحات التاريخ تدفعهم إلى القناعة بذلك، حتى التاريخ الذي كتبه «كتّاب الدواوين العثمانيين» إذ أتت كردية كركوك في أكثر من سالنامات (رسالة السنة) العثمانية إذ أتت في السالنامة (1890-1912) أنّ «سكان لواء كركوك يتكون من العنصر الكردي والعربي والتركماني والكلداني، ويأتي الكرد في المرتبة الأولى والعرب ثانيا، يليهم التركمان» وتؤكد كل الوثائق الكردية والعراقية والعثمانية أن (85 في المئة - هذا الرقم قبل تسلم البعث الحكم) من سكان كركوك وتوابعها هم من الأكراد. في الحقيقة إن الحرب الفعلية بين كردستان وتركيا بدأت قبل نحو ثلاثة أعوام، عندما عقدت الجبهة التركمانية مؤتمرها الذي عُقد في 20/11/2000 وعرضت خريطة لكردستان كانت قسّمت إلى ثلاثة أقاليم هي تركستان وعربستان وكردستان وأعلنت نفسها حكومة ممثلة للتركمان في داخل الحكومة الكردية، ساحبة اعترافها بالحكومة والبرلمان الكرديين، وكما بدأت الحرب عندما وجدت أجهزة الاستخبارات التركية في أراضي كردستان وعندما قامت بعملية إنزال المخابرات في كركوك، لكن يبدو انّ ما جرى كله سهلٌ بالنسبة إلى ما يجري اليوم على أرض الواقع. فالجبهة التركمانية اليوم بالاضافة إلى أنّها تعمل بريموت كونترول تعمل جاهدة على خلق الشقاق بين التلوينات الكركوكية، وتقوم بتحريض العرب المستوطنين على الأكراد وتتستر عناصرها بالزي الكردي وتقوم بعمليات الشغب والنهب والسلب، ولعل ما جرى قبل أيام في مجلس مدينة كركوك هو دليل قاطع على غياب الثقة ومفاعلة ثقافة الإقصاء والإنكار إذ سحبوا أعضاء المجلس من العرب والتركمان بسبب ترجمة الأحاديث إلى اللغة الكردية.
والحال حتى نستطيع استئصال ثقافة التطرف والشعارات بين الأوساط الكردية لابد أن نعمل على إبدال ثقافة الإقصاء والإنكار بثقافة القبول والتعايش المشترك، بقي القول: يبدو أنّ لا خيار أمام الأكراد والتركمان والعرب إلا البحث في سبل إعادة بناء الثقة بينهم ما يؤهلهم ليكونوا عامل الاستقرار في العراق
إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "العدد 689 - الأحد 25 يوليو 2004م الموافق 07 جمادى الآخرة 1425هـ
SHAME ON YOU, WRITER
المعلومات كلها غلط وعيب عليك يا كاتب تكتب هالكلام وتحاول تنشر افكارك واللي هي واضحة انها كلها غلط والظاهر انت اصلا ماقاري التاريخ جيدا ...
اولا المدينة تعرف من اقدم معالمها.. اذهبوا الى مقبرة المصلى سترون انه لايوجد فيها قبور للاكراد ولا للعرب من فترة الخمسينيت وقبلها..انما كلها للتركمان..واذهبوا الى منطقة القلعة والتي هي من اقدم المناطق والتي كان يسكنها الغالبية العظمى من التركمان والاكراد كانوا على عدد الاصابع فيها وانا مستعد بتعداد لك اسماء العوائل التي كانوا يعيشون هناك من الاكراد..كفاك غلط
""""""""""""""
كلها صحيحه 100%واتمنى ان يشوفوها الاخوان التركمان والعرب