العدد 2370 - الإثنين 02 مارس 2009م الموافق 05 ربيع الاول 1430هـ

التحكيم... شماعة ومشكلة

محمد عباس mohd.abbas [at] alwasatnews.com

رياضة

الحكم هو ما يميز الرياضة ويعطيها بعدها التنافسي الحقيقي من خلال ما يمثله من مبدأ العدالة والحق، ولكونه من يفصل بين الخصمين بقراراته الخاطئة أحيانا والصائبة في كثير من الأحيان.

فالأخطاء التحكيمية جزء لا يتجزأ من الرياضة، وهي جزء من الإثارة والمتعة في اللعبة لكون الحكم بشرا مثله مثل اللاعب والمدرب والإداري يخطئون بشرط عدم وجود التعمد في الخطأ، لأنه حينها فقط يسقط مبدأ العدل الذي قام على أساسه التحكيم.

فكثير من البطولات العالمية الكبرى حسمت بأخطاء تحكيمية ساذجة في بعض الأحيان. وليس بعيدا عنا ضربة الجزاء المثيرة للجدل التي أعطيت للمنتخب الألماني في نهائي كأس العالم 1990 ضد المنتخب الأرجنتيني، وكذلك الهدف الذي سجله مارادونا بيده في مرمى منتخب الإنجليزي، أما الأخطاء التقديرية في احتساب التسلل واحتساب ضربات الجزاء فحدث ولا حرج.

وما ينطبق على كرة القدم ينطبق على جميع الألعاب الرياضية الأخرى، فما دام التحكيم من اختصاص البشر فإن الأخطاء موجودة فيه لأننا في النهاية بشر، ومن دون أخطاء اللاعبين أو المدربين أو الحكام لا تحسم أية بطولة!

والكثيرون، وخصوصا لدينا في العالم العربي، يحملون التحكيم مسئولية النتائج السلبية هربا من مواجهة الواقع، وتهربا من علاج الأخطاء المرتكبة، فيكون التحكيم هو شماعة الجميع!

في الأسبوع الماضي شاهدنا الجولة الأولى في دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، وشاهدنا الإثارة والمتعة في داخل الملعب في بطولة الملايين، ولم نشاهد شيئا بعد انتهاء المباريات، فالمتعة والإثارة تشاهد داخل المستطيل الأخضر وبانتهاء المباراة تنتهي كل الأمور بكل روح رياضية على رغم كل أخطاء الحكام!

أما في دورياتنا العربية فإن الإثارة والمتعة لا تشاهدها خلال المباريات وإنما بعد المباريات من خلال الضرب والركل والألفاظ النابية والشغب الجماهيري، أما في الملعب فليس هناك ما له علاقة بالرياضة أو المتعة الرياضية!

وبعدها تبدأ السيمفونية المعروفة للجميع والتي يكون الحكام أبطالها عادة، وتصرف الأنظار عن الأداء السيئ الذي ظهر عليه الفريق أو المنتخب.

وكما أن الحكام شماعة للكثيرين، فإن بعضهم أيضا يمثلون مشكلة كبرى من خلال عدم علاقتهم بأخلاقيات التحكيم القائمة على العدالة والحق والجرأة.

فعندما يخاف الحكم يسقط التحكيم، وعندما يفقد الحكم الحيادية فتلك مصيبة ما بعدها مصيبة، والحكم الذي يخاف اتخاذ القرار العادل لأي سبب من الأسباب يفقد التنافس الرياضي قيمته.

مشكلة بعض الحكام تكمن في المحاباة وخصوصا في دوري القدم لدينا، ففرق تُعطَى من الوقت الضائع ما دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية وهذا الوقت لا ينتهي حتى تسجل هذه الفرق هدفها، أما ضربات الجزاء الخيالية فحدث ولا حرج وفي أوقات لا يمكن تعويضها، والخوف والتردد هو الأساس، وهناك لاعبون يسيطرون على الحكام فيحتجون ويهينون الحكم أمام الجميع ولا يحرك ساكنا لأنه لاعب منتخب أو من ناد كبير، حينها فقط يسقط التحكيم وتسقط الرياضة وينتهي التنافس الرياضي، لأن الأمور لا تتعلق بأخطاء بشرية تقديرية واردة وإنما تتعلق بخوف وجبن وتردد ومحاباة وهي أمور لا يمكن تبريرها أو علاجها.

حينها فقط تشعر أن وجود مثل هؤلاء الحكام أكبر مصيبة تواجه الرياضة المحلية والعربية، لأن أمثال هؤلاء لا علاقة لهم بتاتا بالرياضة وأهدافها، فهم إما جبناء من الأفضل بقاؤهم في منازلهم، أو أصحاب مصالح وصوليون ويجاملون الفرق الكبيرة ووجودهم يفسد الرياضة.

في كرة السلة البحرينية أثير الكثير عن التحكيم وبشكل لا نشاهده في أية لعبة أخرى، وهذا راجع باعتقادي لقوة الجمعية العمومية في اتحاد السلة من جهة، ولشدة المنافسة بين جميع الفرق من جهة أخرى، ولرغبة البعض في جعل التحكيم شماعة لجميع الأمور، إلى جانب الديمقراطية المتوافرة والتي فرضتها الأندية على الاتحاد على مر السنوات الماضية فباتت عرفا في اللعبة، غير أنه باعتقادي ومن خلال متابعتي المستمرة للعبة أجد أن التحكيم في كرة السلة وعلى رغم الأخطاء الكثيرة هو أبعد ما يكون عن المحاباة أو الانحياز لأي فريق من الفرق، غير أن ما يعانيه بعض الحكام هو الخوف من اتخاذ بعض القرارات المثيرة للجماهير في بعض الأحيان وذلك رغبة منهم في الحفاظ على سير المباراة وهذا ما يجعل الآخرين يتمادون في أخطائهم واحتجاجاتهم!

فالقرار الحاسم في بعض الأحيان يحسم الأمور ويحمي الجميع إذا اتخذ من دون تعسف أو إسفاف.

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"

العدد 2370 - الإثنين 02 مارس 2009م الموافق 05 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً